إخفاء ليلة القدر.. كاد يخبرنا بها النبي لولا هذا السبب
كتب- مصراوي:
عن الحكمة من إخفاء ليلة القدر، يقول الإمام الحافظ - رحمه الله - في "فتح الباري":
قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها. اهـ.
وفى الحقيقة أنه على الإنسان أن يهتم بما طلبه الله منه وهو العبادة في ذلك الشهر عامة، والمزيد منها في العشر الأواخر خاصة، ولا يشغل نفسه بما طواه الله عنه، فما كان الله ليخفي عنا شيئًا ثم يطالبنا بإفراغ الوقت في تحديده.
وعن سبب إخفائها، أخرج البخاري من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: "خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة"
وفي بعض روايات الحديث: "فالتمسوها في العشر الأواخر".
- معنى تلاحى: تشاجر.. فدلَّ الحديث على أن المخاصمة كانت سببًا لنسيان وقتها.
وجاء في "صحيح مسلم" عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"أُريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها".
قال الحافظ - رحمه الله - في "فتح الباري":
وهذا سبب آخر، فإما أن يحمل على التعدد بأن تكون الرؤية في حديث أبى هريرة منامًا؛ فيكون سبب النسيان الإيقاظ، وأن تكون الرؤية في حديث غيره في اليقظة فيكون سبب النسيان ما ذكر من المخاصمة.
أو يحمل على اتِّحاد القصة، ويكون النسيان وقع مرتين عن سببين، ويحمل أن يكون المعنى: أن أيقظني بعض أهلي فسمعت تلاحي الرجلين، فقمت لأحجز بينهما فنسيتها للاشتغال بهما. اهـ.
فيدعونا الحديث الشريف إلى النظر فيما فعل الخصام.. فقد كانت الملاحاة سببًا لرفع تعيينها؛ وهذا شأن الخصومات تمنع الخير.
فإن الواجب على المسلم أن يكون متحاباً مع أخيه المسلم ومتآلفين، يحب كل منهما لأخيه ما يحب لنفسه، ومَن كانت بينه وبين أخيه المسلم خصومة؛ فليبادر بالصلح، ومَن كانت بينه وبين أحد أرحامه قطيعة؛ فعليه أن يقوم بصلة رحمه؛ فإن الخير يرتفع من الأرض بسبب الخصومات والشحناء.
فوصية رب العالمين في كتابه الكريم: ﴿ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1]، أما ما يريده الشيطان، فقد أخبرنا عنه رب العالمين فقال: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء ﴾ [المائدة: 91].
فيديو قد يعجبك: