الحب في بيت النبوة.. مواقف وتربية إسلامية
كتب – هاني ضوه :
الحب شعور إنساني نبيل، يحول الحياة إلى جنة، وليس المعنى مقصوراً على الحب الرومانسي بين الرجل والمرأة، بل المقصود هو الحب على إطلاقه للأهل والأصدقاء والخلق أجمعين.
لم يكن الحب غائبًا عن بيت النبوة، بل تكونت أساساته من المحبة والمودة والرحمة، وشهدت جنباته قصصًا ومواقف رومانسية دارت بين الحبيب المحبوب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وبين أمهات المؤمنين.
وتروي كتب السيرة النبوية المشرفة العديد من حكايات الحب التي هي رغم بساطتها إلا أنها تؤدي إلى تماسك وترابط العلاقة الزوجية، وهي نموذج ومثال لكل من أراد حياة سعيدة.
ومن هذه المواقف الجميلة التي دارت بين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبين زوجاته الكرام، فتحكي السيدة عائشة رضي الله عنها كيف دعاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتشاهد كيف يرقص أهل الحبشة بالحراب في المسجد، فتقول إن النبي سمع لغطًا وصوت صبيان، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قوم من الحبشة يرقصون، والصبيان حولها فقال: "يا عائشة، تعالى فانظري"، فجائت السيدة عائشة ووضعت ذقنها على كتف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخذت تشاهد من ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لها: "أما شبعت، وأما شبعت؟" قالت: فجعلت أقول: لا، لأنظر منزلتي عنده".
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها قدم الرسول صلى الله عليه وآل وسلم مرة من غزوة وفي سهوتي أي مخدعي- ستر، فهبت الريح فانكشف ناحية الستر عن عرائس لي لعب، فقال ما هذا يا عائشة؟ قلت بناتي، ورأى صلى الله عليه وآله وسلم بينهن فرسا له جناحان من غير قاع -من جلد- فقال: ما هذا الذي وسطهن؟ قلت فرس فقال صلى الله عليه وآله وسلم فرس له جناحان، قلت: أما سمعت أن لسليمان -عليه السلام- خيل لها أجنحة؟ قالت: فضحك -صلى الله عليه وسلم- حتى رأيت نواجذه.
ومن مواقف الحب بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتي شهدتها جنبات بيت النبوة، أنه عليه الصلاة والسلام وعلى آله كان يشرب من موضع شربهن ويأكل من موضع أكلهن، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة: "كنت أشرب فأناوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيضع فاه على موضع فيّ، وأتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيّ". أي يأكل ما بقي من لحم تركته السيدة عائشة على العظم.
ولم تكن تلك المشاعر الجميلة تظهر فقط في وقت الرخاء والراحة، ولكن حتى في وقت الشدة والحروب، فعن أنس قال: "خرجنا إلى المدينة -قادمين من خيبر- فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجلس عند بعيره، فيضع ركبته وتضع صفية رجلها على ركبتيه حتى تركب البعير"، فلم يخجل الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم من أن يرى جنوده هذا المشهد وهو يظهر الحب والمودة لزوجته السيدة صفيه.
وكان الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم يترك زوجاته في حال غضب أو حزن، بل كان يسعى لتطييب خاطهرن، ويبين ذلك موقف حدث مع السيدة صفية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، وكان ذلك يومها، فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهى تبكي، وتقول: حملتني على بعير بطيء، فجعل رسول الله يمسح بيديه عينيها ودموعها، ويسكتها.
ليس ذلك فحسب بل كان هناك وقت للمرح بينه وبين أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فيعقد المسابقات بينه بين السيدة عائشة رضي الله عنها، عائشة ويتركها تسبقه، ثم يسابقها مرة أخرى فيسبقها ويقول لها ضاحكًا: "هذه بتلك".
وللمزاح كذلك نصيب في بيت النبوة، فتحكي لنا السيدة عائشة رضي الله عنها كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمزح معهن ويشارك في المزاح بين أمهات المؤمنين وبعضهن، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: زارتنا سودة يومًا فجلس رسول الله بيني وبينها، إحدى رجليه في حجري، والأخرى في حجرها، فعملت لها حريرة فقلت: كلى! فأبت فقلت: لتأكلي، أو لألطخن وجهك،فأبت فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجله من حجرها لتستقيد منى، فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك.
فيديو قد يعجبك: