قصص الأنبياء (16): يوسف -عليه السلام- وامرأة العزيز تراوده عن نفسه "قد شغفها حبًا"
كتب- إيهاب زكريا:
في حلقات يومية، وخلال شهر رمضان المبارك، يقدم مصراوي للقارئ الكريم قصص الأنبياء، استنادا لمصادر معتبرة في السيرة والتاريخ الإسلامي
وفي الحلقة السادسة عشر يقدم "مصراوي" قصة يوسف -عليه السلام- فكما جاء في تفسير "ابن كثير" هو نبي من أنبياء الله، وصفه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم، فهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم عليهم السّلام، وردت قصته في القرآن الكريم في سورة يوسف، وهي من السور القرآنية ذات المدلولات العجيبة والغزيرة بالعظات والعبر، والزاخرة بالوقائع الفريدة، فهي تقصّ قصة النبي يوسف -عليه السلام- وما واجهه من ابتلاءات، وصعوبات، ووقائع، ومحن.
امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه
شبّ يوسف -عليه السلام- في قصر عزيز مصر وآتاه الله جمال الخِلقة، والخُلق، والعلم، والحكمة، فأصبح محطّ أنظار زوجة العزيز التي فُتنت بجماله، فبدأت تُمهّد لأمر خطير وفتنة عظيمة، فشغفها حباً وأغلقت الأبواب وصارحته بأنّها تريد منه فعل الفاحشة معها، فتفاجأ يوسف -عليه السلام- وقال لها معاذ الله، ثمّ ولّى هارباً منها فأمسكت بقميصه من الخلف فتمزق، وإذ بالعزيز يقف وراء الباب، واتهمت يوسف -عليه السلام- بالاعتداء عليها لتبرئ نفسها، وطلبت من زوجها أن يعاقبه بالسجن أو أي عقوبة أخرى، وسرعان ما أنكر يوسف ذلك وقال بأنّها هي التي راودته عن نفسه، قال تعالى في سورة يوسف: "وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29) ۞ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (30)"، وبعد أن رأى العزيز أنّ قميص يوسف تمزّق من الخلف علم أنّ زوجته هي المُذنبة.
افتضاح أمرها بين النساء
انتشرت القصة بين النساء، وعلمت بذلك امرأة العزيز، فوضعت خطة تدلّ على مكرها ودهائها، فدعت النساء إلى جلسة وأعطت كلّ واحدة منهنّ طبقاً وسكّيناً حادة لتقّطعها، وأمرت يوسف -عليه السلام- بالدخول إلى النسوة، فسرق أبصارهنّ وعقولهنّ وجرحن أيديهنّ وهنّ لا يشعرن، فتتفاقم فتنة يوسف -عليه السلام- بعد انضمام النساء لامرأة العزيز في مراودته عن نفسه، قال تعالى في سورة يوسف: "فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)"، ثمّ هدّدته امرأة العزيز بالسجن والذلّ إن لم يفعل ما طلبنه منه، ففضّل يوسف السجن على الفاحشة، ولجأ إلى ربه ليبعده عن الفتنة، وشاء الله أن يدخل السجن.
فيديو قد يعجبك: