إعلان

في ذكرى وفاة ألب آرسلان.. سلطان العالم وقائد إحدى أهم المعارك في التاريخ الإسلامي

02:59 م الخميس 29 نوفمبر 2018

أرشيفية

كتبت – سارة عبد الخالق:

تمر اليوم ذكرى وفاة واحد من أهم قادة المسلمين وأحد حكام الأتراك السلاجقة.. الملقب بسلطان العالم أو بالسلطان الكبير أو الملك العادل.. قائد معركة (ملاذكرد) والتي تعد من أهم المعارك في التاريخ الإسلامي والتي وضعت حدا لنفوذ دولة الروم آنذاك إنه: (ألب آرسلان)، الذي توفي في مثل هذا اليوم من عام 1072 م، حيث قتل وهو في سن الأربعين على يد أحد الثائرين.

قال عنه ابن الأثير في كتابه (الكامل في التاريخ) متحدثا عن أخلاقه: "كان عادلاً يسير في الناس سيرة حسنة، كريمًا، رحيم القلب، شفوقًا على الرعية رفيقًا بالفقراء، بارًّا بأهله وأصحابه ومماليكه، كثير الدعاء بدوام النعم، وكان يكثر الصدقة، فيتصدق في كل رمضان بخمسة عشر ألف دينار، كان حريصًا على إقامة العدل في رعاياه وحفظ أموالهم وأعراضهم".

"هو السلطان الكبير، الملك العادل عضد الدولة (أبو شجاع ألب آرسلان محمد بن السلطان جغر بيك داود ميكائيل بن سلجوق بن تُقاق بن سلجوق التركماني الغزي)، وهو يعد واحدا من عظماء ملوك الإسلام وأبطالهم، وقد ملك الحكم بعد وفاة عمه (طغرل بك) – المؤسس الحقيقي لدولة السلاجقة –"، عرف باسم (ألب آرسلان) أي (الأسد الباسل) بالتركية.

"كان ألب آرسلان كعمه طغرل بك، قائدا ماهرا، كما كان متلهفا للجهاد في سبيل الله، ونشر دعوة الإسلام في داخل الدول المجاورة له، كبلاد الأرمن وبلاد الروم، حيث كانت روح الجهاد الإسلامي هي المحركة لحركات الفتوحات التي قام بها ألب آرسلان، وأكسبتها صبغة دينية، وأصبح قائد السلاجقة زعيما للجهاد، وحريصا على نصرة الإسلام ونشره في تلك الديار"، وفقا لما جاء في كتاب (دولة السلاجقة، وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي) للدكتور علي بن محمد الصلابي.

ظل ألب آرسلان لمدة 7 سنوات يتفقد أجزاء دولته المترامية الأطراف قبل أن يقوم بأي توسع خارجي، و"عندما أطمأن على استتاب الأمن وتمكن حكم السلاجقة في جميع الأقاليم والبلدان الخاضعة له، بدأ يخطط لتحقيق أهدافه البعيدة، وهي فتح البلاد النصرانية المجاورة لدولته، وإسقاط الخلافة الفاطمية الشيعية في مصر، وتوحيد العالم الإسلامي تحت راية الخلافة العباسية السنية ونفوذ السلاجقة" وبالفعل اتجه إلى بلاد الأرمن وجورجيا بعد أن أعد جيشا كبيرا، ونجح في فتحها وضمها إلى مملكته.

كما أغار على شمال الشام وحاصر الدولة المرداسية في حلب، ثم أجبر أميرها محمود بن صالح بن مرداس على إقامة الدعوة للخليفة العباسي بدلًا من الخليفة الفاطمي، وكان ذلك في عام 1070م، وفقا لما جاء في كتاب (قادة لاتنسى) لتامر بدر، ثم انتزع الرملة وبيت المقدس من يد الفاطميين بعد أن قام بإرسال قائده التركي (أتنسز بن أوق الخوارزمي) على رأس حملة إلى جنوب الشام، لكنه لم يستطع الاستيلاء على عسقلان؛ التي كانت تعتبر بوابة الدخول إلى مصر.

معركة ملاذكرد.. معركة فاصلة في التاريخ الإسلامي

وقد قاد ألب آرسلان معركة (ملاذكرد) والتي تعد من المعارك الهامة في التاريخ، والتي كانت بمثابة نقطة فاصلة حاسمة حيث قضت على سيطرة دولة الروم على أكثر مناطق آسيا الصغرى، وترجع خلفية هذه المعركة الشهيرة إلى أنه لم يرُق لإمبراطورية الروم كل ما وصل إليه ألب آرسلان وامتداد نفوذه في المنطقة بعد التوسعات والفتوحات والمعارك التي قادها، حيث أغضب ذلك (أرمانوس ديوجينس) إمبراطور الروم، فصمم على القيام بحركة مضادة للدفاع عن إمبراطوريته – وفقا لما جاء في كتاب (مرآة الزمان) لسبط ابن الجوزي، ووقف زحف ألب آرسلان وتوسعاته في المنطقة.

قال ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية) متحدثا عن عظمة تعداد جيش إمبراطور الروم قائلا: " وفيها أقبل ملك الروم في جحافل أمثال الجبال من الروم والفرنج، وعدد عظيم وعُدَد، ومعه خمسة وثلاثون ألفاً من البطارقة، مع كل بطريق مئتا ألف فارس، ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفاً، ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية خمسة عشر ألفاً".

وذكر الذهبي في كتابه "تاريخ الإسلام" متحدثا عن أسباب النصر التي يوليها ألب آرسلان اهتماما قائلا: " السلطان ألب أرسلان كان رجلاً صالحًا يأخذ بأسباب النصر المعنوية والمادية، فكان يقرب العلماء ويأخذ بنصحهم، وما أروع نصيحة العالم الرباني أبي نصر محمد بن عبد الملك البخاري الحنفي، في معركة ملاذكرد عندما قال للسلطان ألب أرسلان: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح، فالقهم يوم الجمعة بعد الزوال في الساعة التي يكون الخطباء على منابرهم يدعون لجيشك بالنصر، والله غالب على أمره.

وعلى الرغم من التفوق العددي للقوات البيزنطية إلا أن ألب آرسلان وقواته استطاع أن يهزمها، وأُسر على إثرها الإمبراطور البيزنطي، واستولت القوات السلجوقية على كم هائل من الغنائم، ولكثرة هذه الغنائم، طلب من أرسلان أن يفدي الإمبراطور البيزنطي نفسه بالمال وأن يجعله نائبه، فاشترط عليه السلطان أن يطلق كل أسير مسلم في بلاد الروم وأن يرسل إليه عساكر الروم في أى وقت يطلبها على أن يفتدي الإمبراطور نفسه بمليون ونصف المليون دينار.

يقول الدكتور محمد علي الصلابي: "إن انتصار ألب أرسلان بجيشه الذي لم يتجاوز خمسة عشر ألف محارب على جيش الإمبراطور أرمانوس الذي بلغ مائتي ألف في معركة (ملاذكرد)، كان حدثًا كبيرًا، ونقطة تحول في التاريخ الإسلامي؛ لأنها سهلت إضعاف نفوذ الروم في معظم أقاليم آسيا الصغرى، وهي المناطق المهمة التي كانت من ركائز الإمبراطورية البيزنطية وأعمدتها، وهذا ساعد تدريجيًّا على القضاء على الدولة البيزنطية على يد العثمانيين، كما أن انتصار المسلمين في هذه المعركة لم يكن انتصارًا عسكريًّا فقط بل كان انتصارًا دعويًّا؛ إذ انتشر الإسلام في آسيا الصغرى، وضمت مساحة تزيد على 400 ألف كم إلى ديار المسلمين".

على جانب آخر، لم تكن اهتمامات "ألب آرسلان" منصبة فقط على الفتوحات والتوسعات وتقوية أركان الدولة بل أولى اهتمام أيضا بالعلوم والآداب، فقد ظهر في عهده شخصيات بارزة مثل الشاعر والفلكي عمر الخيام، واهتم بإنشاء المجامع العلمية في بغداد وأشهرها المدرسة النظامية عام 1067 التي تخرج منها عماد الدين الأصفهاني و بهاء الدين شداد اللذان خدما صلاح الدين الأيوبي، كما درس فيها أبو حامد الغزالي.

وفاته

وفي مثل هذا اليوم من عام 1072 م، قتل ألب آرسلان وهو في سن الأربعين على يد أحد الثائرين يسمى "يوسف الخوارزمي" – وفقا لما جاء في كتاب الكامل في التاريخ .

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان