أم حكيم.. قتلت 7 من الروم بعمود خيمة عرسها وتزوجت 3 من الشهداء
كتب – هاني ضوه :
لم تكن المرأة يومًا بمعزل عن الحياة والأحداث المهمة عبر التاريخ الإسلامي، بل كان لها تواجد قوي ومؤثر في كثير من الوقائع التي خلدها التاريخ، فكانت الصحابيات الكرام يشاركن في المعارك الحاسمة ويقمن بأدوار لا تقل أهمية عن الرجال.
وفي هذا التقرير يرصد مصراوي سيرة واحدة من الصحابيات اللاتي تمتعن بالشجاعة والإقدام، ولا عجب، فخالها هو سيف الله المسلول خالد بن الوليد، إنها الصحابية الجليلة أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومية بنت أخي أبي جهل عمرو بن هشام، وأمها فاطمة بنت الوليد أخت سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وأخوتها مالك بن الحارث، وعبد الرحمن بن الحارث، وعمة التابعي أبو بكر بن عبد الرحمن.
قبل إسلامها كانت من أشد المعادين للإسلام هي وزوجها عكرمة بن أبى جهل الذي خاض الكثير من المعارك ضد الإسلام، بل شاركت هي نفسها في غزوة أحد ضد المسلمين لتشد من أذر الرجال. وبعد فتح مكة أسلمت أم حكيم ووالدها وبايعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن زوجها كان لا يزال على كفره وهرب إلى اليمن.
ولكن الزوجة الوفية ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتطلب منه الأمان لزوجها إن عاد مسلمًا، فأعطاها النبي الأمان وأخبرها أنه صفح عنه، فتهلّل وجهها، واندفعت تبحث عن زوجها، فلما وصلت إليه أخبرته ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأخبرته عن البشرى الطيبة، فعاد وجلس بين يدي النبي وأعلن إسلامه.
وشاركت السيدة أم حكيم رضي الله عنها في كثير من معارك الإسلام والتي كان من أبرزها معركة اليرموك، وكانت خلف الصفوف تداوي الجرحي وترد المتراجعين عن القتال، وفي هذه المعركة استشهد زوجها عكرمة ولمّا أكملت عدتها تقدم لخطبتها اثنان من كبار قادة المسلمين، وهما يزيد بن أبي سفيان، وخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنهم أجمعين، وكانت عادة العرب أنهم يرَوْن من حُسْن الوفاء لصاحبهم المتوفى أن يتزوجوا بزوجته.
ووافقت أم حكيم من الزواج من خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه، وكانت لا تزال الحرب مستمرة بين جيوش المسلمين والروم في معارك فتح الشام، ولكن ذلك لم يكن مانعًا من أن يتزوجا رغم هذه الظروف الصعبة.
وبالفعل تم العرس وأقيمت الولائم في منطقة "مرج الصفر" عند قَنْطَرَةٍ على النهر سُميت بقنطرة "أم حكيم"، ودخل بها في خيمة نصبت لهما، وللأسف لم يدم هذا الزواج إلا ليلة واحدة، فقد أقبلت جيوش الروم، فخرج العريس الجديد لهم وظل يقاتلهم ببسالة حتى استشهد في سبيل الله.
ولما علمت أم حكيم باستشهاد زوجها على أيدي الروم، نزعت عمود خيمتها التي تزوجت فيها بالأمس، وشدت عليها ملابسها، وخرجت تقاتل الروم ببسالة وشهامة فقتلت منهم سبعة.
وذكر الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء": "التقوا على النهر عند الطاحونة ، فقتلت الروم يومئذ حتى جرى النهر وطحنت طاحونتها بدمائهم فأنزل النصر ، وقتلت يومئذ أم حكيم سبعة من الروم بعمود فسطاطها".
وظلت أم حكيم رضي الله عنها مجاهدة وصابرة ومحتسبة، وتقدم للزواج منها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتزوجها، وعاشت معه فترة قصيرة، وتوفيت بعد ولادتها لابنتها فاطمة بنت عمر بن الخطاب، فنالت درجة الشهداء لأنها ماتت في فترة النفاس، وقد عرفت بأنها زوجة لثلاثة من الشهداء وهم: عكرمة وخالد بن سعيد بن العاص وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.
فيديو قد يعجبك: