عمرو خالد يكشف 5 أسرار روحية: من يفهمها يدرك حكمة الله العجيبة في الحج
كتب- محمد قادوس:
كشف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي عن خمسة أسرار روحية عجيبة في الحج قال إن من يفهمها ويفك شفرتها سيدرك حكمة الله العجيبة من طريقة ومناسك الحج، ويعود كأنك مولود جديد "يرجع كيوم ولدته أمه".
وأفصح خالد في خامس حلقات برنامجه "مشتاق للحج" - التي استضافه خلالها "يحيى"- عن الأسرار الخمسة العجيبة، والتي جاء في مقدمتها ذوبان الروح في حب الله.
ذوبان الروح في حب الله
وشرح قائلاً: "أثناء الطواف في خناق الزحام نسيت نفسي تمامًا، وفقدت هويتي، ولم أعد أعرف من أنا.. كانت لحظة روحية شديدة التوهج فقدت فيها إحساسي بذاتي تمامًا، وغبت عن نفسي وامتلأت إدراكًا بأنه لا أحد موجود حقًا سوى الله.. وتذكرت السطر الأول من قصة الخلق في البدء كان الله ولا شيء معه، وفي الختام يكون ولا شيء بعده".
وبين خالد أن الزحام المقصود من أنه ينسيك نفسك.. لهذا كان الحج غير العمرة.. الكل يذوب في حب الله.
وتابع: "حينما كنا نطوف بالكعبة في زحام من ألوف مؤلفة، كان صديقي يلهث مختنقًا و كل ما يخطر له بالمناسبة هو تخيله لو كانت هذه الكعبة في أوروبا في برلين مثلاً، إذن لاختلف الأمر ولطاف حولها الأوروبيون في طوابير منظمة لا يزحم فيها الواحد الآخر.. بينما كنت أنا أنظر إلى الملايين ممن حجوا وطافوا وعاشوا وماتوا عبر كل الأجيال من ساعة بناء الكعبة .. كلنا نذوب في حبك يارب.. أرى فيهم أبي وأمي.. كانوا هنا يطوفون منذ سنوات في هذا الزحام نفسه.. ومن قبلهم جدي الذي جاء إلى هنا على ظهور الإبل.. ثم الأجداد.. وأجداد الأجداد من قبل إلى أيام النبي الذي خرج من مكة مهاجرًا وعاد إليها فاتحًا.. ثم إبراهيم عليه السلام ثم آدم.
وشبه خالد العملية بأنها أشبه بعدة ستائر تفتح متتالية بعضها من وراء البعض.. تفتح ستارة لتكشف عن مسرح صغير هو الواقع الفردي بتفاصيله، ثم تفتح ستارة في العمق لتكشف عن واقع آخر خلفي كبير، هو الواقع التاريخي يبتلع الواقع الأول بما فيه، ثم تفتح ستارة ثالثة في العمق البعيد تكشف عن حقيقة الحقائق التي يبهت أمامها كل شيء.
وقال إنها "كانت لحظة من المحو الكامل لكل شيء بما في ذلك نفسي ذاتها، في مقابل ملء مطلق لموجود واحد مطلق هو الله.. فيه سر عجيب إنك وسط الزحام تشعر أن روحك تذوب في حب الله.
وفي تلك اللحظات الروحانية الإيمانية، يحث خالد على أن يملأ الحاج قلبه بحب الله.. وأن يتوجه له بالقول: أنا أحبك يارب.. وأن يسجد وينسى نفسه التي تذوب في إرسال الروح للسماء.
تدريب ليوم القيامة
وشبه خالد الحج بأنه "نموذج مصغر وتدريب ليوم القيامة"، لأنه خلال أدائك المناسك الحج تظل تفكر فيما ستفعله يوم القيامة.. الزحام.. الحر.. الأمل في المغفرة.. انتظار البشرى بعرفة أو الجنة.
ورسم خالد مشهد الإفاضة من عرفت الركن الأعظم من أركان الإسلام، حيث يتحرك خمسون ألف أتوبيس في كل منها وعلى سطحها وأبوابها مائة راكب مكدسون معلقون بالأبواب والنوافذ.. في الطريق من عرفة إلى مزدلقة في لحظة واحدة وتخوض طوفانًا من مليون حاج يقطعون الطريق على الأقدام.. مفسرًا تسميتها بـ "الإفاضة" بأنها تشبه الفيضان لكن ليس ماءً.. لكن فيضان بشر.. منظر عجيب لن ترى مثله أبدًا.
وفي سياق تساؤله: هل الحج شبه يوم القيامة؟.. أجاب خالد معرفًا معنى كلمة حج في اللغة بأنها "خروج للقاء الله"، أما يوم القيامة فإنه "خروج من الدنيا للقاء الله في الآخرة".
وشبه خالد الحج بأنه "بروفة" ونموذج تدريبي ليوم القيامة، فمن أدى الحج بإحساس وحب لله لن يخاف من يوم القيامة، موضحًا كما أن الحج أوله تعب وآخره مغفرة عرفة، كذلك يوم القيامة أوله تعب وآخر الجنة ورضا ربنا.
وقال خالد إن "سورة الحج أول آية فيها تصف يوم القيامة "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم (*) يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد(*)".
سر امتلاء قلب الحاج بالتوحيد بلا إله إلا الله
واعتبر خالد أن "سر امتلاء قلب الحاج بالتوحيد بلا إله إلا الله.. الحج أقوى طريقة تحسسك بحلاوة لا إله إلا الله .. التوحيد.. ملايين على اختلاف اجناسهم وألوانهم وبلادهم ولغاتهم ومستوياتهم واعراقهم وعاداتهم"، مبينًا أنه "كلهم لهم: هدف واحد – لبس واحد – توجه واحد – أمنية واحده – نشيد واحد – خط سير واحد".
وأشار إلى أن الحج دليل آخر على التوحيد ، فالإحساس مع الحركة.. اتحاد الشعور مع الزمان والمكان وجميع شعائر ديانتنا هي نوع من الأفعال التكاملية التي يتكامل بها الشعور مع حركة تؤكد هذه الشعور.. تسترد بها النفس الموزعة وحدتها.. إنها وسيلة لخلق إنسان موحد.. قوله هو فعله.. فالكرم لا معنى له إذا ظل تصريحاً شفويًا باللسان، وإنما لابد أن تمتد اليد إلى الجيب ثم تنبسط في عطاء ليكون الكرم كرمًا حقيقيًا.
وأكد خالد أيضَا أن نشيد الحجج كله توحيد، إذ "شاءت حكمة الله أن يكون بيته الحرام في المنطقة الحارة من الأرض، وفي واد غير ذي زرع، ليكون واضحًا لدى الحُجَّاج أنّ الاتصال الحقيقي بالله يحقِّق للمرء سعادةً، يستغني بها عن كل الشروط المادية، التي يتوهَّم أنها سبب سعادته، وأنّ سعادةَ الإنسان تنبع من داخله، لا مما يحيط به نفسَه من ألوان النعيم، ولو كان بيتُ الله الحرام في المنطقة المعتدلة من الأرض، حيث الجبالُ الخضراءُ، والمياهُ العذبةُ، والبحيراتُ الصافيةُ، والبساتينُ الغناءُ، والجوُّ اللطيفُ، والنسيمُ العليلُ، وكان الحجُّ على مدار العام دفعاً للازدحام، لأقبل كلُّ الخلق إلى أداء الفريضة الممتعة، طلباً للاستجمام، لا حُبَّاً بخالق الأكوان. " رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ".
وأوضح خالد، أنه خلال أداء مناسك الحج يتم قطع العلائق، لأن ملتفتًا لا يصل "لا يلتفت قلبك إلى غير الله"، مشددًا على أنه "لن تصل لمرادك بأن تحج حتى تقطع قلبك في هذه الرحلة عنه.. اترك الدنيا في بيتك قبل سفرك .. فارق نفسك خطوة".
الحج وسر عجيب: يوجد بداخلك عشرة مع الله
وقال الداعية الإسلامي إن الناس بتصون العشرة .. تقول: استضافني في بيته أسبوع.. أكرمني وأكلني لا يمكن بعدها أزعله أو أخونه.
وشبه ذلك بالحج، "فأنت كنت في ضيافة ربنا 10 أيام "الحجاج والعمار وفد الله"، فهل من المعقول أن تخون الأيام الحلوة بعد ما غفر لك "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله ورسوله"، مبينًا أن الذنب يصير أصعب بعد الحج، إذ كيف يكرمني الله في بيته.. ثم أعصاه بعدها.
وشدد خالد على أن الحج فيه سر عجيب بيصعب المعصية بعده، الحج بيعصر الذنوب الكبيرة، حاثًا على نية التوبة في العشرة الأوائل.. حتى لو بترجع للمعصية.. عد تب.. حتى يمن عليك بالحج ويعصمك.
سر اختيار الله لك.. لماذا اختارك الله؟
قال خالد إنه "من بين بليون و400 مليون اختارك الله أنت للحج.. الله يصطفي ويختار"، مشيرًا إلى أنهلا يختار الله أحد للحج إلا لخير وصفة حلوه فيه".
وأوضح أن "ملايين الحجاج كل واحد منهم لديه سر.. صفة حلوة .. عمل شيئًا طيبًا.. فاختاره الله للحج.. جهز أعمالاً صالحة يختارك بها الله".
فيديو قد يعجبك: