بعد قرارات الخميس.. ما مصير مبادرات البنك المركزي ذات الفائدة المخفضة؟
كتبت- منال المصري:
استبعد مصرفيون توقف دعم القطاع الخاص خلال الأوضاع الاقتصادية المضطربة حاليا تجنبا لتسبب مثل هذا القرار في إغلاق بعض المشروعات خاصة في قطاع الصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك رغم قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة 2% على الإيداع والإقراض يوم الخميس الماضي.
وأعلن البنك المركزي المصري يوم الخميس الماضي رفع سعر الفائدة 2% في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية لأول مرة من 5 شهور تزامنا مع إعلان اتباع سياسة سعر صرف مرنة للجنيه مقابل العملات الأخرى، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار بنحو 16% مقابل الجنيه في تعاملات نهاية الأسبوع الماضي.
كما جاء قرار المركزي برفع الفائدة تزامنا مع موافقة صندوق النقد الدولي في نفس اليوم على برنامج تمويلي لمصر لفترة 46 شهرا، بقيمة 3 مليارات دولار، بالإضافة إلى إتاحة مبلغ مليار دولار من صندوق الاستدامة، مع تمويل مصاحب بنحو 5 مليارات دولار من شركاء التنمية.
وتخلق مبادرات البنك المركزي ذات الفائدة المدعمة ضغوطا بجانب عوامل أخرى على ميزانية المركزي مما يكبده خسائر على مستوى صافي نتائج الأعمال بسبب دعمه للفائدة وتسديد الفرق بين سعر الفائدة الحر والمدعم للبنوك.
وتجاوزت خسائر البنك المركزي خلال أخر 5 سنوات من يونيو 2018 حتى يونيو الماضي مبلغ 100 مليار جنيه، بحسب القوائم المالية المنشورة للمركزي.
وكان جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي، قال في وقت سابق من عام 2020 لمصراوي، إن المبادرات التي يطلقها البنك المركزي بفائدة مدعمة تعد أحد أسباب تكبد المركزي خسائر في ميزانياته الأخيرة.
لكن تكلفة السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي من أجل تحقيق استقرار الأسعار في السوق من خلال جمع المعروض النقدي في السوق لكبح جماح التضخم، تتسبب في الجزء الأعظم من هذه الخسائر، وفقا لجمال نجم.
ويطرح البنك المركزي عددا من المبادرات المختلفة بدأت من 2014 وحتى الآن بفائدة مدعمة لتمويل بعض القطاعات الإنتاجية.
وتشمل هذه المبادرات مبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة 5% سنويا، وأخرى لتمويل الصناعة والمقاولات والزراعة والسياحة في 2020 بفائدة 8%، كما يواصل البنك المركزي دعم المبادرة الرئاسية للتمويل العقاري (سكن لكل المصريين) بفائدة 3% لمحدودي ومتوسطي الدخل، وأخرى لشريحة متوسطي الدخل المتميز بفائدة 8%.
وتوقعت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، استمرار مبادرات البنك المركزي لدعم القطاع الخاص مدفوعة بتواصل الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاسها على السوق المصري بشكل غير مسبوق وتداعياتها السلبية على القطاعات المختلفة.
وكان حسن عبد الله محافظ البنك المركزي قال خلال رئاسته للجلسة الرابعة في المؤتمر الاقتصادي يوم الأحد الماضي وقبل إعلان اتباع سياسة سعر صرف مرنة، إن "المهمة الأساسية للمركزي هي السيطرة على التضخم وليس المبادرات.. أه نتعاون ونسق - في إشارة للقطاع الخاص - ولكن لو سيطرنا على التضخم يوصلنا لحتة تانية نتعامل فيها بشكل أفضل".
وأوحى حديث المحافظ باحتمالات توقف البنك المركزي عن دعم المبادرات خاصة مع دعوة صندوق النقد الدولي مصر أكثر من مرة لتوحيد سعر الفائدة والقضاء على التشوهات المتمثلة في المبادرات مدعمة الفائدة.
وقالت سهر الدماطي إن استمرار مبادرات البنك المركزي في هذه المرحلة ضرورة ولو لفترة مؤقتة لحين الوصول بالأوضاع الاقتصادية إلى مرحلة الاستقرار، ويمكن بعد ذلك إلغاؤها.
وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، قال خلال كلمته في المؤتمر الاقتصادي الأسبوع الماضي، إن حجم التمويلات في مبادرة دعم قطاع الصناعة للقطاع الخاص بفائدة منخفضة 8% وصل إلى 345 مليار جنيه في سبتمبر الماضي بعدد 10 آلاف مستفيد في نحو 3 سنوات.
وقال عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة، إن مبادرات دعم القطاع الخاص لن تتوقف في هذا الوقت ولكن ستنتقل مسؤوليتها من البنوك والبنك المركزي إلى وزارة المالية لتحمل تكلفة دعم الفائدة.
وأضاف أن وقف المبادرات أمر مستبعد في الوقت الراهن في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة حاليا، حيث سيؤدي إلغاؤها بشكل مفاجئ إلى إغلاق بعض الكيانات وإفلاسهم وتوقف الدورة الاقتصادية.
وكان هاني برزي، رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية، طالب البنك المركزي خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقدته الحكومة الأسبوع الماضي، إلى جانب عدد من الصناع الآخرين، بضرورة استمرار مبادرة دعم الصناعة بفائدة سنوية على أساس متناقص 8% سنويا في ظل الأزمة الحالية لاستمرار عجلة الإنتاج.
وأوضح عضو مجلس الإدارة أن وقف المبادرات قد يتم مع بدء تراجع سعر الفائدة على الكوريدور وهو متوسط سعر الفائدة على الإقراض والإيداع لدى البنك المركزي وليس في هذه المرحلة التي تشهد زيادة في سعر تكلفة الدين وهو ما لا يستطيع تحملها أي مصنع أو صاحب مشروع صغير ومتوسط.
وقال ماجد فهمي، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقا، لمصراوي، إنه من الصعب إلغاء مبادرات البنك المركزي في الوقت الراهن مع استمرار أزمة سعر الصرف وعدم قدرة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناع على تحمل هذه الأوضاع.
وأضاف أن إلغاء المبادرات ليس قرارا سهلا وقد يؤدي إلى توقف أعمال البعض عن الإنتاج.
وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، وعد الأسبوع الماضي أنه سيكون هناك حلول جذرية للمشكلات التي تواجه قطاع الصناعة وينبع ذلك من إدراك البنك المركزي، بحجم المشاكل التي يمر بها القطاع وعدد الشكاوى المقدمة.
فيديو قد يعجبك: