في ذكرى ميلاده.. الخطيب البغدادي الإمام الحافظ الذي كشف زيف اليهود وتدليسهم
كتبت – آمال سامي:
في الحجاز وفي مثل هذا اليوم، ولد أحمد بن علي بن ثابت الملقب بـ "الخطيب البغدادي" في الرابع والعشرين من جمادى الآخرة عام 392 هحريًا، الموافق الأول من ديسمبر عام 1534م، وتربى البغدادي في قرية بجنوب بغداد تسمى درزيجان، وصفه الذهبي في سير أعلام النبلاء قائلًا: "الإمام الأوحد العلامة المفتي، الحافظ الناقد، محدث الوقت...صاحب التصانيف، وخاتمة الحفاظ" حيث كانت للبغدادي مكانة كبيرة في كتابة التاريخ وتطوير الكتابة التاريخية عند المسلمين، وأشهر كتبه هو كتاب تاريخ بغداد حيث جمع فيه تراجم الأعلام الذين عاشوا في بغداد حتى منتصف القرن الخامس الهجري.
كان أبوه خطيبًا بقرية درزيجان وتولى الإمامة والخطابة بجامعها لمدة عشرين عامًا، مما جعله يهتم باتمام ابنه حفظ القرآن الكريم، يقول الذهبي أنه بدأ بتلقي العلم والسماع من العلماء وعمره لا يتجاوز الإحدى عشر عامًا، وانتقل إلى البصرة حين بلغ العشرين، والتقى بكبار علماءها هناك ثم إلى نيسابور، وعمره 23 سنة، وارتحل في عدة بلدان وكتب كتبًا كثيرة حتى قال عنه الذهبي "صار أحفظ أهل عصره على الإطلاق"، وكان من بين أساتذته أبي الحسن بن عبدكويه، وابو بكر البرقاني.
"أصبح الخطيب البعدادي معقد الآمال في بغداد ومقصد طلبة العلم من شتى البلاد" يقول محمد مختار المفتي في كتابه اسهامات العلماء والمستشرقين في الفكر الإسلامي، راويًا كيف تصدى الخطيب البغدادي بالعلم وحده لوثيقة تاريخية مزيفة اختلقها اليهود حتى لا يدفعوا الجزية، حيث اظهر بعض اليهود عام 447 من الهجرة كتابًا ادعوا فيه ان الرسول صلى الله عليه وسلم اسقط الجزية عن أهل خيبر، وكتب ذلك في هذا الكتاب، وفيه شهادات من الصحابة، وقالوا أن فيه خط علي بن أبي طالب، فلما أرسلوا هذا الكتاب إلى وزير الخليفة القائم بأمر الله عرضه على الخطيب البغدادي فتأمله ثم قال: هذا مزور، فلما قيل له كيف عرفت ذلك؟ قال: من شهادة معاوية فهو أسلم عام الفتح سنة 8 هجريا وفتحت خيبر عام 7 هجريًا، وفيه شهادة سعد بن معاذ وقد مات يوم بني قريظة أي قبل خيبر بسنتين. فاستحسن الوزير ما فعله الخطيب ولم يحاسب اليهود على ما فعلوه لكنه أخذ منهم الجزية.
ويقول مختار إن ما فعله الخطيب دليل على سعة علمه في التاريخ ومعرفته الدقيقة بالرجال والنقد التاريخي والبصر بالسند والمتن، وقد رفعت هذه الحادثة مكانة الخطيب البغدادي عند وزير الخليفة، فجعله مرجعًا للخطباء والوعاظ في الحديث، فلا يروون حديثًا حتى يعرضوه عليه ليرى درجته فإن كان صحيحًا اذاعوه وإن كان ضعيفًا ردوه. وقد نقل الذهبي في سير اعلام النبلاء شهادات العلماء للخطيب البغدادي بالحفظ، حيث قال المؤتمن الساجي: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من أبي بكر الخطيب. وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه : أبو بكر الخطيب يشبه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه .
ويؤكد مختار في كتابه أن جمهور أهل العلم اجمع على امامة الخطيب البغدادي في الحديث وعلومه وتحريه واتقانه، وعلى علو منزلته كذلك في التاريخ والتراجم. وقد بلغ مجموع ما ألفه الخطيب البغدادي نحو 86 كتابًا أبرزهم: الكفاية في علم الرواية، وهو من أهم كتب مصطلح الحديث، وكتاب الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع، تحدث فيه عن آداب طالب علم الحديث، وكتاب الفقيه والمتفقه، والبخلاء. أما تاريخ بغداد فهو أكبر وأهم وأشهر مؤلفاته وقد سبق الحديث عنه.
استقر البغدادي في آخر أيامه ببغداد وقام بالتدريس في حلقته بجامع المنصور، حتى توفي في ذي الحجة عام 463 هجريًا.
فيديو قد يعجبك: