إعلان

في ذكرى ميلاده.. محمد الخضر العالم التونسي الذي اختارته ثورة 23 يوليو شيخًا للأزهر

09:00 ص الجمعة 16 أغسطس 2019

محمد الخضر حسين

كتبت- آمال سامي:

تولى مشيخة الأزهر في فترة مميزة من تاريخ مصر، بعد قيام ثورة 23 يوليو، وأنتهت علاقته به باستقالته احتجاجا على دمج القضاء الشرعي مع القضاء الأهلي في 7 يناير عام 1954م، هو محمد الخضر بن الحسين بن علي بن عمر الحسيني التونسي، إمام الجامع الأزهر، تونسي الجنسية، الذي ولد في مدينة نفطة بتونس في 26 رجب عام 1293 هـ الموافق في مثل هذا اليوم 16 أغسطس 1846 م، من أسرة جزائرية الأصل، وقيل إنها تنتمي لأسرة الأدارسة التي حكمت المغرب لفترة.

حفظ الحسيني القرآن الكريم في بلدة نفطة وألم بمبادئ العلوم العربية والشرعية ثم انتقل إلى العاصمة التونسية ملتحقًا بجامع الزيتونة دارسًا فيه، وحينها كانت الدراسة فيه تتشابه كثيرًا مع الجامع الازهر، وظل يتلقى الدراسة على يد علماء تونس الكبار مثل الشيخ عمر بن الشيخ ومحمد النجار حتى نال الشهادة العالمية من جامعة الزيتونة.

انشأ الخضر حسين أول مجلة عربية أدبية علمية إسلامية في شمال أفريقيا وهي مجلة السعادة العظمى والتي صدر عددها الأول في السادس عشر من محرم عام 1322 هـ. واهتم بتطوير التعليم الديني وإصلاحه في عهده، وفي عام 1905م تولى قضاء بلدة بنزرت ودرس وخطب بجامعها الكبير ثم استقال ودرس بجامع الزيتونة. وحين قامت الحرب الطرابلسية بين إيطاليا والدولة العثمانية كان يساند الأخيرة بقلمه وكلماته في مجلته. وانتقل فترة إلى الجزائر ليقوم بإلقاء عدة دروس بها ثم عاد إلى تونس، وفي عام 1329 هـ وجهت إليه تهمة بث روح العداء للغرب وبخاصة السلطة الفرنسية، فغادر تونس قليلًا ثم عاد إليها إلى أن تأكد أنه لا مجال له في مناخ كاتم للحريات، فهاجر إلى دمشق، ومر في طريق هجرته على مصر فالتقى الشيخ طاهر الجزائري والشيخ رشيد الرضا وغيرهم، ثم سافر إلى الآستانة، ومنها أرسله وزير الحربية أنور باشا إلى برلين في مهمة رسمية قضى فيها تسعة أشهر تعلم خلالها اللغة الألمانية، ثم عاد مجددًا إلى سوريا. وظل يتنقل بين البلاد حتى استقر في النهاية بمصر عام 1339 هـ وسكن بالقاهرة، وعمل محررًا بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية وحصل على الجنسية المصرية. وبعد ذلك حصل على الشهادة العالمية من الأزهر، وانتشرت شهرته بعلمه في مصر ونال عضوية جماعة كبار العلماء برسالة "القياس في اللغة العربية" عام 1950م.

تولى الخضر حسين مشيخة الأزهر في فترة مميزة من تاريخ مصر، بعد قيام ثورة 23 يوليو، ففي الخامس عشر من سبتمبر عام 1952م. خرج من مجلس الوزراء أثناء انعقاده ثلاثة من الوزراء توجهوا إلى بيت الشيخ وعرضوا عليه "باسم الثورة" مشيخة الأزهر، حسبما ذكر موقع دار الإفتاء المصرية، وقال بعد هذا لخلصائه: لقد سقطت المشيخة في حجري من حيث لا أحتسب.

فور توليه المشيخة كان أول ما أقدم عليه كتابة استقالة غير مؤرخة من نسختين احتفظ بإحداهما في مكتبه والأخرى أعطاها لمدير مكتبه، الشيخ بسيوني، وقال له: "إذا رأيتنى ضعيفًا فى موقف من المواقف فابعث بالصورة التى معك إلى المسئولين نيابةً عني، وهذه مسؤوليتك أمام الله".

كان من أبرز القضايا الفكرية التي واجهها الشيخ محمد الخضر حسين ما كتبه علي عبد الرازق في "الإسلام وأصول الحكم"، فرد الخضر حسين عليه في كتاب: "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم" في نفس العام الذي صدر فيه، وكذلك انتقد كتاب طه حسين "في الشعر الجاهلي" بنفس الأسلوب والطريقة، حيث أصدر كتابه "نقض كتاب في الشعر الجاهلي" ردًا منه على كل ما أورده طه حسين في كتابه من قضايا.

أنتهت علاقة محمد الخضر حسين بالأزهر باستقالته احتجاجا على دمج القضاء الشرعي مع القضاء الأهلي في 7 يناير عام 1954م. وبعدها تفرغ للبحث والتدريس حتى توفى في مساء الأحد 28 فبراير 1958م ودفن بجوار صديقه أحمد تيمور باشا حسب وصيته.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان