مصرفيون: تنفيذ صفقات ضمن الطروحات الحكومية بداية لاستعادة الثقة.. لكنها غير كافية
كتبت- منال المصري:
قال مصرفيون إن تنفيذ الحكومة بيع حصص مملوكة للدولة بقيمة 1.9 مليار دولار في برنامج الطروحات يعد خارطة طريق لعودة الثقة في جدية الحكومة في توسيع المجال للاستثمار الخاص، لكن هذه الخطوة ليست كافية للخروج من أزمة الفجوة الدولارية وتعزيز قوة الجنيه بما يتطلب المزيد من تنفيذ الصفقات.
وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة الإدارية الجديدة أمس الثلاثاء، إنجاز بيع حصص مملوكة للدولة ببعض الشركات بقيمة 1.9 مليار دولار ضمن برنامج الطروحات، وأن هناك صفقات أخرى في الطريق للحصول على مليار دولار أخرى.
وتأتي هذه الصفقات المنفذة كأول تحركات كبيرة ضمن خطة الحكومة للتخارج من حصص مملوكة للدولة في 32 شركة ضمن برنامج الطروحات الذي أعلنت عنه في فبراير الماضي لسد الفجوة الدولارية.
وقدر صندوق النقد الدولي الفجوة الدولارية على مصر بنحو 18 مليار دولار خلال 6 سنوات من 2022-2023 إلى 2027- 2028، بحسب ما أفصح عنه في وثائق الاتفاق على التعاون مع مصر في تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي والتي كشف عنها في يناير الماضي.
عودة الثقة لكن المزيد مطلوب
قال طارق متولي، نائب رئيس بنك بلوم سابقا، لمصراوي، إن تنفيذ الحكومة تعاملات تقترب قيمتها من ملياري دولار في برنامج الطروحات تعد نواة للسير على المسار الصحيح للتوسع في جذب تدفقات دولارية من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية.
وأضاف متولي أنه في نفس الوقت لا تكفي هذه الصفقات لسد الفجوة الدولارية أو زيادة قيمة الجنيه مقابل الدولار ولكن الأكثر أهمية هو تأكيد الحكومة أمام العالم على مصداقية الدولة في التخارج من الأنشطة الاقتصادية والترحيب بالقطاع الخاص وتوسيع المجال أمام المستثمرين.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في خروج 22 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة خلال العام الماضي من مصر، بما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار بنحو 96% من 15.76 جنيه في 21 مارس 2022 إلى 30.94 جنيه حتى تعاملات البنوك اليوم، بعد عودة مصر لاتباع سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية.
وبحسب طارق متولي، فإن المستثمرين الذين استحوذوا على حصص في شركات مملوكة للدولة تتوافر فيهم 3 شروط تحتاج لها مصر حاليا لتحقيق معدلات نمو مستدامة.
وتتمثل هذه الشروط الثلاثة، بحسب ما يرى متولي، ضخ أموال جديدة في السوق المصري من موارد ذاتية أو قروض من بنوك خارجية، وليست أموال معتمدة على قروض من بنوك محلية، وكذلك توافر الخبرة لديهم، والأهم أن يكون لدى المستثمر خطة طموحة لتنفيذ التوسعات.
كانت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، قالت خلال مؤتمر صحفي بمجلس الوزراء أمس الثلاثاء، إنه تمت ترسية زيادة رأس المال كحصة أقلية في الشركة الخاصة بمجموعة من الفنادق المملوكة للدولة على شركة أيكون للاستثمارات المملوكة لمجموعة طلعت مصطفى في إطار تحالف مصري أجنبي بنحو 700 مليون دولار.
كما تم طرح حصص في 3 شركات هي إيثيدكو والحفر المصرية، وإيلاب، بنسب تراوحت بين 25 و30% بقيمة صفقات 800 مليون دولار، والتي تم إرساؤها على شركة أبو ظبي التنموية القابضة.
كما تخارجت الحكومة من حصتها البالغة 31% في شركة حديد عز الدخيلة بقيمة 241 مليون دولار لصالح المستثمر الاستراتيجي بالشركة "حديد عز".
وقال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق الدخل والنقد الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، لمصراوي، إن تنفيذ الحكومة تعهداتها بالتخارج من حصص مملوكة للدولة لصالح القطاع الخاص بداية مشجعة على المدى القصير ولكن الأهم الاستمرارية في تنفيذ برنامج الطروحات كما هو مستهدف على مدى أبعد.
وأوضح أن حصيلة بيع الحكومة التي تم الإعلان عنها أمس لا تعد كافية لسد الفجوة الدولارية أو تقوية الجنيه مقابل الدولار في "يومٍ وليلة"، لكنها ستساهم في عودة الثقة الخارجية في قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها وتقليل حجم المخاطر.
وأعلنت وزيرة التخطيط أمس أيضا تفاصيل طروحات أخرى من المرتقب تنفيذها في الشهور المقبلة، وقالت إنه تم قبول العرض الأعلى سعرا بشأن طرح محطة جبل الزيت لتوليد الطاقة من الرياح، متوقعة أن تتم الترسية في أكتوبر، بأكثر من 300 مليون دولار، وذلك بعد إعطاء مهلة فحص نافي للجهالة لمدة 60 يوما.
كما تلقت الحكومة 6 عروض غير ملزمة لشركة وطنية التابعة لجهاز خدمة المشروعات، وتم تأهيل 3 شركات لإجراء الفحص النافي للجهالة، على أن تتم الترسية بين أكتوبر ونوفمبر المقبلين، بحسب الوزيرة.
وقالت السعيد، إن الحكومة لديها خطة خمسية لطرح 21 محطة لتحلية المياه باستثمارات 3 مليارات دولار، وتم تأهيل 17 تحالفا من أصل 90 متقدمين، على أن يتم طرح 4 محطات في الربع الرابع من 2023، مشيرة إلى طرح إحدى محطات شركة سينمس للكهرباء في الربع الأول من 2024.
مصير المراجعة الأولى لصندوق النقد
تنفيذ الحكومة صفقات تخارجها من بعض الشركات لصالح القطاع الخاص قد يفتح الباب لبدء صندوق النقد الدولي في إجراء أول مراجعة على برنامج الإصلاح الاقتصادي التي تم تأجيلها من مارس الماضي بسبب عدم تنفيذ بعض الإجراءات.
وقال محمود نجلة، إن بدء مصر والصندوق الدولي في إجراء المراجعة الأولى لا يتوقف على إبرام صفقات بيع ضمن برنامج الطروحات فقط، لكن يستند إلى حزمة من الإجراءات يريدها الصندوق من مصر.
وتتمثل هذه الإجراءات المطلوبة قبل إجراء المراجعة الأولى في وجود سعر صرف أكثر مرونة في البنوك بشكل يومي كما طلب في وقت سابق، ووجود تخارجات كبيرة من الحكومة في قطاعات أكثر وهي إجراءات تحتاج إلى المزيد من الوقت، بحسب نجلة.
وقال طارق متولي، إن الاتفاق على موعد لإجراء مراجعة صندوق النقد لبرنامج الإصلاح الاقتصادي قد لا يكون متاحا في الوقت الراهن، بسبب تمسك الصندوق بوجود مرونة أكبر على الجنيه مقابل الدولار في ظل عدم وجود تدفقات دولارية قوية على مصر.
ويأتي ذلك رغم توقعات سابقة لصندوق النقد الدولي بأن تساهم موافقته على صرف قرض لمصر بقيمة 3 مليارات دولار تصرف على شرائح 46 شهرا، في جذب تدفقات بقيمة 14 مليار دولار جزء منها من مؤسسات تمويل دولية وإقليمية وأخرى من شراء بعض الشركاء الخليجيين حصصا في شركات مملوكة للدولة.
وتتزامن هذه الإجراءات مع تصريحات أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي منتصف الشهر الماضي تشير إلى استبعاد حدوث خفض كبير ومؤثر في سعر الجنيه مجددا خلال الفترة الحالية بسبب انعكاسه على زيادة تكلفة المعيشة خاصة في ظل الموجة التضخمية التي لا تزال تعانيها مصر بعد خفض الجنيه 3 مرات خلال الـ 16 شهرا الأخيرة.
وقال الرئيس خلال أحد المؤتمرات: "وانت بتقرب من سعر الصرف علينا الانتباه كي لا ندخل في أزمة فوق الخيال، ونحن نتمتع بمرونة في سعر الصرف لكن عندما يتعرض الأمر لأمن مصر القومي والشعب المصري يضيع فيها لأ، عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم إحنا منقعدش في مكاننا".
فيديو قد يعجبك: