إعلان

هل تلتزم مصر بسعر صرف حر للجنيه بعد موافقة صندوق النقد؟

01:52 م الأحد 18 ديسمبر 2022

البنك المركزي المصري

كتبت- منال المصري:

ربط مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، قدرة مصر ممثلة في البنك المركزي المصري على اتباع نظام سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية بوجود تدفقات دولارية قوية لضبط السوق، وتطويع اشتراطات صندوق النقد الدولي بما يتناسب مع الوضع في مصر، وذلك بعد تخصيص دفعة أولى منخفضة لصرفها لمصر من إجمالي القرض.

ووافق صندوق النقد الدولي، في اجتماعه صباح أمس السبت على برنامج تعاون مع مصر لمدة 46 شهرا يتضمن قرضا بقيمة 3 مليارات دولار، مع إتاحة دفعة فورية بقيمة 347 مليون دولار من إجمالي القرض للمساعدة في تلبية احتياجات ميزان المدفوعات ودعم الموازنة.

ويرى مصرفيون، أن قيمة الدفعة الأولى منخفضة للغاية كما جاءت أقل من توقعات وزير المالية محمد معيط الذي رجح في وقت سابق تكون 750 مليون دولار.

ومن أهم المحددات التي تضمنتها حزمة السياسات التي أشار الصندوق إليها في بيانه، والتي يتوقع تطبيقها من السلطات المصرية خلال فترة البرنامج التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن لتعزيز الصلابة في مواجهة الصدمات الخارجية وإعادة بناء الاحتياطيات الوقائية الخارجية، منتقدا انحراف السياسة النقدية في وقت سابق عن هذا المسار.

وقالت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة ورئيسة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إنها ترحب بالتزام السلطات المصرية في الآونة الأخيرة بالتحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن ومعالجة التشوهات الناجمة عن السياسات السابقة من خلال التشديد المسبق للسياسة النقدية والمضي قدما نحو تعزيز شبكة الأمان المالي، بحسب بيان الصندوق.

وقالت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، لمصراوي، إن البنك المركزي يستطيع اتباع سعر صرف مرن للجنيه مقابل باقي العملات الأجنبية الأخرى بشرط وجود اتفاقيات مع الدول الصديقة مثل دول الخليج والمؤسسات الدولية للحصول على تدفقات دولارية تساعده في ضبط السوق.

وأضافت أن تحرير سعر الصرف يلزمه توافر موارد دولارية بهدف تجنب صعود مفاجئ للدولار مقابل الجنيه، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار وارتفاع معدل التضخم.

وتوقع صندوق النقد الدولي في بيانه أن يشجع اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد" أي (القرض) الذي وافق عليه لمصر على إتاحة تمويل إضافي لصالح مصر على مدار البرنامج بقيمة 14 مليار دولار تقريبا من شركائها الدوليين والإقليميين، بحسب بيان من الصندوق في الساعات الأولى من صباح يوم السبت.

وكان أحمد كجوك، نائب وزير المالية قال في وقت سابق، إن مصر ستحصل على 1.6 مليار دولار من 3 مؤسسات دولية قبل نهاية يونيو المقبل لسد عجز الموازنة بواقع مليار دولار من البنك الدولي، و400 مليون دولار من البنك الآسيوي للبنية التحتية وأكثر من 200 مليون دولار من بنك التنمية الأفريقي.

وقال أيمن ياسين الخبير المصرفي، لمصراوي، إن تحرير سعر الصرف أو تعويم الجنيه ليس هو الحل للخروج من الأزمة الراهنة تجنبا للعودة إلى نفس الأزمة وانخفاض سعر الجنيه ووجود سعرين لسعر الصرف.

وأضاف أن الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد تعد منخفضة للغاية "بل قد تزيد من أزمة العملة وعدم ضبط سوق الصرف ولا تناسب احتياجات السوق المصري وربما يؤدي ذلك إلى الدخول في دوامة من تعويم سعر الصرف أكثر من مرة.

وأكد أيمن ياسين ضرورة وجود استراتيجية واضحة لمصر لزيادة تدفقات موارد النقد الأجنبي من الاستثمارات المباشرة والصادرات، والسياحة، وتعزيز تحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وقال عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة، لمصراوي، إنه إذا كان البنك المركزي يستهدف تحجيم التضخم والسيطرة على وتيرة زيادة الأسعار فليس من المصلحة اتباع نظام سعر صرف مرن للجنيه في هذه المرحلة مما يؤدي إلى زيادة المضاربات في السوق السوداء خاصة أن الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي عبارة عن مبلغ ضئيل ولن تفعل شيئا.

وأضاف أن البنك المركزي يقع عليه حاليا دور هام بسرعة التدخل واستخدام احتياطي النقد الأجنبي الذي يتم اللجوء إليه وقت الأزمات الاقتصادية بهدف تمويل الاعتمادات المستندية للسلع الأساسية فورا لتحريك عجلة الإنتاج.

ويرى عضو مجلس الإدارة في أحد البنوك أنه "لا ضرورة للعجلة فى رفع الفائدة أو خفض الجنيه، هل يمكن أن نطلب من صندوق النقد الدولي أن يهدأ قليلاً، وهو يعلم تماما أن المركزي يجب أن يكون مسيطرا على سوق النقد وليس العكس".

وتابع: "بشهادة التاريخ والاختبارات فإن التحرير الكامل لسعر الصرف غالباً لا يفلح في أوقات الأزمات في تحقيق الاستقرار في سوق النقد، خاصة وأن الاقتصاد المصري يعاني من نقص شديد في المعروض من النقد الأجنبي بسبب الأوضاع العالمية السائدة".

وأوضح أن التحرير الكامل يحتاج إلى قدرة مالية ضخمة للسلطة النقدية، هي غير متوفرة الآن، ومن ثم فان التحرير الكامل لسوق النقد يمكن أن يكون له تداعيات مرها أكثر من حلوها "فليبقَ كل شيء على ما هو عليه".

وأضاف المصدر أنه على أرض الواقع رفع سعر الفائدة وتحرير سعر الصرف لن يساعدا في الأجل القصير والمتوسط في معالجة الوضع القائم، ولكي تنجح تلك الأدوات محليا لابد أن تقف العوامل الخارجية المؤثرة سلباً علينا وأولها الحرب الروسية الأوكرانية.

وتابع: "أتمنى أن يبقي المركزي أسعار الفائدة كما هي حتى نهاية العام، ويبدأ في تيسير وتمويل أنشطة الاعتمادات المستندية الاستراتيجية بشكل معقول من مصادر الدولة التقليدية عبر الاستخدام الجزئي والمرحلي للاحتياطي النقدي مع فرض عمولة تدبير عملة لا تقل عن 5% ونصبر حتى نهاية العام حتى تتضح الأمور".

وأكد أن "البنك المركزي من الحكمة والعقل ألا يلاحق إرهاصات السوق الموازية"، متوقعا أن يعلن البنك المركزي في الاجتماع القادم عن مستهدف مرحلي جديد لمعدلات التضخم.

فيديو قد يعجبك: