قبل علي جمعة.. شيوخ وعمائم تحت قبة البرلمان (1)
كتبت – آمال سامي:
قبل تعيين الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، في مجلس النواب الحالي، ومنذ بداية نشأة الحياة النيابية في مصر، كان لرجال الدين وشيوخ الأزهر دور كبير فيها، كان شيخ الأزهر، عبد الله الشرقاوي، على رأس هؤلاء العلماء، إذ كان أول شيخ مصري في البرلمان الذي عرفه المصريون لأول مرة على يد الحملة الفرنسية وقائدها نابليون بونابرت.. وفي السطور التالية، وعلى حلقات متتالية يوضح مصراوي أهم المحطات في رحلة أبرز الشيوخ تحت قبة البرلمان في تاريخ مصر:
شيخ الأزهر عبد الله الشرقاوي ونابليون بونابرت
على الرغم من أن "الديوان العام" الذي أنشأه نابليون عام 1798 في مصر بعد دخول الحملة الفرنسية إليها، يعتبر أول المجالس النيابية في مصر بل والعالم العربي، إلا أنه لم يكن سوى مجلس استشاري ولم تكن له أي اختصاصات تشريعية أو رقابية، لكنه يعتبر بشكل أو بآخر أول تجربة نيابية يعرفها المصريون، ولأجلها، جمع كبار المشايخ والعلماء وطلب منهم أن يرشحوا سبعة منهم لتكوين هذا الديوان، فاختار العلماء: الشيخ عبد الله الشرقاوي والشيخ خليل البكري، ومصطفي الصاوي، وسليمان الفيومي، ومحمد المهدي الكبير، وموسى السرسي، ومصطفي الدمنهوري، وأحمد العريشي، ومحمد الدواخلى، ويوسف الشبراخيتى، ووقتها كان الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الأزهر الشريف.
كان أول مواقف الشيخ عبد الله الشرقاوي في الديوان في أول اجتماعاته، حيث قام نابليون بالترحيب بأعضائه بوضع وشاح يحمل علم فرنسا على اكتافهم، لكن الشرقاوي ألقى بالوشاح على الأرض وداس عليه بقدمه، ويروي الجبرتي ذلك الموقف في كتابه "تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار" قائلًا إنه بعدما طلب بونابرت المشايخ واستقروا عنده "نهض من المجلس ورجع وبيده طيلسانات ملونة بثلاثة ألوان كل طيلسان ثلاثة عروض أبيض وأحمر وكحلي، فوضع واحدًا منها على كتف الشيخ الشرقاوي، فرمى به إلى الأرض واستعفى وتغير مزاجه".
حاول نابليون كذلك أن يجعل مشايخ الأزهر يصدرون فتوى تأمر الناس بأن يحلفوا له يمين طاعة، فأجابه عبد الله الشرقاوي قائلا: "لا، إنك تريد العرب والمسلمين أن ينضووا تحت رايتك، فاعتنق الإسلام إذن، ولو فعلت لبادر إلى الانضواء تحت لوائك مئة ألف عربي من بلاد العرب ومن مكة والمدينة، ولاستطعت وانت قائدهم ومنظمهم أن تفتح بهم الشرق وتسترد وطن الرسول بكل أمجاده"، يقول محمد جلال كشك في كتابه: "دخلت الخيل الأزهر" أن كلمات الشرقاوي جعلت الابتسامة تعلو وجوه الشيوخ والدهشة تغزو وجه نابليون.
الشيخ محمد بخيت المطيعي ومرجعية الشريعة الإسلامية
تولى الشيخ محمد بخيت المطيعي منصب الإفتاء في ديسمبر عام 1914م، وظل يشغله حتى عام 1920م، حيث أحيل إلى المعاش وكان أول مفتي ينطبق عليه قانون الإحالة للمعاش بعد الستين، إذ حاولت الحكومة إستصدار فتوى من المطيعي بأخذ أرض أحد المساجد لصالحها لكنه رفض ذلك، فأصدر مجلس الوزراء وقتها قانونًا بإحالة مفتي الجمهورية إلى المعاش متى بلغ الستين عامًا.
كان الشيخ بخيت أحد أعضاء لجنة الخمسين التي وضعت دستور 1923م، وكان هو والشيخ عبد الحميد البكري، شيخ الطرق الصوفية ونقيب الأشراف، هم الوحيدون في لجنة وضع الدستور الذين يمثلون الدين الإسلامي، وهو من اقترح عدة مواد بهذا الدستور، أولها اضافة مادة خاصة بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، حيث قال المطيعي في جلسة البرلمان في التاسع عشر من مايو 1922: "أريد أن أعرض على الهيئة طلب النص على أن دين الدولة الإسلام"، وبالإجماع تم قبول طلبه، وصدر النص الدستوري بأن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، وكذلك أضاف المطيعي مادة أخرى في بند حرية الاعتقاد التي تحميها الدولة، ونصها "تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقًا للعادات المرعية في الديار المصرية، تحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية فى الديار المصرية، ولا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافى الآداب".
فيديو قد يعجبك: