الإسراء والمعراج .. هل كان بالروح أم بالروح والجسد؟!
بقلم - هاني ضوَّه :
رحلة الإسراء والمعراج هي احدى المعجزات التي أيد الله بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخفف به عنها ما ألم به في عام الحزن من وفاة عمه أبو طالب وزوجته السيدة خديجة رضي الله عنها.
ولا شك أن تلك الرحلة المباركة كانت بالروح والجسد الشريف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليريه من آيته الكبرى، والله سبحانه وتعالى لما كانت طبيعة الجسم البشرى لا تتفق مع ملكوت السماوات، أدخل في بشرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما جعلها صالحة للصعود للسماوات العلا.
وأجمع جمهور العلماء أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أسري به ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماء؛ بجسده وروحه جميعا، ثم عاد من ليلته إلى مكة قبل الصبح، وذلك مصداقًا لقوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
وقد صرَّح القرآن الكريم بأن الإسراء والمعراج كان بالروح والجسد معًا لقوله تعالى: ﴿بِعَبْدِهِ﴾، والعبد لا يطلق إلا على الروح والجسد، فالإسراء تحدث عنه القرآن الكريم والسنة المطهرة، وما يراه بعض العلماء من أن المعراج كان بالروح فقط أو رؤيا منامية فإن هذا الرأي لا يعول عليه؛ لأن الله -عز وجل- قادر على أن يعرج بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بجسده وروحه كما أسرى به بجسده وروحه.
وقال أبو جعفر الطبري في تفسيره: الصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله أسرى بعبده ونبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الأقصى كما أخبر الله عباده، وكما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الله حمله على البراق، حتى أتاه به، وصلى هناك بمن صلى من الأنبياء والرسل، فأراه ما أراه من الآيات.
ولا معنى لقول من قال: أسري بروحه دون جسده، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلاً على نبوته، ولا حجة له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك كانوا يدفعون به عن صدقه فيه، إذ لم يكن منكراً عندهم ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة، فكيف ما هو مسيرة شهر أو أقل.
وبعد فإن الله إنما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده، ولم يخبرنا بأنه أسري بروح عبده، وليس جائزاً لأحد أن يتعدى ما قاله الله إلى غيره.
بل الأدلة الواضحة، والأخبار المتتابعة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الله أسرى به على دابة يقال لها البراق، ولو كان الإسراء بروحه لم تكن الروح محمولة على البراق، إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجساد.
فيديو قد يعجبك: