أبو الفضل العباس .. عم النبي وساقي الحرمين
كتب – هاني ضوه :
ساقي الحرمين .. وجد الخلفاء العباسيين الذي توسل به الصحابة الكرام في صلاة الاستسقاء، إنه العباس بن عبدالمطلب بن هاشم عم النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، الذي له الكثير من المناقب، والذي كانت وفاته رضي الله عنه بالمدينة المنورة في مثل هذا اليوم 12 من شهر رجب سنة 32 هجريًا.
ولد العباس رضي الله وكان يلقب بأبو الفضل في مكة المكرمة قبل عام الفيل بثلاث سنين، وعندما كان صغيرًا ضاع في مكة فنذرت أمه نُثيلة بنت جناب بن كُليب بن مالك إن وجدته أن تكسو البيت الحرام بالحرير والديباج وأصناف الكسوة، فكانت أول امرأة عربية تكسور الكعبة المشرفة وفقًا لما ذكره الصفدي في كتابه «الوافي بالوفيات».
كانت للعباس رضي الله عنه مكانة كبيرة حتى قبل إسلامه، فكانت له سقاية البيت الحرام وعمارته، فقد كانت السقاية لبني هاشم، وكان أبو طالب يتولاها، فلما اشتد الفقر بأبي طالب، أسند السقاية إلى أخيه العباس، وكان من أكثر قريش مالاً، فقام بها.
وعن ذلك يقول ابن عبد البر في كتابه: "الاستيعاب": "فأما السقاية فكان هو المسؤول عن سِقاية الحجاج والمعتمرين لبيت الله الحرام، وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدًا يسب في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هجرًا؛ أي: كلامًا قبيحًا، يَحمِلُهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعًا؛ لأن أشراف قريش قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك، فكانوا له أعوانًا عليه، وسلموا ذلك إليه".
ويذكر أصحاب السير كالذهبي وابن سعد وابن الجوزي أنه العباس بن عبدالمطلب أسلم قبل الهجرة وكان يكتم إسلامه خوفًا من إيذاء كفار قريش، ويوم بدر خرج مع المشركين مستكرهًا، ففي سير الذهبي أنه شارك مع المشركين في بدر وأسر وطلب منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يفدي نفسه وابن أخيه عَقيل بن أبي طالب ونوفل ابن الحارث وعُتبة بن عمرو بن جَحْدَم، فأخبره أنه مسلم، ثم افتدى نفسه ومن معه.
وكانت للعباس مكانة كبيرة عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ودل على ذلك في أكثر من موضع، منها ما رواه الإمام الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما بال رجال يؤذونني في العباس، وإن عم الرجل صنو أبيه (أي مثلُ أبيه)، من ءاذى العباس فقد آذاني».
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ظلت مكانة العباس محفوظة بين الصحابة الكرام، ففي عام الرمادة، وحيث أصاب العباد والبلاد قحط شديد، خرج سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه والمسلمون معه إلى الفضاء يصلون صلاة الاستسقاء، ويضرعون الى الله أن يرسل إليهم الغيث والمطر.
ووقف سيدنا عمر بن الخطاب وقد أمسك يمين العباس بن عبدالمطلب بيمينه، ورفعها صوب السماء وقال: "اللهم انا كنا نسقى بنبيك وهو بيننا .. اللهم وإنا اليوم نستسقي بعمّ نبيّك فاسقنا". ولم يغادر المسلمون مكانهم حتى جاءهم الغيث، وأقبل الصحابة الكرام على العباس رضي الله عنه يعانقونه، ويقبّلونه، ويتبركون به وهم يقولون : "هنيئًا لك .. ساقي الحرمين".
وروى العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عدة أحاديثَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ منها: خمسة وثلاثون في مسند بَقِي بن مخلد، وفي البخاري، ومسلم حديث، وفي البخاري حديث، وفي مسلم ثلاثة أحاديث.
وكانت وفاته رضي الله عنه بالمدينة المنورة 12 من شهر رجب سنة 32 هجريًا، فبعث بنو هاشم من يبلغ أهل المدينة خبر الوفاة، فاحتشد الناس عند بيته ولم يقدر أحد أن يدنو من سريره لكثرة ازدحام الناس، ثم ازدحم الناس عند قبره فلم يستطع بنو هاشم أن يدنوا من قبره، فبعث عثمــان بن عفـان رضـي الله عنه الشرطة يفسحون الطريق لبني هاشم حتى وصلوا إلى قبره.
وقام بتغسيله الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأولاده: عبد الله وقُثَم وعُبيد الله، وصلى عليه سيدنا عثمان ابن عفان رضي الله عنه ودفن في البقيع.
فيديو قد يعجبك: