إعلان

«حوار مع صديقي الملحد».. الأزهر للفتوى يستعرض كتاب الدكتور مصطفى محمود في ذكرى وفاته

12:59 ص الإثنين 01 نوفمبر 2021

الدكتور مصطفى محمود

كـتب- علي شبل:

في إطار مشروعه التثقيفي «#حكاية_كتاب»، قدم مركز الأزهر العالميّ للفتوى الإلكترونية حكاية كتاب «حوار مع صديقي الملحد» للمفكر الدكتور مصطفى محمود رحمه الله تعالى، في ذكرى وفاته.

ونشر الأزهر للفتوى بيانا حمل جانبا من سيرة مؤلف الكتاب في سُطور، وذلك عبر الصفحة الرسمية للمركز على فيسبوك، جاء فيه:

▪️ولد الدكتور مصطفى كمال محمود، الطبيب والكاتب الأديب، بمحافظة المنوفية مركز شبين الكوم، سنة 1921م، وانتقل بعد ولادته بأيام مع أسرته إلى مدينة طنطا بمحافظة الغربية حيث كان عمل والده، والتحق بمدرسة الشيخ محمد الشوكي الابتدائية.

▪️ورغم نشأته في أسرة متوسطة الحال إلا أن والده كان يشتري له الكتب والمجلات؛ لما رأى فيه من شغف بالقراءة، ثم التحق بالتوجيهية (المرحلة الثانوية)، واهتم بدارسة العلوم الطبيعية حتى تميز عن أقرانه فيها، كما بدأ في كتابة الروايات والقصص القصيرة في تلك المرحلة المبكرة من عمره.

▪️وفي سنة 1952م التحق الدكتور مصطفى محمود بكلية طب القصر العيني، وتخرج فيها، ثم عمل طبيبًا بوزارة الصحة المصرية.

▪️ولم تشغل مهنة الطب الكاتب مصطفى محمود عن كتاباته الأدبية في ذلك الوقت، وصدر له العديد من المؤلفات، التي كان حول بعضها جدلًا واختلافًا واسعين.

▪️وفي عام 1960م قدَّم الدكتور مصطفى محمود استقالته من العمل كطبيب، وتفرغ للكتابة، وازدهرت مكتبته بالعديد من الكتابات الأدبية والفكرية والروائية، كما امتهن الصحافة حين عمل محررًا بإحدى المجلات الشهيرة قرابة العشرين عامًا.

▪️وفي عام 1970م نال الدكتور مصطفى محمود جائزة الدولة التقديرية عن روايته «رجل تحت الصفر».

▪️وفي عام 1971م بدأ الدكتور مصطفى محمود تقديم برنامجه الشهير «العلم والإيمان»، والذي قدَّم من خلاله الوجود الكوني بشكل علمي فلسفي إيماني، وبرع في طرح الموضوعات ومناقشتها بصورة مبسطة، وحظي البرنامج بشهرة واسعة في العالم العربي والإسلامي.

▪️وقد أثرى الدكتور مصطفى محمود المكتبة العربية والإسلامية بمؤلفات متعددة، في مجالات مختلفة، بلغت نحو 90 مؤلفًا، ما بين علمية ودينية وفلسفية وأدبية ومسرحية، واتسمت جميعها بعمق الفكر، وواقعية الطرح، وبساطة التراكيب اللغوية.

▪️وفي31 أكتوبر 2009م رحل عنا المفكر والأديب الدكتور مصطفى محمود، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

سبب تأليف الكتاب

صرَّح المؤلف بسبب تأليف كتاب «حوار مع صديقي الملحد» في مذكراته التي أملاها على السيد الحراني فقال: بعد أن تخطيت مرحلة الشك ووصلت إلى الإيمان واليقين واجهت أخطائي بشجاعة؛ لإيماني بأن الاعتراف بالخطأ صدق مع النفس .. وإيمانًا بهذه المبادئ كان إصراري أن يحذف هذا الكتاب –يعني كتابه «الله والإنسان»، والذي أثار جدلًا كبيرًا، وكان من أول إصداراته الكتابية- من مجموعة أعمالي ولكني كنت أحدِّث نفسي كيف أمر بهذه التجارب دون أن أقصها على الناس؛ ليستفيدوا منها وتجنب الأخطاء لأبنائنا؟! .. وجائتني الفكرة في إعادة طبع كتاب «الله والإنسان»، ولكن بعد أن أجريت عليه التعديلات وبالفعل صدر تحت مسمى «حوار مع صديقي الملحد».

بين يدي الكتاب

وضع المؤلف كتابه تحت عنوان «حوار مع صديقي الملحد» وهو كتاب صغير الحجم لا يتجاوز المائتي صفحة.

وقَصَد بالحوار ما دار بينه وبين نفسه من أفكار وأطروحات في فترة من فترات حياته، ولم يرَ حرجًا على صديقه الافتراضي المبتعد عن طريق الصواب والاستقامة في النقاش والسؤال والتدبر، ما دام يمتلك الأدوات والوسائل التي تعيده إلى جادة الطريق.

عرض المؤلف في صفحات كتابه عددًا من الشبهات الفكرية حول بعض القضايا الإسلامية، ورد عليها بردودٍ منطقية؛ مؤكَّدةً بأدلة مادية علمية، واستدلالات شرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية، بأسلوب قوي الحجة بعيدًا عن التعقيدات اللفظية والنصية.

حيث كان الحوار عرضًا ونقدًا خاض المؤلف مراحله ومناقشاته داخل عقله مدة من الزمان.

وتابع مركز الأزهر العالمي: ونحن إذ نقدم للقارئ هذا الكتاب فلسنا في صدد ذكر ما ورد فيه من تساؤلات، وردود المؤلف عليها؛ وإنما أردنا فقط أن نسلط الضوء على موضوعاته ومحاوره؛ ترغيبًا في قراءته، والاستفادة منه.

تحدث المؤلف في بداية الكتاب عن تميز الإنسان بالضمير على سائر الكائنات؛ نافيًا كونه اكتسابًا مجتمعيًّا محضًا، كما نادى بذلك الفلاسفة الماديون، فيقول: «.. الحقيقة أن الضمير نور وضعه الله في الفطرة، ومؤشر ودليل وبوصلة نولد بها، تهدينا إلى الحقائق، وكل دور الاكتساب الاجتماعي أنه يجلو مرآة هذه البوصلة ويصقل زجاجها».

ثم تحدث عن قضية خلق الشر؛ مبينًا الحكمة والسُنة الكونية من وجوده، وأنه أداة وضوح الخير، وتمايز الناس؛ فقال: «وظيفة أخرى للمشقات والآلام؛ أنها هي التي تفرز الناس وتكشف معادنهم، إنها الامتحان الذي نعرف به أنفسنا، والابتلاء الذي تتحدد به مراتبنا عند الله».

ثم ذكر أنه لا وجود لشر محض، وأن وجود الخير والشر أحد نتائج حرية الإنسان في اختياراته؛ فقال: «لأن الله أرادنا أحرارًا، والحرية اقتضت الخطأ.. وكان في قدر الله أن يجعلنا جميعًا أخيارًا ثم يقهرنا على الطاعة، وكان ذلك يقتضي أن يسلبنا حرية الاختيار، وفي دستور الله وسنته أن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة، ولهذا تركنا نخطئ ونتألم ونتعلم؛ وهذه هي الحكمة في سماحه بالشر».

كما ناقش عددًا من القضايا المتعلقة بالمرأة، والتي يكثر حولها اللغط، وبين الصواب فيها بأدلة ورؤى دينية وعلمية متخصصة، ومما قاله في هذا الشأن: «موقف الإسلام من المرأة هو العدل وكانت سيرة النبي ﷺ مع نسائه هي المحبة والحب والحنان؛ وكان آخر ما قاله في آخر خطبة له قبل موته هو التوصية بالنساء».

كما قرر أنه لا تناقض بين الدين والعلم بقوله: «والنظر في الدين وتطوير فهمه مطلوب، وتاريخ الإسلام كله حركات إحياء وتطوير، والقرآن بريء من تهمة التحجير على الناس .. وجوهر الإسلام عقلاني منطقي يقبل الجدل والحوار، ويحض على استخدام العقل والمنطق».

وردَّ المؤلف على منكري المعجزة فقال: «وكان هذا لأنهم أخطأوا فهم المعجزة وتصوروا أنها لا معقول، وخرق للقانون، وهدم للنظام، وهي نفس ما وقعت فيه .. والحق أننا نعيش في عصر لم تعد تستغرب فيه المعجزات، وقد رأينا العلم يأخذ بيدنا إلى سطح القمر .. وهذا هو العلم البشري، وأعظم منه العلم الإلهي».

ثم وصف المؤلف القصد والغاية والمعنى الحقيقي من قول لا إله إلا الله؛ بقوله: «إن لا إله إلا الله لمن يعمل بها، وليست لمن يشقشق بها لسانه؛ لا إله إلا الله منهج عمل، وخطة حياة وليست مجرد حروف».

وفي ختام حديثه، توجه الأزهر للفتوى بالدعاء إلى العالم الراحل، قائلًا: رحم الله الدكتور مصطفى محمود، وجزاه خيرًا على ما قدمه من عطاء فكري وثقافي، وما بذله في خدمة دينه وأمته.. اللهم آمين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان