إعلان

"مقلى" .. أول أرض عرفت الإسلام بعد مكة

02:56 م الأربعاء 05 سبتمبر 2018

كتب – هاني ضوه:

"لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن فيها ملكاً لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه".. هكذا وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرض الحبشة التي كان أول ملجأ للمسلمين فرارًا بدينهم.

وهناك في إقليم تيجراي، توجد مدينة "مقلي"، عاصمة الإقليم، التي ضمت المسلمين الأوائل في هجرتهم فكانت أول أرض تعرف الإسلام بعد مكة المكرمة، وفيها يوجد قبر "النجاشي" الذي كان ملكًا لمملكة "أكسوم"، حكم بين 610 – 630 للميلاد، وآوى المسملين ونصرهم، بل ودخل في دين الله وأغلب من معه.

وكان المسلمون قد هاجروا إلى هناك هجرتين: الأولى عام 615 ميلاديًا، حيث هاجر 16 من المسلمين الهاربين من بطش قريش، وتلتها الهجرة الثانية الأكبر حجمًا، إذ بلغ عدد المهاجرين 83 مسلمًا ومسلمة، على رأسهم جعفر بن أبي طالب.

وعندما أرسلت قريش مبعوثين لاسترداد اللاجئين المسلمين، رفض النجاشي تسليمهم أو إبعادهم، بل وفّر لهم سبل الحياة الكريمة.

وحتى اليوم تحتضن قرية "مقلى" العشرات من المساجد والتكايا الصوفية، كما يوجد كذلك قبور للصحابة الكرام الذين توفوا أثناء هجرتهم وإقامتهم هناك.

ليس ذلك فحسب، بل تضم كذلك قبر الملك "النجاشي" ومسجداً يحمل اسمه، حيث يحرص الأثيوبيون خصوصًا على زيارة قبر النجاشي مرتين في العام، إحداهما في شهر رمضان، حيث يقصدها كثير من المحسنين لتوزيع صدقات أموالهم وأطعمتهم للفقراء والمساكين، الذين يتوافدون إلى مسجد النجاشي، والأخرى في شهر محرم، حيث يقصد أتباع الطرق صوفية المسجد لإقامة ما يطلق عليه "حولية النجاشي" تبركاً وتقرباً إلى الله.

يقع قبر ومقام النجاشي رضي الله عنه، والذي يسميه الناس هناك أحمد النجاشي على قمة هضبة تجعله يقع عليه بصرك حيثما كنت، ويقع الضريح داخل المسجـد الجديد الذي بني على مقربة من المسجد القديم الذي بناه الصحابة المهاجرون، والـذي يعـتبر أقدم مسجد على الإطلاق، إذ إنه شُيّد قبل الهجرة النبوية، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام آنذاك يؤدون صلاتهم بدار الأرقم.

ولا يزال هذا المسجد بحال جيدة وكأنه بني بالأمس، ويتسع لحوالي 400 مصلٍ، مما يشير إلى أن عدد الصحابة المهاجرين كان قريباً من ذلك العدد.

وتوجد بالقرب من المسجد عين ماء حفرها الصحابة الكرام لما وصلوا للحبشة، يشبهها أهل المنطقة ببئر زمزم.

وتذكر بعض المخطوطات القديمة عن هذه البئر أن العطش ألمّ ببقية الصحابة وأهلك بعضهم، وإن الله استجاب دعاءهم وفجّر لهم عين ماء.

وبالقرب من قبر النجاشي يوجد ضريح الصحابي عدي بن النضير رضي الله عنه الذي مات قبل النجاشي، وشارك النجاشي نفسه في دفنه. كما توجد خمسة قبور أخرى تضم رفات الصحابة: حاطب بن الحارث، وسفيان بن معمر، وعبدالله بن الحارث، وعروة بن عبد العزى.

وعلى بعد 100 متر من ضريح النجاشي، وعلى الضفة الأخرى من نهر عباي، توجد كنيسة "مريم كحدا" وكلمة "كحدا" تعني "رفضت" في اللغة التجرينية، وتذكر المخطوطات أن مريم زوجة النجاشي رفضت الدخول في الإسلام فأقام لها هذه الكنيسة، وفي ذلك دلالة واضحة على التسامح الديني الذي عُرف به النجاشي.

وتثبت المخطوطات أن حكم النجاشي وأسرته المسلمة استمر لفترة 320 عاماً ساد فيها العدل، وكان للنجاشي ثلاثة أبناء هم: اريحا، وعبدالله، وأبو نيرز الذي أصبح مولى للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

مصادر:

كتاب: "البداية والنهاية" – الإمام ابن كثير.

كتاب: "الدر المنثور في التفسير بالمأثور" – الإمام السيوطي.

الموسوعة الحرة "ويكيبيديا"

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان