باحث في العلوم اللغوية يوضح سر تسمية "القرآن" بهذا الاسم
كتبت – آمال سامي:
تحدث الدكتور إبراهيم عبد المعطي، الباحث في العلوم اللغوية، حول أسباب تسمية القرآن الكريم بـ "القرآن" بهذا الأسم، وذكر عبد المعطي عبر فيديو نشره على قناته الرسمية على يوتيوب أن كلمة قرآن قد ذكرت 70 مرة في كتاب الله عز وجل، ويقول عبد المعطي أن كلمة "القرآن" لها عدة استعمالات في القرآن الكريم، فهي تدل على ثلاثة معانٍ:
كتاب الله عز وجل:
دلت كلمة "القرآن" على كتاب الله عز وجل المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو آخر الكتب التي نزلت من السماء إلى الأرض، وهو المعنى الذي أتت به معظم آيات القرآن، ومنها قوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا".
القراءة:
وردت كلمة "القرآن" مصدرا بمعنى "القراءة" في قوله تعالى: "إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ"، أي: جمعه وقراءته، ثم جاءت الكلمة نفسها في الآية التالية، حيث قال تعالى: "فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ"، أي: قراءته.
الصلاة:
دلت كلمة القرآن على معنى الصلاة في قوله تعالى: "أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا"، فالمقصود بقرآن الفجر في الآية، هو صلاة الفجر، ويوضح عبد المعطي أن تسمية صلاة الفجر بـ "قرآن الفجر" أتت من باب إطلاق الجزء على الكل، فصلاة الفجر تتضمن قراءة القرآن التي تمتاز بالطول في هذه الصلاة، حسبما ورد في بعض التفاسير.
وذكر عبد المعطي أن الجذر اللغوي لكلمة "القرآن" قد انقسمت الآراء حوله، فهناك رأيان، أولهما أنها مشتقة من "قَرَأ"، حيث يرى فريق من العلماء أن كلمة "القرآن" اشتقت من الجذر اللغوي "قرأ"، وأن معناه الأصلي يدل على الجمع، ومن هذا الجذر اشتقت كلمة "القُرْء" التي تدل على "دخول المرأة في الحيض عن طُهْر"، أي بداية الدخول في الحيض، فقال الراغب الأصفهاني أن "القرء" هو الجمع بين زمن الطُّهْر وزمن الحيض؛ لاجتماع الدم في الرحم، ومن هذا قوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ"، فيقول عبد المعطي أن من مادة "قرأ" اشتقت كلمة "القراءة" التي تدل على جمع الحروف والكلمات بعضها إلى بعض، بمعنى تلاوتها.
أما الرأي الآخر فيقول أن كلمة "القرآن" من "قَرَن"، فيرى البعض أن كلمة "القرآن" مشتقة من الجذر اللغوي "قَرَن" الذي يدل على ضم شيء إلى شيء آخر، فعندما تقول: "قرنت الشيء إلى الشيء" فإن هذا يعني أنك جمعت أحدهما إلى الآخر، ويقول عبد المعطي أن أصحاب هذا الرأي يميلون إلى أن كلمة "القُرَان" غير مهموزة؛ أي لا تنطق بالهمزة، وقد قرأ "القُرَان" بدون الهمزة ابن كثير، وهو من أصحاب القراءات.
ورجح عبد المعطي أن أصح الآراء في اسم "القرآن" أنه عَلَم على كتاب الله عز وجل الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يُطلق على غيره من الكتب، كما هو الحال مع "الإنجيل" و"التوراة" اللذين لا يُطلقان على غيرهما من الكتب، وذكر ما نقله السيوطي عن الجاحظ قوله: "سمَّى الله كتابه اسما مخالفا لما سمى به العرب كلامهم على الجُمَل والتفصيل. سمَّى جملته قرآنا، كما سمَّوا (أي العرب( ديوانا، وبعضه سورة كقصيدة، وبعضها آية كالبيت، وآخرها فاصلة كقافية".
ومعنى كلام الجاحظ أن الله عز وجل سمى كتابه الكريم اسما مخالفا لما كان العرب يطلقونه على اسم الكتاب الذي يحوي قصائد الشعر، وهو "الديوان"، وسميت السورة بهذا الاسم خلافا لتسميتهم القصيدة، وسميت الآية خلافا لتسميتهم البيت الشعري، وسميت الفاصلة خلافا لتسميتهم القافية.
أما سر تسمية "القرآن" بهذا الاسم، فيقول الأصفهاني لأنه يجمع ثمرة كتب الله عز وجل إلى أنبيائه، وأيضًا أنه يجمع ثمرة العلوم، وينقل عبد المعطي ما قاله ابن منظور في معجم "لسان العرب" أنه سمي القرآن؛ لأنه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور بعضَها إلى بعض.
فيديو قد يعجبك: