مجهولو النسب في فتاوى الإفتاء: أولى بالرعاية ولا مانع من الزواج منهم
كتبت – آمال سامي:
يعاني مجهولو النسب لا فقط من العار الذي يظل يلاحقهم طوال حياتهم، ولكن أيضًا عدم وجود معيل ورفض المجتمع لهم، لكن دار الإفتاء لها رأي آخر، إذ أكدت في إحدى فتاواها السابقة أن مجهولي النسب لهم نفس أحكام اليتامى، بل إنهم أولى بالعناية لأن العلة في فضيلة كفالة اليتيم حرمانه من أبيه، وهي متحققة في مجهول النسب بصورة أكبر وأعمق وأشد تأثيرًا، وذلك لأن يتيم الأب معروف أبيه ولم يلحقه عار بموته، وله عائلة وأقارب قد يصلونه ويبرونه، أما مجهول النسب فقد يتعرض لرفض المجتمع له بالإضافة ليتمه وعدم وجود أي أقارب له أو عائلة ينتمي إليها، "فتحققت فيه علة الحكم وزادت في وصفها، فشمله الحكم من باب الأولى، وتأكدت في حقه فضيلة الكفالة التي رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم ورتب عليها الأجر العظيم، ولذا كانت العناية به أوجب من اليتيم معروف النسب".
حكم إضافة اسم العائلة لـ "مجهول النسب"
حين تضم إحدى الأسر طفلًا من مجهولي النسب إليها، تحتار في اضافة اسم الأسرة إليه في مكان اسم الأب، هل يجوز شرعًا أم لا وكيف يمكن علاج هذا الأمر، وقد أجازت دار الإفتاء المصرية في فتوى سابقة لها اضافة الاسم الأول للكافل في أول الاسم الوهمي للطفل المكفول، بشرط مراعاة عدم الإيهام بأن المكفول ابن لكافله، ولذا يقتصر على الاسم الأول دون اللقب حتى لا يحدث ذلك، حيث نهى الشرع عن التبني الذي ينسب فيه الرجل ولد غيره لنفسه، وكان في الجاهلية يثبت الولد للتبني جميع الحقوق التي تثبت للابن من الصلب، فجاء الإسلام وقضى على ذلك فقال: " وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ، ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ".
لكن هناك نوع من النسب المقبول شرعًا ولا يدخل في هذه الآية، وهو الانتساب لعائلة معينة بما يظهر مطلق الانتماء إليها دون التدليس بأنه أحد افرادها، فيكون اسم العائلة في آخر اسمه، مثل "علقة الولاء" التي كانت بين القبائل العربية قديمًا.
هل تحقق الفتاة "اللقيطة" عنصر الكفاءة في الزواج؟
"اشتراط الكفاءة في النسب إنما يكون في الرجل لا المرأة"، تؤكد دار الإفتاء المصرية، إذ أن الرجل هو من يبدأ بالتوجه لمن يريد الزواج بها، فموافقته على عدم الكفاءة متحقق، أما المرأة فهي التي تحتاج إلى النظر في من يتقدم لخطبتها هل هو كفء لها أم لا، وقال شوقي علام مفتي الجمهورية في فتواه: " وعلى ذلك فإذا كانت هذه الفتاة على دين وصاحبة خلق كريم، فالأولى الزواج بها، ولا يضر كونها لقيطة، أو مجهولة النسب، لأن المفاضلة عند الله عز وجل بالدين والتقوى دون الحسب والنسب".
أما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم وخضراء الدمن"، فقيل يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء، فهو حديث ضعيف، والمراد منه النهي عن الزواج بالمرأة لمجرد الإعجاب بجمالها دون نظر إلى دينها وخلقها، ولذلك صرح فقهاء الشافعية والحنابلة باستحباب الزواج من ذات الدين بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ".
فيديو قد يعجبك: