استخدم فيها خالد بن الوليد تكتيك "الكماشة" .. "الولجة" أشرس معارك المسلمين مع الفرس
كتب - هاني ضوه :
شهدت الدولة الإسلامية -بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى- توسعات كبيرة خاصة في عهد الخلافة الأولى لسيدنا أبوبكر الصديق الذي واجه الكثير من التحديات وبدأت في عهده الفتوحات الإسلامية.
ومن تلك المعارك المهمة والشرسة في عهد الصديق رضى الله عنه، معركة "الولجة" التي قادها سيف الله المسلول خالد بن الوليد -رضي الله عنه- ضد الفرس في العراق، وحقق فيها المسلمون نصرًا مبينًا رغم تفوق الفرس في العدد والعتاد، حيث طبق خالد بن الوليد استراتيجية وتكتيكًا عسكريًا جديدًا وبديعًا في ذلك الوقت وهو ما يسمى بـ"الكماشة".
وعن تلك المعركة يقول الإمام الطبري في كتابه "تاريخ الأمم والملوك": "إنه بعد انتصار المسلمين على الفرس في معركة "المذار" أمر كسرى ملك الفرس بحشد جيشين كبيرين بقيادة أمهر قادته وهما "الأندر زغر" و"بهمن جاذويه" وأمرهما بالتوجه إلى مدينة "الولجة" ليسدوا الطريق أمام خالد بن الوليد حتى لا يفتح الحيرة، ولكنّ خالدًا قد علم بما يعد له الفرس، وقلب الموقف لصالحه.
بدأت المعركة في "الولجة" بمبارزة خالد بن الوليد لأحد رجال الفرس، الذي جاء في وصف الطبري له بأنه "بألف رجل"، واستطاع خالد قتله وحينها حاول الفرس الهجوم بضراوة على المسلمين، حتى أن خالدًا أمر جنوده للاصطفاف بطريقة معينة حتى يصد هذه الهجمة وبالتالي استطاع تحقيق نصر مبين، وألحق بالفرس خسائر فادحة فيما فر قائدهم للصحراء ومات عطشًا".
وقعت المعركة على أرض سهل شاسع ممتد بين مرتفعين يمتدان إلى حوالي ميلين وبارتفاع 30 قدمًا شمال شرقي السهل يتداخل مع صحراء قاحلة، وعلى مقربة من الشمال الشرقي هناك فرع للفرات يسمى بـ"نهر خاسف"، وكان ذلك يوم 22 من شهر صفر سنة 12 هجريًا، بمشاركة من حوالي 15.000 رجل من المسلمين.
استطاع خالد بن الوليد بما له من حنكة عسكرية كبيرة أن يدرك أن هذه الأرض صالحة للمناورات التكتيكية، فعمل على حصار جيش الفرس بطريقة "الكماشة" حيث انقض عليه من كل جانب، فهاجمهم من ثلاث جبهات.
ويذكر الطبري أن خالدًا قسم جيشه إلى ثلاث فرق؛ الأولى في مقابل جيش الفرس، بينما أخفى فرقتين الأولى بقيادة "أبي رهم الجهني" لتهاجم الفرس من اليمين، والثانية بقيادة "سعيد بن مرة العجلي" لتهجم على الفرس من جهة اليسار، وأمرهما ألا يشاركان في القتال إلا بعد إشارة منه.
وبدأت المعركة الشرسة بين جيش المسلمين وجيش الفرس الذي يفوقهم عددًا وعتادًا ورغم ذلك كبدهم المسلمون خسائر كبيرة، حتى أن الفرس طلبوا إمدادًا من كسرى، وبينما هم كذلك أمر خالد بن الوليد الفرقتين الأخريين بأن يحاصرا جيش الفرس من اليمين واليسار فبدأت قوى الفرس في الانهيار ولاذوا بالفرار، حتى أن قائدهم "أندر زغر" فر هاربًا ومات عطشًا في الصحراء.
فيديو قد يعجبك: