"تحول للمرونة".. ما سياسة سعر الصرف التي اتبعتها مصر قبل اتفاق الصندوق؟
كتبت- منال المصري:
عبرت مصر، ممثلة في البنك المركزي المصري المسؤول عن السياسة النقدية وضبط سوق الصرف، من اتباع نظام سعر صرف ثابت إلى سعر مرن (تعويم الجنيه) بداية من مطلع نوفمبر 2016، وذلك تزامنا مع بدء حصوله على قرض من صندوق النقد الدولي بهدف القضاء على الدولرة ووجود سعر صرف واحد في البنوك والصرافات.
وتحول هذا النظام بعد بضعة شهور من نظام مرن إلى نظام مدار بهدف السيطرة على معدلات التضخم واستقرار الأوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية، وهو ما أدى إلى استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه لفترة امتدت خلال عام 2021 وحتى 21 مارس الماضي عند مستويات تصل إلى 15.76 جنيه.
ومع التداعيات الكبيرة لحرب أوكرانيا على الاقتصاد العالمي والاقتصادات الناشئة، إلى جانب الرفع المتدرج للفائدة الأمريكية إلى مستويات هي الأعلى منذ سنوات، واتجاه مصر للتفاوض مع صندوق النقد من جديد، وتراجع احتياطي النقد الأجنبي لتغطية الالتزامات، شهد سعر صرف الجنيه هبوطا كبيرا في مارس الماضي، ليتجاوز الدولار مستوى 19 جنيها.
وظل بعد ذلك سعر الصرف مستقرا نسبيا على مستوياته الجديدة إلى أن انخفض الجنيه بشكل ملحوظ من جديد في 27 أكتوبر الماضي مع إعلان البنك المركزي اتباع نظام سعر صرف مرن، وذلك تزامنا مع الإعلان عن التوصل لاتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تعاون جديد لمدة 4 سنوات مع قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وشهد سعر صرف الجنيه تراجعا كبيرا، وارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه بنحو 25.2% مع تطبيق نظام سعر صرف مرن، ليتجاوز سعر صرف الدولار مستوى 24.7 جنيه في البنوك.
وارتفع متوسط سعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك بنحو 8.96 جنيه (بنسبة 56.9%) ليصل إلى نحو 24.64 جنيه للشراء، و24.72 جنيه للبيع يوم الخميس الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي.
وفي تأكيد على الاتفاق الأول، أعلن صندوق النقد الدولي في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، عبر بيان، موافقة مجلسه التنفيذي على برنامج تعاون مدته 46 شهرًا في إطار تسهيل الصندوق الممدد (EFF) لمصر بحوالي 3 مليارات دولار (ما يعادل 115.4% من حصة مصر في الصندوق).
وأعلنت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة ورئيسة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، عبر البيان، ترحيبها بالتزام السلطات المصرية في الآونة الأخيرة بالتحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن ومعالجة التشوهات الناجمة عن السياسات السابقة من خلال التشديد المسبق للسياسة النقدية والمضي قدما نحو تعزيز شبكة الأمان المالي.
كما أكدت أن التزام السلطات بمواصلة تطبيق نظام سعر الصرف المرن والسياسات الاقتصادية الكلية الاحترازية والإصلاحات الهيكلية يمثل "خطوة حاسمة" في ظل تصاعد حالة عدم اليقين والمخاطر المحيطة بآفاق الاقتصاد العالمي.
ويوجد 3 أنواع لسعر الصرف الذي يعتمده كل بنك مركزي في أي دولة لتقييم عملة بلده أمام باقي العملات الأجنبية الأخرى، ويتمثل في سعر صرف ثابت أو مرن بمعنى حر دون تدخل، أو سعر مدار وهو وسط بين السعرين الأولين.
ويخضع تحديد سعر الصرف في أي دولة إلى أمور كثيرة منها قوة اقتصادها وحجم تجارتها الخارجية ومستوى التدفقات الدولارية لديها، وكذلك مدى احتياجها الدائم لقروض خارجية من عدمه، فضلا عن اعتبارات سياسية وأوضاع اجتماعية.
ويقدم مصراوي في السطور التالية الفرق بين 3 أنواع من أنظمة سعر الصرف المتبعة في كل دولة:
سعر صرف ثابت: يقوم البنك المركزي من خلال هذا النظام بتثبيت سعر صرف عملته أمام باقي العملات الأجنبية الأخرى دون تحريك، وهو مأخوذ به في الدول التي تتمتع بفائض كبير من موارد النقد مثل الدول الخليجية، ويساهم في السيطرة على معدلات ارتفاع الأسعار (التضخم).
سعر صرف مرن: يتخلى فيه البنك المركزي عن دعم العملة أي تثبيتها أمام باقي العملات الأجنبية، ويترك تحديد السعر للعرض والطلب، لكنه قد يؤدي إلى الهبوط الحاد في سعر العملة إذا حدث نقص مفاجئ في التدفقات الدولارية التي تدخل إلى الدولة التي تعتمد على هذا النظام وهو ما ينعكس على التضخم بشكل حاد ومفاجئ ويؤثر على مستويات المعيشة.
سعر صرف مدار: يعتمد هذا النظام على تحريك سعر الصرف ضمن مستويات معينة مستهدفة قد تكون قريبة من قيمة العملة الحقيقية في حالة استقرار الوضع الاقتصادي، ولكن مع أي تحركات كبيرة مفاجئة قد تؤثر على سعر الصرف يتدخل البنك المركزي في هذا النظام بشراء أو بيع العملة للبنوك للتحكم في سعر الصرف بما يتفق مع مستهدفاته ووضع احتياطي النقد الأجنبي الذي يملكه.
فيديو قد يعجبك: