"حلالٌ شرعًا ولها شروط".. تعرف على رأي الإفتاء في المضاربة اليومية في البورصة
كـتب- عـلي شـبل:
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا من شخص يقول: (أرغب في شراء وبيع الأسهم عن طريق المتاجرة اليومية في البورصة الأمريكية أو ما يسمى (سكالبنج- scalping) أو (Day trading) وذلك عن طريق شراء السهم وتملكه بالكامل من مالي الخاص في محفظتي على منصة التداول ثم بيعه عندما يرتفع ثمنه وذلك بغرض التجارة وليس بغرض التلاعب لرفع سعره أو ما شابه وسأقوم بذلك عن طريق تحليل ودراسة سوق الأسهم ثم القيام بالبيع بعد الشراء خلال ثوان أو دقائق أو ساعات أو أيام حسب الحركة السعرية للسهم وحسب التحليلات الفنية بدون استخدام طرق التجارة المحرمة مثل الشورتنج أو المارجن أو التجارة في العقود الآجلة أو ما شابه.
- فهل هذه التجارة وبهذه الصورة تعتبر من قبيل المضاربة المحرمة أو النجش أو الغرر أو المقامرة، مع العلم أن هدفي هو الربح من الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع وليس تلاعبًا بالسوق؟
- وهل توجد حرمة إن كانت هذه الشركات الأمريكية مالكة الأسهم تعتمد في تمويلها على القروض من البنوك؟).
في بداية فتواه، أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية أن "الاسكالبنج: scalping" هو أحد أشهر أساليب التداول في سوق "الفوركس: Forex"، ويُقْصَد به الدخول في صفقات كبيرة في سوق المال لفترة زمنية قصيرة، وذلك بناء على تَغيُّرات مُتوقَّعة في سوق المال، مشيرا إلى أن عصرنا عرف لونًا من رأس المال المستحدث؛ استحدثه التطور الصناعي والتجاري في العالم، ومنها ما عرف باسم الأسهم، وهي من الأوراق المالية التي تقوم عليها المعاملات التجارية في أسواق خاصة بها؛ وهي التي تسمى (بورصات الأوراق المالية).
ولفت فضيلة المفتي، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، أن التجارة هي أن تشتري لتبيع لتربح؛ فيشترط فيها: التملُّك بعقد معاوضة محضة بقصد البيع لغرض الربح، من غير أن يتخلل ذلك صناعة أو إنتاج أو استغلال،والتجارة في المباحات الأصل فيها أنها جائزة شرعًا، ويشترط فيها ما يشترط في سائر العقود من تحقق الرضا بين المتعاقدين بخلو المعاملة عن الغرر والغش، وأن لا يشتمل محل العقد على محرم؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
وأوضح علام أن الأسهم عبارة عن ملكية جزء لرأس مال في الشركات المساهمة أو التوصية بالأسهم، فكل سهم يعد جزءًا من أجزاء متساوية لرأس المال ويمثل جزءًا من رأس مال الشركة أو البنك، وينتج هذا السهم جزءًا من ربح الشركة أو البنك يزيد أو ينقص تبعًا لنجاحهما وزيادة الربح أو نقصه، كما يتحمل أيضًا قسطه من الخسارة، وللسهم قيمته الاسمية المقدرة عند إصداره، وقيمته السوقية التي تتحدد في سوق الأوراق المالية، والتي تجعل هذا السهم قابلًا للتداول كسائر السلع مما يجعله وسيلة للاتجار بالبيع والشراء بغرض الربح، ويتأثر سعر السهم في السوق المذكور كغيره من السلع تبعًا لزيادة العرض والطلب ونجاح الشركة، ومقدار الربح الحقيقي للأسهم، بل يتأثر بالأحوال السياسية للبلد وبالأحوال العالمية من حرب وسلام.
وعلى هذا أكد مفتي الجمهورية أن إصدار الأسهم وملكيتها والتعامل بها بيعًا وشراءً حلالٌ شرعًا ولا حرج فيه، ما لم يكن عمل الشركة التي تكونت من مجموعة الأسهم مشتملًا على محظور، فإذا كان استثمار المال فيما أحله الله من وسائل الإنتاج الصناعي والزراعي والتجاري دون غشٍّ أو تدليس أو احتكار أو مضاربة شكلية يُرَاد بها الإضرار والإفساد أو إضعاف القوة الشرائية للعملة الوطنية أو التلاعب بالأسواق: فإنه جائزٌ شرعًا بلا حرج.
والذي عليه الفتوى- يؤكد الدكتور شوقي علام- أن التعامل في البورصة جائز شرعًا ما دام بنية التجارة لا التلاعب بالأسواق، على أن يكون نشاط الشركة مباحًا، وأن يكون للشركة أصول وأوراق ثابتة ومعلومة، فإذا توافرت تلك الشروط فأموالك حلال ولا شيء فيها؛ لأن البورصة في الأصل هي وسيلة للتمويل وليست سوقًا للقِمار، فمَن حَوَّلها عن مقصودها فهو آثم شرعًا.. وما جاء في السؤال من كون الشركات الأمريكية تعتمد على الاقتراض من البنوك: لا يستقيم تسمية أخذ هذا المال من البنك أنه عقد قرض؛ لأنه ليس عقد إرفاق ومعونة كما هو الحال في عقد القرض، بل هو عقد تمويل.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال، يقول علام: فما دامت الواقعة المسؤل عنها ليس فيها استخدام المارجن أو نحوه من المحظورات الواردة في السؤال، وما دام المتعامل مع البورصة لا يقوم بالتأثير سلبًا على حركة التداول داخل البورصة بالقيام بأي من التعاملات التحايلية التي تمنع منها قوانينُ البورصة، وكان يملك الأسهم التي يتاجر فيها تملكًا تامًّا بحيث تصبح باسمه بعد المقاصة والتسوية؛ فإن ما يقوم به ذلك المتعامل جائز شرعًا، وليس فيها شيء من المقامرة أو المضاربة المحرمة، ولا يضر كون هذه الشركات مالكة الأسهم تعتمد على التمويل من البنوك الأمريكية؛ لما ذكرناه من افتراق مفهوم التمويل عن معنى القرض.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
فيديو قد يعجبك: