إعلان

أمهات المؤمنين (3).. قصة "صفية" التي فضلت الرسول على قومها وأوصت بثلث تركتها ليهودي

04:56 م الثلاثاء 16 يونيو 2020

أم المؤمنين

كتبت – آمال سامي:

"النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ".. هكذا وصف القرآن الكريم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مرسيًا قاعدة شرعية في النظر والتعامل والتقدير لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يتزوجهن أحد بعده، "فهن أمهات المؤمنين في تعظيم حقهن وتحريم نكاحهن على التأبيد" كما يقول البغوي في تفسيره، ويستعرض مصراوي جانبًا من سيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن في حلقات متتابعة، واليوم مع ابنة الزعيم اليهودي التي أصبحت زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإليك قصة زواجه منها ووصيتها لأخيها اليهودي..

هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب، سيد بني نضير وأحد أبرز زعماءهم، وكانت رضي الله عنها مشهورة بين قومها بالجمال، يصفها الذهبي في سير أعلام النبلاء قائلًا: "كانت شريفة عاقلة، ذات حسب وجمال ودين رضي الله عنها". وقبل أن يتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم كانت زوجة لسلام بن مشكم أحد أبرز فوارس قومها وأكبر شعراءهم، ثم تزوجت بعده كنانة بن أبي الحقيق فقتل يوم خيبر وأخذت مع الأسرى، يقول الذهبي أنها كانت في سهم دحية الكلبي ؛ فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم عنها ؛ وأنها لا ينبغي أن تكون إلا له ، فأخذها من دحية ، وعوضه عنها سبعة أرؤس.

وتروي دار الإفتاء في موقعها الرسمي قصة زواج الرسول بها حيث خيرها الرسول صلى الله عليه وسلم بين الإسلام والزواج منه، وبين حريتها والبقاء على دينها وأن تلحق بقومها، لكنها اختارت الإسلام، فقالت: رسول الله، لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني؛ حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إليَّ من العتق وأن أرجع إلى قومي.

فأعتقها الرسول صلى الله عليه وسلم وجعل عتقها صداقها، ويروي ذلك البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ»، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ".

كانت صفية قد رأت رؤيا فيها زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبما أولها الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما روتها له فيما بعد، حيث وجد الرسول على خدها أثر لطمة فسألها عن سببها فقالت: إني رأيت كأن القمر أقبل من يثرب، فسقط في حجري، فقصصت المنام على ابن عمي ابن أبي حقيق فلطمني، وقال: تتمنين أن يتزوجك ملك يثرب، فهذه من لطمته.

وكانت الحكمة من وراء زواج الرسول بصفية إيجاد روابط مصاهرة بينه وبين اليهود تخفيفًا لعداءهم له وللدعوة ولعلها تكون تمهيدًا لقبولهم الإسلام، وكانت مشاعر الغيرة تشتعل بين حفصة وعائشة وصفية، فجاءت صفية يومًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتكيهما له،فتروي صفية: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام ، فذكرت له ذلك ، فقال : ألا قلت : وكيف تكونان خيرا مني ، وزوجي محمد ، وأبي هارون ، وعمي موسى وكان بلغها ، أنهما قالتا : نحن أكرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منها ، نحن أزواجه ، وبنات عمه .

ذكر الذهبي أن صفية أوصت بثلث تركتها، وهو الجزء الجائز فيه الوصية، بأن تذهب إلي أخيها اليهودي، وكان يبلغ ثلاثين ألفًا، وهو ما استدل به الفقهاء على صحة الوصية للذمي، كما فعل ابن قيم الجوزية في كتابه "أحكام أهل الذمة" في ذكره لأدلة صحة الوصية للذمي، فقال: حدثنا سفيان عن أيوب عن عكرمة، أن صفية بنت حيي باعت حجرتها من معاوية بمئة ألف، وكان لها أخ يهودي، فعرضت عليه أن يسلم فأبى، فأوصت له بثلث المئة.

واختلف المؤرخون حول تاريخ وفاة أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها، فقيل أنها توفيت سنة 36 هجريًا، وقيل توفيت سنة 50 من الهجرة، ودفنت بالبقيع.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان