أم الدرداء الصغرى.. راوية الحديث والعالمة الفقيهة
كتبت – سارة عبد الخالق:
يزخر تاريخنا الإسلامي بالكثير من الشخصيات النسائية الرائعة أصحاب المعرفة الواسعة والعلم الغزير.. من ضمنهن عالمة فقيهة من رواة الحديث، وكان زوجها أيضا أحد الرواة المشهورين، روت عدة أحاديث عن النبي – صلوات الله عليه - ، وكانت لها مواقف عديدة سطرتها صفحات الكتب؛ إنها العالمة الفقيهة "أم الدرداء الصغرى".
يقول الحافظ الذهبي عنها في كتابه (سير أعلام النبلاء): "أم الدرداء السيدة العالمة الفقيهة هجيمة وقيل: جهيمة الأوصابية الحميرية الدمشقية وهي أم الدرداء الصغرى"، وقال أبو مسهر الغساني: " أم الدرداء هي هجيمة بنت حيي الوصابية وأم الدرداء الكبرى هي خيرة بنت أبي حدرد لها صحبة".
زوجها هو الصحابي الجليل "أبو الدرداء" أحد رواة الحديث المشهورين، وقد روت علما جما عنه، كما روت أيضا عن سلمان الفارسي وفضالة بن عبيد وكعب بن عاصم الأشعري وعائشة وأبي هريرة، كانت قد عرضت القرآن على زوجها أبي الدرداء وهي صغيرة وطال عمرها، واشتهرت بالعلم والعمل الزاهد.
و"عن مكحول قال كانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل وكانت فقيهة"، وفقا لما جاء في (صور من حياة التابعيات) لمحمدحامد محمد، وكانت ترى أن أفضل العلم المعرفة، "فعن أبي مرحوم قال: سمعت أم الدرداء تقول: أفضل العلم المعرفة"، وقال عمير بن زيتون: "كتبت لي أم الدرداء في لوحي فيما تعلمني تعلموا الحكمة صغارا".
قال ابن جابر وعثمان بن أبي العاتكة: "كانت أم الدرداء يتيمة في حجر أبي الدرداء، تصلي في صفوف الرجال،وتجلس في حلق القراء تعلم القرآن، حتى قال لها أبو الدرداء يوما: الحقي بصفوف النساء"، وفقا لما جاء في (نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء).
كان زوجها أبو الدرداء يعطي لها دروسا وعبراً في حياتها، يذكر أنها "كانت تشكو الحاجة وضيق اليد، بعد أن عاشت الغنى والثراء في الجاهلية، فكان أبو الدرداء يقول لها: تصبري يا أم الدرداء فإن أمامنا عقبة كئودا - (أي: شاقة أو صعبة) - لا يجاوزها إلا أخف الناس حملا، فتسكت أم الدرداء ولا تعاود الشكوى، وتدعو الله أن يخفف عنها عبء اليوم المشهود"، وفقا لما جاء في كتاب (صحابيات حول الرسول صلى الله عليه وسلم) لصلاح عبد السلام الرفاعي، عبد الصبور شاهين.
- وقد روت أم الدرداء عدة أحاديث منها:
فعن أم الدرداء، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "ليس من البر الصيام في السفر" – الطبراني.
وعن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: "سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة منهن سجدة النجم" – مسند أحمد.
وعن أم الدرداء قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأثرعن ربه أنه قال: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه" – تهذيب التهذيب.
وعنها أيضا، قالت: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت أبا القاسم – ما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها – يقول: "إن الله عز وجل يقول: يا عيسى إني باعث من بعدك أمة، إن أصابهم ما يحبون حمدوا الله وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم، قال: يارب كيف هذا لهم ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي" – مسند أحمد.
وقد حدث عنها كثيرون منهم: جبير بن نفير وأبو قلابة الجرمي وسالم بن أبي الجعد ورجاء بن حيوة ويونس بن ميسرة ومكحول وعطاء الكيخاراني وإسماعيل بين عبيد الله بن أبي المهاجر وزيد بن سالم، و غيرهم.
- لأم الدرداء مواقف عديدة، منها:
عن عون بن عبد الله، قال: كنا نأتي أم الدرداء فنذكر الله عندها.
عن لقمان بن عامر عن أم الدرداء أنها قالت: اللهم إن أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا اللهم فأنا أخطبه إليك فأسألك أن تزوجينه في الجنة، فقال لها أبو الدرداء فإن أردت ذلك فكنت أنا الأول فلا تتزوجي بعدي، قال: فمات أبو الدرداء وكان لها جمال وحسن فخطبها معاوية فقالت لا والله لا أتزوج زوجا في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله في الجنة".
وقال إسماعيل بن عبيد الله: كان عبد الملك بن مراون جالسا في صخرة بيت المقدس، وأم الدرداء معه جالسة، حتى إذا نودي للمغرب قام وقامت تتوكأ على عبد الملك حتى يدخل بها المسجد، فتجلس مع النساء، ويمضي عبد الملك إلى المقام يصلي بالنساء.
وعن يحيى بن يحيى الغساني، قال: "كان عبد الملك بن مروان كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق"، وعن عبد ربه بن سليمان قال: "حجت أم الدرداء في سنة إحدى وثمانين".
فيديو قد يعجبك: