تفسير قوله تعالي {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ}
كتب - محمد قادوس:
يقدم لنا الدكتور عصام الروبي-أحد علماء الأزهر الشريف-تفسيراً ميسراً لما تحويه آيات من الكتاب الحكيم من المعاني والأسرار، وموعدنا اليوم مع تفسير الآيات القرآنية {ألم نخلقكم من ماء مهين، فجعلناه في قرار مكين، إلى قدر معلوم، فقدرنا فنعم القادرون} .. [المرسلات:20*21*22*23*]
ألم نخلقكم: أيها الناس.
من ماء مهين: من مَهُن الشيء-بفتح الميم وضم الهاء-إذا ضعف، وميمه أصلية، وليس هو من مادة هان، و "من" ابتدائية.
قال القرطبي رحمه الله: وهذه الآية أصل لمن قال: إن خلق الجنين إنما هو من ماء الرجل وحده.
فجعلناه: الهاء عائدة إلى الماء المهين الضعيف المذكور في الآية السابقة، وهو مني الرجل.
في قرار مكين: والقرار: اسم للمكان الذي يستقر فيه الماء، والمراد به رحم المرأة. والمكين صفة له. فقوله مكين بمعنى متمكن، من مكن الشيء مكانة، إذا ثبت ورسخ.
إلى قدر معلوم: القدر بمعنى المقدار المحدد المنضبط، الذي لا يتخلف.
فقدرنا فنعم القادرون: ثناء منه-تعالى على ذاته بما هو أهله.
وخلاصة المعنى في هذه الآيات: أن الحق تبارك وتعالى يذكر منته على عباده وإكرامه لهم وإظهار نعمته عليهم بأن خلقهم وأوجدهم في تلك الحياة، ولم يكونوا شيئًا مذكورًا، فخلقهم سبحانه وتعالى بقدرته من ماء ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة البارئ عز وجل، وهو المني، وما هذا إلا بعض مظاهر القدرة الإلهية على الناس، وأن يبين الحق جلا في علاه كيف تحصل عملية خلق الإنسان وذلك بجعله تبارك وتعالى هذا الماء الضعيف – مني الرجل-في مكان حصين، قد بلغ النهاية في تمكنه وثباته، إلى وقت معين محدد في علم الله وذلك بقدرته وحكمته.
فيديو قد يعجبك: