في ذكرى "معركة الأرك" وانتصار المسلمين المدوي في الأندلس
كتبت – آمال سامي:
في مثل هذا اليوم في 18 يوليو 1195 م (9 شعبان 591 هـ) وقعت معركة الأرك على الحدود بين قشتالة ودولة الأندلس، فاشتبكت جيوش المسلمين وتحديدًا قوات الموحدين بقيادة السلطان أبو يوسف يعقوب المنصور مع جيوش قشتالة بقيادة الملك ألفونسو الثامن.
ترجع بدايات تلك المعركة إلى سنوات سابقة، إذ اعتدى ملك البرتغال سانشو الأول على مدينة شلب المسلمة، لكن السلطان أبو يوسف المنصور استطاع أن يستردها ويغزو كذلك عددا من بلاد المسلمين التي استولى عليها الصليبيون، وعقد معاهدة مع الفونسو لمدة خمس سنوات، لكن ظلت طائفة أخرى من المتمردين لم تتصالح مع المنصور وهي التي تسببت في المعركة التي حدثت فيما بعد.
شن ألفونسو العديد من الغارات على بلدان المسلمين وعاد منها بغنائم عظيمة، ولم يكتف بذلك بل كتب رسالة إلى المنصور يدعوه إلى القتال يقول فيها كما نقلها الدكتور صالح الأشتر في كتابه "معركة الأرك": "من ملك النصرانية إلى أمير الحنيفية أما بعد، فإن كنت عجزت عن الحركة إلينا، وتثاقلت عن الوصول والوفود علينا، فوجه لي المراكب والسفن أجوز فيها بجيوشي إليك، حتى أقاتلك في أعز البلاد عليك، فإن هزمتني فهدية جاءتك إلى يدك، فتكون ملك الدينين، وإن كان النصر لي كنت ملك الملتين، والسلام"، فلما وصل الخطاب إلى المنصور اشتد غضبه ومزق الخطاب قائلًا: الجواب ما ترى لا ما تسمع، وهكذا استعدت الجيوش للقاء.
وعند قلعة الأرك كان الجيش القشتالي يرابط وبلغ عددهم حوالي مائة ألف وخمسين مقاتل، وقيل مائتي وخمسين ألف مقاتل، وكان جيش المسلمين كبيرًا يبلغ مائتي ألف مقاتل أيضًا وكانت خطة الجيش أن ينقسم إلى نصفين، جزء في المقدمة والجزء الآخر مخفي خلف التلال، وخاض المعركة أبو المنصور الموحدي مع جنوده وقبل القتال قال لهم كما يروي ابن عذارى: " إن الأمير يقول لكم: اغفروا له؛ فإنَّ هذا موضع غفران، وتغافروا فيما بينكم، وطَيِّبُوا نفوسكم، وأخلصوا لله نيَّاتكم. فبكى الناس جميعهم، وأعظموا ما سمعوه من أميرهم المؤمن المخلص، وعلموا أنه موقفُ وداعٍ، ثم قام الخطباء يخطبون عن الجهاد ويُذَكِّرون بفضله وشرفه ومكانته ويُحَمِّسون الجند له"
واستطاع المسلمون هزيمة قوات ألفونسو وأسر زعماء الروم ، فيقول المقري في نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: " وكان عدّة من قتل من الفرنج - فيما قيل - مئة ألف وستّة وأربعين ألفاً، وعدّة الأسارى ثلاث عشر ألفاّ، وعدّة الخيام مائة ألف وستّة وخمسين ألف خيمة، والخيل ثمانين ألفاً، والبغال مائة ألف، والحمير أربع مئة ألف، جاء بها الكفّر لحمل أثقالهم لأنّهم لا إبل لهم، وأمّا الجواهر والأموال فلا تحصى، وبيع الأسير بدرهم، والسيف بنصف درهم، والفرس بخمسة دراهم، والحمار بدرهم، وقسم يعقوب الغنائم بين المسلمين بمقتضى الشرع، ونجا ألفنش (ألفونسو) ملك النصارى إلى طليطلة في أسوأ حال، فحلق رأسه ولحيته، ونكس صليبه، وآلى أن لا ينام على فراش، ولا يقرب النساء، ولا يركب فرساً ولا دابة، حتى يأخذ بالثأر".
فيديو قد يعجبك: