في ذكرى مولده.. الغزالي يهدم مبدأ "السمع والطاعة" ويفند أخطاء الإخوان
كتبت- آمال سامي:
في مثل هذا اليوم 22 سبتمبر 1917م، ولد عالم ومفكر إسلامي مصري، من دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عُرف عنه تجديده في الفكر الإسلامي وكونه من "المناهضين للتشدد والغلو في الدين".
هو الشيخ المجدد محمد الغزالي، الذي عُرف بأسلوبه الأدبي الرصين في الكتابة، واشتهر بـ"أديب الدعوة".. وفي التقرير التالي يرصد مصراوي أبرز المحطات في تاريخ الشيخ الراحل محمد الغزالي- رحمه الله- وموقفه من قضية "السمع والطاعة" عند جماعة الإخوان المسلمين.
بعد ترك الشيخ محمد الغزالي للجماعة إثر خلافه مع مرشدها "الهضيبي" نشر في كتابه "من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث" بعض مآخذه على فكر الجماعة، تحديدًا فكرة السمع والطاعة، والتي كانت سبب الخلاف الأساسي بين الهضيبي والغزالي، وخصص لها فصلًا كاملًا في كتابه.
فبعد ثورة يوليو 1952 حدث خلاف بين قيادة الجماعة ومجموعة من الشباب الذي تمرد على قرارات مكتب الإرشاد، وأيد الشباب أربعة من قيادات الجماعة كان من بينهم الغزالي، وقد صدر قرار بفصلهم من الجماعة بعد ذلك. ومن هنا بدأ الغزالي في نقد سياسة الهضيبي في كتاباته سواء في مجلة الدعوة أو في كتبه "في موكب الدعوة" و "من معالم الحق".
وقد قيد الغزالي قاعدة "السمع والطاعة" التي فرضها الإسلام في القرآن الكريم أو في السنة النبوية بـ"حفظ المصلحة العليا للجماعة"، فقال: قال الله عز وجل: (أطيعوا الله) أي اتبعوا كتابه. (وأطيعوا الرسول) أي خذوا بسنته. (وأولي الأمر منكم) أي فيما كلفوكم به من أمور تخدم الكتاب والسنة. وطبيعة الحياة عندما فرضت خضوع الجسم للعقل إنما بنت هذا لمصلحة الجسم والعقل جميعًا، على أساس أن العقل يصدر عنه ما يضر الجسم أو يؤدي به إلى التهلكة. فإذا استحمق امرؤ وشرع يخلط، حجرنا عليه فورًا، إنقاذا له من شر نفسه وإنقاذا للجماعة منه. واعتبر الغزالي أن الطاعة العمياء لأوامر القادة "منكر كبير وجهالة فاحشة لا يقرها شرع أو عقل".
الإخوان جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين؟
ناقش الغزالي فكرة هل الإخوان جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين التي كانت مثار جدل بين شباب الجماعة، وترتب عليها رؤيتهم لمخالفة قائدهم، فمن يرون انهم جماعة المسلمين "يرون مخالفة قائدهم ضربًا من مخالفة الله ورسوله" يقول الغزالي: إلا أنني عز عليّ أن يُلعب بالإسلام وأبنائه بهذه الطريقة السمجة وأن تتجدد سياسة الخوارج مرة أخرى فيُلعن أهل الإيمان ويترك أهل الطغيان. وبم؟ باسم أن القائد وبطانته هم وحدهم أولو الأمر وأن لهم حق السمع والطاعة وأن الخارج عليه يصدق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئًا فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرًا فيموت إلا مات ميتة جاهلية). وأشار الغزالي أن هذا كان أسلوب "تربية وتجميع" الإخوان للشباب، بأن يقال أن الولاء للقيادة يكفر السيئات وأن الخروج على الجماعة يمحق الفضائل وهو ما أوصل بعض الشباب إلى التساؤل هل من يخرج من صفوف الجماعة يظل مسلمًا؟
هل يجيز الإسلام رفع السيف في وجه الحاكم؟
كما تحدث في نفس الفصل عن فكرة "تغيير الحاكم" مشيرًا إلى قاعدة إسلامية تقول: إذا كان تغيير المنكر يؤدي إلى مفسدة أعظم، فالإبقاء عليه أولى...وأوضح الغزالي أن الإسلام يرفض رفع السيف في وجه الحاكم إلا بينها الشارع ولم يتركها لتقدير أحد متمثلة في حديث عبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا، وألا ننازع الأمر أهله، أي لا نطلب الحكم من ولاته، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان".
وأوضح أيضًا أن القول بعصمة الأئمة غير معروف بين جمهور المسلمين من أهل السنة، فالحاكم يخطئ ويصيب ونصحه إن أخطأ واجب على الأمة، ويقول الغزالي في مسألة عصمة أو تقديس القيادة: إن القول بعصمة واحد من هؤلاء هو خرافة كبيرة، ومن السخف أن يطالب عاقل بتصديق هذا الزعم سواء تبجح به رئيس أو هرف به مرءوس.
وذكر الغزالي مقصده من شرح قاعدة السمع والطاعة، وهو أن يمنع "الكهان والدجالين من الاحتيال به على ناشئة قليلة الفقه في الإسلام. إن تغيير حاكم شيء والانصراف عن واعظ غير موفق شيء آخر. لقد كان الراسخون في العلم يدعون إلى الله ويتجردون للدعوة، فكان الناس يرون طاعتهم من طاعة الله لأنهم تلقوا دروس معرفته عنهم، ثم جاء الراسخون في الجهل يطلبون حقوق القيادة، ويتحدثون عن قانون السمع والطاعة.
كان ما يشغل الغزالي هو قضية الدعوة، وتساءل: "هل ستترك الأيدي الخفية تلعب بزمام الحركة الإسلامية الكبيرة وتشل نشاطها في ميادين الحياة؟ هل من الضروري أن يحمل الإسلام أوزار قيادات واهنة تستر ضعفها بالاستبداد، ونكوصها بالمكر السيئ؟ ولحساب من هذا؟ وألقى الغزالي اللوم على قيادات الحركة الإسلامية في عصره وحملها مسئولية التهم الشنيعة التي توجه للإسلام من خصومه المتربصين “فقد صورته على أنه نزوات فرد متحكم، كما صورت الهيئات الإسلامية وكأنها تسودها الدسائس وتسيرها الأهواء".
وتحدث الغزالي عن جماعة الإخوان المسلمين وكيف كانت نشأتها متماشية مع تعاليم الإسلام ورسالة نبيه حتى اغتيال حسن البنا "كان شرف الدعوة التي قادها المسلمون أنها خطر على الإقطاع الزراعي والافتيات الرأسمالي، والاستبداد السياسي، لأنها صدى الإسلام الصحيح...غير أن حفنة من الملتحقين بالركب الإسلامي شاءت أن تعكر هذا كله، وأن تجعل حصاد ربع قرن هشيما تذروه الرياح".
فيديو قد يعجبك: