مفتي الجمهورية يكتب "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت"
أوضح فضيلة الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية – في مقاله "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت" أن الأمة الإسلامية خير أمة أُخرجت للناس، قال تعالى في كتابه الكريم {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}، لافتًا إلى أن الخيرية هنا مشروطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعبارة واحدة مشروطة بالإصلاح؛ فالإصلاح هو علة خيرية هذه الأمة.
وأوضح أن الحق سبحانه وتعالى أخبرنا بأن الإصلاح كذلك هو سر الفلاح، فقال عز من قائل {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}، كما أنه سر الأمن والاستقرار بدفعه للبلاء والهلاك، قال تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}، وأكد فضيلة المفتي أن الإصلاح هو الهدف الأساسي للنبوات على مر التاريخ.
وأشار فضيلة المفتي إلى أن سبل الإصلاح بين المصلحين تعددت وتنوعت، ما بين مُؤْثِرٍ للإصلاح الديني يرى نهوض هذه الأمة بالعودة إلى دينها، وتمسكها بأصولها، وآخر يرى العمل الاجتماعي واحتذاء مناهج الأمم المتقدمة سبيلاً إلى الإحياء والنهوض، وغيره يرى ذلك في النهوض بالاقتصاد، وتوجيه ثروات الأمة وجهة رشيدة، وآخر يرى الحل في البدء بأولي الأمر، ومن بيدهم الحل والعقد، حتى لو تطلب الأمر حدوث انقلابات ثورية، معللاً ذلك بأن إصلاح النظام من شأنه أن يساعد على إصلاح الإنسان دون عكس، وأوضح فضيلة المفتي أن هذه السبل رغم تنوعها نستطيع أن نقسمها قسمين:
الأول: إصلاح يبدأ من الداخل إلى الخارج، من الأسفل إلى الأعلى، من روح الإنسان إلى ما حوله من الأكوان.
والثاني: على النقيض من الأول إذ يعمد أصحابه إلى البدء بالخارج قبل الداخل من الأعلى إلى الأسفل، من الحكومات إلى الشعوب.
وقال فضيلة المفتي: الذى نعتمده في دعوتنا ومسيرتنا هو الأول وقد أثبتت التجارب نجاحه وثباته على المدى الطويل، ولفت فضيلة المفتي إلى أن الإصلاح الروحي لا يتأتى إلا بإعادة ثقة الفرد في مولاه وخالقه وإيمانه بالغيبيات وبما وراء المادة، الأمر الذى يعزز من القيم والمبادئ في نفسه، ويرتقي به من قيد الماديات الزائفة إلى الحياة المعنوية الراقية التي تصبح المادة بموجبها في يده لا في قلبه الذى عليه أن يُفرغه من كل ما سوى الخالق تعالى.
وأكد فضيلة المفتي أن العناية بشأن النفوس والأرواح هي الأساس الكلي في الخلقة البشرية لكل ما يصدر عن الإنسان - أي إنسان كان - في أي اتجاه خاص أو عام، فردي أو عائلي، شعبي أو دولي، وسواء أكان هذا الاتجاه علميًّا أم ثقافيًّا أم وطنيًّا أم سياسيًّا أم اقتصاديًّا أم اجتماعيًّا، فإن هذا إنما يصدر عن النبع الكامن في باطن الإنسان صفاءً أو كدرة، فمتى صلحت البواطن فقد صلح المجتمع كله والعكس بالعكس، وهذه الحقيقة وإن كانت محل اهتمام ورسالة السادة الصوفية، إلا أنهم لم يخترعوها من عند أنفسهم، بل إنما قررها الإسلام وأكدها، ورتب عليها الجزاء العاجل والآجل في مثل قوله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فكل ما لم يصدر عن الباطن السليم فهو سقيم عقيم، لا ينهض ولا يستقيم، ولهذا كان التصوف الإسلامي الحقيقي في ذاته وأهدافه حركة إصلاحية اجتماعية وروحية شاملة يترتب عليها صلاح الفرد والجماعة، وصلاح الشعب والدولة من كل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإنه متى استقام الباطن على الطريقة المثلى والعلاقة الكبرى بالله، كان أداة تنفيذ آلي لحكم الله وقوانين السماء، لا يقوى بفطرته وحكم تربيته أن يزل عنها أو يترخص فيها، وبهذا تستقر الدولة وتتقدم، ومن ورائها كل قوى السماء.
فيديو قد يعجبك: