إعلان

في ذكرى وفاة "المهدي العباسي": شيخ الأزهر ومفتي الديار الذي عزلته الثورة العرابية وأعاده الخديوي

05:49 م الثلاثاء 08 ديسمبر 2020

المهدي العباسي

كتبت - آمال سامي:

تحل اليوم ذكرى وفاة أحد كبار شيوخ الأزهر الشريف وهو الإمام محمد بن محمد أمين بن محمد المهدي العباسي، المعروف بالشيخ المهدي، ولد الشيخ المهدي بالإسكندرية عام 1243 هـ حسبما ذكر فوزي صالح في كتابه "شيوخ الأزهر"، وحفظ فيها القرآن الكريم، وبعدها بـ 12 عاما رحل إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف ويحصل العلم، فتعلم على يد الشيخ خليل الرشيدي الحنفي والشيخ البياتي والشيخ إبراهيم السقا الشافعي وغيرهم من العلماء.

كان جد الإمام المهدي مسيحيًا وأعلن إسلامه على يد الشيخ محمد الحفني حسبما يذكر"فوزي صالح"، ولهذا كان يعتني به الشيخ الحفني أشد اعتناء، وحفظ جد الشيخ المهدي القرآن الكريم ودرس العلوم الإسلامية وتتلمذ على يد الشيخ حفني نفسه ويد أخيه كذلك، فكانت للشيخ المهدي مكانة كبيرة بين علماء زمانه، فولاه إبراهيم باشا منصب الإفتاء في مصر وعمره لا يتجاوز الواحد وعشرين عامًا، وقد ذكرت بعض المصادر أن إبراهيم فعل ذلك ليرضي عارف بك شيخ الإسلام الذي أوصاه بأبناء المهدي خيرًا في أثناء رحلته للقسطنطينية، وحين عاد لمصر، خلع على محمد المهدي منصب الإفتاء وجعل الشيخ خليل الرشدي قائم بشئون الفتوى حتى يتأهل المهدي للمنصب ويباشره بنفسه.

إصلاحات الأزهر في عهده

وتقول دار الإفتاء المصرية إن الشيخ المهدي العباسي هو أصغر من تولى منصب الإفتاء وكان كذلك اصغر من تولى مشيخة الأزهر بعد عزل الشيخ العمروسي عنها في عهد الخديو إسماعيل، وكذلك أول من تولى الأزهر متبعًا للمذهب الحنفي بعد ان كان حكرًا على الشافعية، وأول من جمع بين منصبي الإفتاء ومشيخة الأزهر.

وقد قدم المهدي العباسي إصلاحات عديدة في النظام الإدراي للأزهر الشريف، فوضع خطة جديدة لنظام التدريس في الأزهر، حيث أصبح التدريس وفق لمنهج محدد، ووضع نظام الامتحانات للحصول على الإيجازة من الأزهر، وكذلك جعل العلوم الحديثة تنضم للعلوم التقليدية في قانونه الجديد لتنظيم الأزهر الذي استطاع أن يحصل على موافقة الخديوي وتأييده له، فيقول فوزي صالح في كتابه السابق: "وضع الشيخ المهدي قواعد صارمة لا يستطيع أحد تجاوزها مهما كانت مكانته، تلك الأمور التي أعادت للمدرس بالأزهر مكانته وهيبته، في الوقت نفسه اعطته كل الحقوق المادية والأدبية".

موقف المهدي العباسي من الثورة العرابية

كان موقف الشيخ المهدي من الثورة العرابية ذو أثر كبير في مسيرته، حيث أثار عدم تأييده لها غضب زعيمها أحمد عرابي، فطالب الخديو بعزله من مشيخة الأزهر، ووافق بالفعل الخديو على ذلك في محرم 1299هـ ليتولاها الشيخ الإنبابي ويظل المهدي مفتيًا لمصر، وبعدها حدد قادة الثورة إقامة الشيخ المهدي في داره ومنعوا عنه الزيارات، لكن بعد إخماد الثورة أعاد الخديو المهدي إلى منصبه مرة أخرى، وظل فيه حتى عام 1314 هـ حيث غضب الخديو من اجتماع المفكرين والساسة في داره وتحدثهم في أمور الدولة، وحين عنفه استقال المهدي من منصبيه، فترك الأزهر والإفتاء، لكنه أعيد إلى منصب المفتي مرة أخرى حتى أصيب بالشلل ليكون كذلك أول من استمر في منصب الإفتاء لمدة 52 عامًا.

للشيخ المهدي مؤلفات عديدة أبرزها الفتاوى المهدية في الوقائع المصرية، وتقع في ثمانية أجزاء، قام بترتيبها حسب التراجم الفقهية مع مراعاة تواريخها، وكان ملتزمًا فيها بالمذهب الحنفي، وتثمن دار الإفتاء المصرية تلك المجلدات فتقول عنها "أن هذه الفتاوى جزء من تراث دار الإفتاء المصرية، تصور تاريخ أمتنا، وتعطي صورة صادقة عن مصر والعالم الإسلامي من جوانب عديدة يستفيد منها الباحثون بأنواع الدراسات المختلفة"، ومن مؤلفاته الأخرى: "رسالة في مسألة الحرام على مذهب الحنفية"، و"رسالة في تحقيق ما استتر من تلفيق في الفقه الحنفي".

وفي ليلة الأربعاء الثالث عشر من رجب عام 1315هـ، الموافق الثامن من ديسمبر عام 1897م، توفي الإمام المهدي ودفن بالمجاورين بجانب أبيه وجده.

فيديو قد يعجبك: