إعلان

رعاية الإسلام لذوي الاحتياجات الخاصة وكيف كان يعاملهم النّبي

07:40 م الأحد 21 أكتوبر 2018

رعاية الإسلام لذوي الاحتياجات الخاصة وكيف كان يعا

كتب - هاني ضوه :

حرصت الشريعة الإسلامية على أن تقيم مجتمعًا متمازجًا ومتكاملًا يضمن الحقوق لكافة أفراده على اختلافاتهم وخصائصهم.
وفي هذا التقرير يرصد مصراوي كيف كانت الحضارة الإسلامية حافظة لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ضامنة لها، وأوقفت الأوقاف لرعايتهم، وأتاحت الفرصة لهم ليشاركوا في بناء المجتمع، وكان ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أتاح الفرصة لذوى الاحتياجات الخاصة للقيام بأدوار في المجتمع.
ودليلاً على أهمية إدماجهم في المجتمع، كان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يستخلف ابن أم مكتوم رضي الله عنه على المدينة، فاستخلفه مرتين يصلي بهم وهو أعمى، وهو ما رواه الإمام أحمد في مسنده، جاء في صحيح مسلم أن ابن أم مكتوم كان مؤذناً له صلى الله عليه وآله وسلم وهو أعمى، بل لقد شارك هذا كذلك في الجهاد في سبيل الله في معركة القادسية فرزقه الله الشهادة فيها .
وعندما فكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يرسل قاضيًا إلى اليمن اختار معاذ بن جبل، وهو أعرج في إحدى قدميه فأرسله قاضياً وأميراً على اليمن، فلم تمنعه إعاقته عن تولي المناصب الرفيعة .
وكذلك كان حبر الأمة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما كفيفًا، ولكن ذلك لم يمنعه أن يكون حَبْرَ الأمة وعالم التفسير الأول مصداقاً لدعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وعلى مدار التاريخ الإسلامي اهتم خلفاء المسلمين بذوي الاحتياجات الخاصة، فكان الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز ورده في "رسالة الفقيه ابن شهاب الزهري" وهـو يوضح لـه مواضع السُّنة النبوية في الزكاة فقال: "إنَّ فيها نصيباً للزَّمْنَى والمقعدين ونصيباً لكل مسكين به عاهة لا يستطيع عَيلة ولا تقليباً في الأرض" فأمر عمر بإحصـائهم وتخصيص قائد مرافق لكل كفيف، وخادم لكل مقعد لا يقوى على أداء الصلاة وقوفاً.
على نفس الدرب سار الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (رحمه الله تعالى)، فهو صاحب فكرة إنشاء معاهد أو مراكز رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، فأنشأ (عام 88هـ/ 707م) مؤسسة متخصصة في رعايتهم، وظَّف فيها الأطباء والخدام، وأجرى لهم الرواتب، ومنح راتبًا دوريًّا لذوي الاحتياجات الخاصة، وقال لهم: "لا تسألوا الناس". وبذلك أغناهم عن سؤال الناس، وعيَّن موظفًا لخدمة كل مقعد، أو كسيح، أو ضرير.

وذكر المؤرخ محمد بن جرير الطبري في كتابه "تاريخ الرسل والملوك": أن الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك هو أول من أنشأ بيمارستان (مستشفى) بمعناه الصحيح في الإسلام، فجعل فيه الأطباء وأجرى لهم الأرزاق، وأمر بحبس المجذومين في مكان محدد لئلا يخرجوا وينشروا العدوى وقال لهم: "لا تسألوا الناس"، وأغناهم عن سؤال الناس، فقد أوقف عليهم بلدا وأجرى عليهم وعلى العميان الأرزاق. وأعطى كل مقعد أو كسيح خادمًا، وكل ضرير قائدًا يقوده، فقد أوقف عليهم بلداً، وبنى مستشفى للمجذومين في ضواحي دمشق".

وفي عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بني مشفىً للمكفوفين ومأوى للمجذومين وملجأ للعجائز في بغداد، إذن تأسست الملاجئ في أوائل التاريخ الإسلامي خاصة في عهد الخلافة الأموية، لأن المسلمين كانوا يعتبرون المعتوهين معدمين وعالة على الدولة، ولأن إصابتهم بقضاء الله وقدره فقد تحملت الدولة أعبـاء حاجاتهم وعاملتهم برفق، وكانت تفرد بيوتاً خاصة في المستشفيات الكبرى لهؤلاء المرضى، وكانت نوافذ أكثر الغرف مشبكة بالحديد حسبما ذكر الدكتور أحمد عيسى بيك في كتابه "تاريخ البيمارستانات".
بل حتى علماء الإسلام والأدباء قد ألفوا كتبًا تتعلق بذوي الاحتيجات الخاصة، فألف أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ كتاب "البرصان والعرجان والعميان والحولان"، وألف الهيثم بن عدي كتاب "أصحاب العاهات"، وألف ابن قتيبة كتاب "المعارف".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان