"تنمر وإقامة وكثافة".. لماذا يلجأ السوريون لمراكز دراسية خاصة بهم؟
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتب- محمد نصار:
آلاف الطلاب السوريين الموجودين في مصر يعايشون أوضاعًا تعليمية متشابهة، دفعتهم عدة مصاعب حكومية وإدارية إلى اللجوء لإنشاء مراكز تعليمية خاصة فقط.
شبكة المراكز التعليمية السورية والتي كشفها "مصراوي" سابقًا، لم تُنشأ من فراغ بل لجأ إليها السوريون هربًا من أوضاع، وصفوها بالصعبة.
مجبورون على المراكز السورية
تحكي هلا السورية، مقيمة في مدينة 6 أكتوبر ولديها طفلة تدعى ماسة، مقيدة بالصف الثاني الابتدائي في مدرسة الحي الأول الحكومية، عن أسباب اللجوء للمراكز التعليمية السورية رغم تسجيل نجلتها في مدرسة مصرية: "الأبنة مُلتحقة بمدرسة سورية وأتوقع أغلب السوريين اللي أطفالهم بأعمار صغيرة بيسجلوا بمدارس سورية".
لجأت هلا للمراكز السورية، بسبب وجود عدة مشكلات تواجه ابنتها الصغيرة في المدارس المصرية، منها صعوبة التأقلم والتواصل داخل المدارس الحكومية المصرية: "يكون صعب عليهن يتواصلوا بمدارس مصرية لأن أساسًا نحن بغربة في البداية صعب يعرفوا يتعاملوا باللهجة، غير أن المصريين أولى بهذه المدارس منا".
كان السبب الثاني خلف هذا التوجه كثافة الأعداد داخل المدارس الحكومية المصرية واكتظاظ الفصول الدراسية بالطلاب: "الأعداد كبيرة بالصفوف، يعني بنتي مثلًا بتبقى كل الدوام واقفة غير صعوبة الفهم بهذا الوضع فوجدنا المدارس السورية معينة لنا ولأطفالنا وتساعد في تخفيف الضغط على المدارس المصرية".
وحول مدى معرفتهم بالوضع القانوني لهذه المراكز السورية، توضح هلا: "طبعًا عرفت بهذا الكلام بعد الأزمة الأخيرة، وفي حال ترخيص المدارس وتعاونت الوزارة معنا بهذا الموضوع ومنحت تراخيص لهذه المدارس، بتوقع ما تكون هناك مشكلة وقتها".
وعن كيفية التوفيق بين مواعيد الدراسة في المدرسة الحكومية المصرية والمركز التعليمي السوري، تؤكد هلا: "بيروحوا للمدارس المصرية بس بأوقات معينة، ومنهج هذه المدارس، هو نفس المنهج المصري، بالإضافة للقرآن والتجويد، ولا أتوقع أن كل المدارس السورية تُدرس التجويد ولكن هذا شيء لا يمكن أن يضايق أحدًا أن نهتم بكتاب الله".
رغم أن تكلفة الدراسة داخل المركز السوري للطفلة ماسة تبلغ 3000 جنيه في الفصل الدراسي الواحد تشمل الزي المدرسي والمواصلات، إلا أن هذه المراكز لا تعطي شهادات في نهاية العام للطلاب، ولكن يعتمد الأهالي على شهادة المدارس المصرية المسجلين بها: "الاعتماد على المدارس المصرية بخصوص الشهادات، أطفالنا بيتقدموا لامتحانات المدارس المصرية".
يُقر عبدالله أبوحازم، سوري مقيم في 6 أكتوبر، بمعرفته بعدم قانونية أوضاع المراكز التعليمية السورية في مصر: "دي مش مدارس مرخصة عارفين وأولادنا مسجلين في مدارس حكومية يقدموا فيها امتحانات وياخذوا منها الشهادات، المراكز السورية عبارة عن مراكز دروس خصوصية زي المراكز المصرية لكنها منظمة أكثر".
لدى أبوحازم، 7 أبناء في مراحل التعليم المختلفة: "عندي 7 أولاد في مراحل مختلفة من كي جي حتى الجامعة، بنات وبنين، وهم مقيدون في مدرسة السراج المنير، بالحي الثامن".
يُشيد عبدالله، بالمراكز السورية ومستويات الخدمة التعليمية فيها مقارنة بالمدارس المصرية: "بالإضافة للترفيه والرحلات للأولاد، وقسم الفنون، وعدد الطلاب في الفصل، والاهتمام بالتعليم، الطلاب في المراكز السورية لا يحتاجون إلى الدروس الخصوصية إلا في الثانوية العامة، ومن ناحية النظافة والصحة والانضباط، في كل أسبوع هناك طبيب يزور الأطفال لمعرفة أحوالهم الصحية".
الفروق بين المراكز السورية والمدارس المصرية
يتحدث أبوعمار، عن أسباب دفعتهم لتسجيل أولادهم في المراكز السورية، ومنها الكثافة المرتفعة في الفصول والتي تجاوزت 60 طالبًا لدرجة عدم وجود مقاعد للجلوس عليها، إلى جانب سلوك المصريين مع الطلاب السوريين، فضلًا عن بعد المدارس المصرية الحكومية وتركزها في عدد معين من أحياء مدينة 6 أكتوبر، وخاصة الحيين السادس والثاني عشر.
يوضح أبوعمار، أن ابنته البالغة من العمر 7 سنوات تحضر يومًا واحدًا في الأسبوع بالمدرسة المصرية، مؤكدًا أن المدارس المصرية تسمح لهم بعدم الذهاب إليها بشكل يومي؛ بسبب الكثافة الطلابية في الفصول ومراعاة لظروف السوريين.
مثلت اللهجة المختلفة بين الشعبين المصري والسوري سببًا مهمًا في توجه السوريين لإنشاء مراكز تعليمية خاصة بهم تُدرس نفس المناهج المصرية ولكن بطريقة ولهجة سورية من أجل المحافظة على هوية السوريين، وفقًا لحديث أبوعمار.
التعليم ترد
توضح حنان مفتاح، مدير عام العلاقات الثقافية والوافدين بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أنه لا يوجد قرار من الوزارة بشأن التغاضي عن حضور الطلاب السوريين بشكل منتظم للدراسة في المدارس المصرية المُقيدين بها.
وتبين مفتاح، لمصراوي، أن الطلاب السوريين يُعاملون نفس معاملة المصريين ويتمتعون بكل الامتيازات التي يتمتع بها الطلاب المصريون ولذلك يجب أن تقع عليهم جميع الالتزامات المقررة على المصريين، لافتة إلى أنه لا يمكن السماح بتجاوز المدة القانونية لعدد الأيام المسموح بالغياب فيها.
وتزيد مدير عام العلاقات الثقافية والوافدين بالوزارة: "الإدارات التعليمية هي المختصة بالرقابة على المدارس فيما يتعلق بهذا الأمر، وإذا كان يحدث ذلك فهي مخالفة".
سبب آخر يدفع السوريين لإنشاء مراكز خاصة بهم داخل مصر، كشفت عنه عبير العبار، سورية مقيمة في الإسكندرية، موضحة أنها متواجدة في مصر منذ 5 سنوات ولكنها واجهت مشكلة العام الحالي منعتها من القدرة على تسجيل أولادها بالمدارس المصرية على عكس السنوات الماضية، بسبب عدم قدرتها على تجديد الإقامة.
مشاكل الأوراق وتجديد الإقامة
قضت عبير، في مدينة 6 أكتوبر فترة قبل الانتقال إلى الإسكندرية، وألحقت أولادها بالمراكز السورية، ورغم ذلك تطالب بإغلاقها جميعًا: "استغلال وتدريس فاشل وأنا جربت أكتر من مدرسة وشوفت بعيني، أنا بدرس لأولادي بالمدارس المصرية وأولادي من الأوائل في المدارس المصرية".
وتشير عبير، إلى أنهم يواجهون العديد من المشكلات داخل المدارس المصرية: "الكلام الوحش والتنمر والعادات السيئة وعدم تقبل فئة من الأطفال لأطفالنا وعدم فهم اللهجة، وأخيرًا والأهم الأوراق".
وعن مشكلة الأوراق التي واجهتها فيما يتعلق بالإقامة، تقول إن التسجيل للسوريين بالمدارس المصرية يكون إما من خلال إقامة على الكارت الأصفر التابع لمفوضية اللاجئين، أو الإقامة على جواز السفر، بشرط أن تكون سارية: "الإقامة على جواز السفر مدتها عام وتُجدد سنويًا، بينما الإقامة على الكارت الأصفر مدتها 6 أشهر وتُجدد بعد انتهاء المدة، المشكلة في الوقت الذي تستغرقه عملية تجديد الإقامة، إلى جانب الغرامات التي تفرض علينا والأوراق المطلوبة".
أنواع الإقامة للسوريين
تقول فادية حنفي محمود الخضراوي، محامية دولية مهتمة بالشأن السوري، إن نظام الإقامة في مصر للسوريين نوعان، الأول وفقًا للكارت الأصفر وهذا يتبع مفوضية شئون اللاجئين، والثاني وفقًا لجواز السفر.
وتوضح فادية، لمصراوي، أن السوري يحصل على الكارت الأصفر من مفوضية اللاجئين، ومن خلال هذا الكارت يمكنه التسجيل في المدارس الحكومية المصرية والحصول على إقامة: "الإقامة على جواز السفر مدتها عام يحصل عليها الطفل في سن 6 سنوات ويُقيد بمدرسة مصرية ويستفيد أهله وإخوته الأصغر منه من هذه الإقامة، بينما الأخوة الأكبر لا يستفيدون من ذلك، وهذا حال الدخول الشرعي للبلاد، وحال الدخول عبر التهريب تكون الإقامة على الكارت الأصفر ولمدة 6 أشهر".
وتشير المحامية، إلى أن الحكومة المصرية قدمت العديد من التسهيلات للسوريين داخل مصر: "السوري بيروح للحكومة للإبلاغ عن فقدان أوراقه خلال عمليات القصف التي تقع بسوريا، وتُجرى اختبارات لقياس المستوى للطالب ووفقًا لنتيجة الاختبار يُقيد الطالب بالصف الدراسي المناسب".
لكن ومع هذه التسهيلات، تؤكد الخضراوي، أنه توجد بعض المديريات التعليمية التي تتشدد في أمر الإقامة: "من الطبيعي أن يقدم الطالب السوري في المدارس المصرية وفقًا لقرار الحكومة بمعاملة السوريين معاملة المصريين، سواء كانت لديه إقامة على الكارت أو لا، ويحصل السوري على خطاب من الإدراة التعليمية موجهًا إلى إدارة الهجرة والجوازات لإنهاء إجراءات قيده بالدراسة ".
مشكلات الحصول على الإقامة وتجديدها
وحول مشكلات التقديم على الإقامة وتجديدها، تكشف المحامية الدولية، عن وجود مشكلات كثيرة منها طول مدة الإجراءات والتي تدفع رب الأسرة إلى تعطيل أعماله أكثر من مرة لإنهاء هذه الإجراءات بما يصل إلى شهر ونصف تقريبًا بينما تزداد هذه المدة في 6 أكتوبر تحديدًا إلى حوالي شهرين أو ثلاثة أشهر.
وبالنسبة للإقامة على الكارت الأصفر والتي يتعامل وفقًا لها أغلب السوريين في مصر؛ كونهم قادمين إلى مصر من خلال الهجرة غير الشرعية عبر السودان، تؤكد الخضراوي: "لو معايا كارت أصفر وعايز أعمل إقامة في أيام محدودة للذهاب لوزارة الخارجية يوم الأربعاء فقط من كل أسبوع، وتستنى دورك، ليه منعملش ده بالتليفون؟ رغم وجود تسهيلات هناك عقبات إدارية تساهم في ذلك، وبعد الحصول على الرقم هتستنى أسبوعين لتتم المراجعة في إدارة الجوازرات في مقرها الجديد بالعباسية"، متسائلة: ليه الحاجة متخلصش من مكان واحد وبسرعة؟.
تتعدد مشكلات السوريين في مصر والتي تدفعهم إلى مدارس خاصة بهم، وفقًا للمحامية الدولية: "في مشكلة في تأقلم الأطفال وهناك تهكم وتنمر على الأطفال السوريين بالمدارس المصرية، الناس بتخاف على ولادها، كان في بنت وولد معاهم الجنسية الروسية، الأب سوري والأم روسية، مش عارفين يلتحقوا علشان الإقامة وإنهاء الأوراق".
وتتابع المحامية الدولية: "في مشكلة أخرى تواجه الفلسطيني السوري تحديدًا، في سوريا يُعامل معاملة السوري في كل شيء، وحينما أتى إلى مصر يُقال له: أنت فلسطيني؟ ييجي يقدم على الإقامة بتتأخر جدًا وفي النهاية لا تصدر، كمان بيخافوا من الاختلاط في المدارس المصرية لأن هذا الأمر لا يتم في المدارس السورية بين الأولاد والبنات".
وعايش مصراوي العملية التعليمية في مركز نور المعارف السوري التابع لمؤسسة إنسان للتنمية، من أجل الوقوف على طبيعة الدراسة بهذه المراكز والمواد التي يتم تدريسها للطلاب السوريين.
فيديو قد يعجبك: