بعد حديث الرئيس.. ما قصة حصار النبي وأصحابه 3 سنوات في شعاب مكة؟
كتبت – آمال سامي:
في افتتاح مشروع مستقبل مصر الزراعي، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن حصار الرسول صلى الله عليه وسلم في شعاب مكة والذي استمر ثلاثة أعوام، قائلًا أن النبي وأصحابه حوصروا في شعاب مكة وكان سيدنا جبريل ينزل عليه بالوحي ولم يقل الصحابة أو التابعين له أن يطلب منهم أن يأتوهم بالطعام والشراب ولم يكونوا يأكلون سوى ورق الشجر.. فما هي قصة حصار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شعاب مكة؟ وكيف تعامل الصحابة رضوان الله عليهم في تلك الظروف العصيبة؟
في حيف بني كنانة من وادي المخصب اجتمع كبراء بني قريش من الكفار، ليتفقوا على مقاطعة بني هاشم وبني عبد المطلب لأنهم حموا رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم وأبو تسليمه لهم ليقتلوه..وقبل ذلك بقليل بدأت قصة شعب أبي طالب.
حاولت قريش بكل جهودها، بالترغيب والترهيب، لإثناء لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن دعوته، وكانت آخر مساوماتهم أن يصلوا إلى حل وسط، حل مشترك يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يوقر آلهتهم ويقر دينهم مقابل أن يرتضوا بدينه، روى ابن إسحاق بسنده، قال: اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو يطوف بالكعبة ـ الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمى ـ وكانوا ذوى أسنان في قومهم ـ فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرًا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرًا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل الله تعالى فيهم: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ"، ثم بعدها طلبوا منه ان يعدل بعض الآيات من القرآن الكريم ليوافق أهوائهم، فيروي تعالى قول الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم : "ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ"، فرد عليهم قائلًا: "قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ"..وهكذا قرر كفار قريش في النهاية الضغط على بني هاشم وبني عبد المطلب لتسليم الرسول إليهم ليقتلوه!
اجتمع ابو طالب مع قومه من بني هاشم وبني عبد المطلب ليتعاهدوا على حفظ النبي صلى الله عليه وسلم كلهم، مسلمهم وكافرهم، فتعاهد الجميع ولم يشرد عنهم سوى أبو لهب لينضم لحلف قريش، واجتمع كفار قريش في أول محرم فاجتمعوا في خيف بني كنانة من وادى المُحَصَّبِ فتحالفوا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للقـتل، وكتـبوا بذلك صحيـفـة فيها عهود ومواثيق، ويقول عنها ابن القيم: يقال: كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم، ويقال: نضر بن الحارث، والصحيح حسبما يرى المباركفوري في الرحيق المختوم أنه بَغِيض بن عامر بن هاشم، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فَشُلَّتْ يده.
كيف كان حال الصحابة في الشعب؟
نقلت لنا كتب السير والأحاديث حال الصحابة رضوان الله عليهم في الشعب وما عانوا منه من ضيق، إذ قطع عنهم الطعام فلا بيع ولا شراء، وكانت قريش تشتري حتى البضائع التي تأتي من خارج قريش بأغلى الأسعار حتى لا يستطيع المسلمون شراءها، واضطر المسلمون في الشعب إلى أكل أوراق الشجر والجلود!
فيروي عتبة بن عزوان رضي الله عنه ما عاناه المسلمون في الشعب وكيف لم يكن لهم طعام إلا ورق الشجر حتى تقرحت أشداقهم، وكيف عانوا من ندرة ما يلبسون حتى قسموا بينهم الملابس، فيقول: "ولقد رأيتُني سابع سبعة مع رسول الله ﷺ وما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى قَرِحت أشداقنا، فالتقطتُ بُردة، فشققتها بيني وبين سعد بن مالك، فاتزرت بنصفها، واتزر سعد بنصفها".
ويروي الصحابي سعد ابن أبي وقاص قصة أخرى من مآسي حصار شعب أبي طالب، أنه كان جالسًا يبول فسمع قعقعة تحت بوله، فاستخرجه فإذا هو جلد، فغسله وطبخه وأكله، فيقول: " كُنَّا قَوْمًا يُصِيبُنَا ظَلَفُ –شدة المعيشة - الْعَيْشِ بِمَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَشِدَّتُهُ، فَلَمَّا أَصَابَنَا الْبَلَاءُ اعْتَرَفْنَا لِذَلِكَ وَمَرَنَّا عَلَيْهِ وَصَبَرْنَا لَهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ خَرَجْتُ مِنَ اللَّيْلِ أَبُولُ، وَإِذَا أَنَا أَسْمَعُ بِقَعْقَعَةِ شَيْءٍ تَحْتَ بَوْلِي، فَإِذَا قِطْعَةُ جِلْدِ بَعِيرٍ، فَأَخَذْتُهَا فَغَسَلْتُهَا ثُمَّ أَحْرَقْتُهَا فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ، ثُمَّ اسْتَفَفْتُهَا – أي تناولها يابسة - وَشَرِبْتُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ، فَقَوِيتُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا".
انتهى الحصار بعد ثلاث سنوات تقريبًا ونقضت الصحيفة وفك الحصار، إذ أن كثير من قريش لم يرضوا عن هذا الميثاق وكان على رأسهم هشام بن عمرو من بني عامر، وكان ممن يحاولون إيصال الطعام للمحاصرين ليلًا، فذهب إلى زهير بن أمية المخزومي، والمطعم بن عدي، وذكرهم بالأرحام وكذلك إلى زمعة بن الأسود وكبار رجال قريش فنقضت الصحيفة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب.
فيديو قد يعجبك: