بعد إجازته في ولاية أمريكية.. "تعدد الزوجات" أباحته الديانات القديمة والمسيحية واليهودية أيضًا
كتبت – آمال سامي:
أقرت مؤخرًا لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون لولاية يوتا يلغي تجريم تعدد الزوجات الذي مازال متبعًا في تلك الولاية، حيث هناك مهد طائفة المورمون، وهي طائفة مسيحية تأسست في أمريكا عام 1820م على يد جوزيف سميث، وحسب جريدة الشرق الأوسط، يعتبر هذا النص تعديلًا لقانون آخر صدر عام 2017 يعتبر أن تعدد الزوجات جريمة ويعاقب عليه بالسجن لمدة خمس سنوات إلى 15 عامًا ويعتبر القانون الجديد التعدد "جريمة بسيطة يعاقب عليها بغرامة 750 دولارًا" وهو ما يعد أقل من بعض الغرامات المفروضة على المخالفات المرورية حسبما يقول لهذا القرار وفقًا للشرق الأوسط.. وفي التقرير التالي نستعرض تعدد الزوجات عند العقائد والأديان غير الإسلام.
ما هي طائفة المورمون؟.. وكيف بدأ تعدد الزوجات؟
يعود تأسيس طائفة المورمون إلى جوزيف سميث الذي ولد في عام 1805 في فرمونت. وفي عام 1823، أعلن سميث نزول وحي عليه من السماء أخبره بأنه رسول إلى القارة الأميركية، وأن ألواحا ذهبية تحتوي على نصوص مقدسة مكتوبة باللغة المصرية القديمة، ستظهر على يديه.. وفي مارس 1830 أصدر سميث "كتاب المورمون" المقدس الذي يعتبره أتباع الطائفة تكملة للتوراة والإنجيل.
وبعد العثور على الألواح بثلاثة أعوام، أسس سميث كنيسة يسوع المسيح للقديسين الجدد (LDS) وأصبح أول رؤسائها. لكن الطوائف المسيحية الأخرى وقفت ضد سميث، ورفضت طموحاته ما أدى إلى وقوع اشتباكات بين أتباع الطرفين.
سميث شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الأميركي، أحبه أتباعه فيما أكنّ له غيرهم كرها شديدا فكان معرّضا للاضطهاد معظم حياته على الرغم من تحقيقه الكثير من الإنجازات بينها توليه منصب رئيس بلدية نوفو، أكبر مدينة في ولاية إلينوي ومنصب قائد ميليشيا نوفو، وترشحه لرئاسة البلاد.
وفي عام 1844، هاجمت مجموعة من الأشخاص سميث فقتلوه وشقيقه.
وحول التعدد، أوضحت كنيسة يسوع المسيح للقديسين الجدد (كنيسة المورمون) على موقعها الإلكتروني، أن الزواج بين رجل واحد وامرأة واحدة هو القانون الإلهي القائم بخصوص الزواج، مشيرة إلى أن الرب أمر البعض خلال العصور القديمة بالزواج من أكثر من امرأة. وأوضحت أن مؤسس طائفة المورمون تلقى أوامر ربانية بتشريع التعدد بين أتباع كنيسته في أوائل أربعينيات القرن الـ19، واستمرت الممارسة بين عدد منهم بناء على أوامر رئيس الكنيسة.
وأوضحت الكنيسة أنها لا تدرك الحكمة الربانية من تشريع التعدد، لكن كتاب المورمون يشير إلى أن زيادة عدد الأطفال الذين يولدون ضمن عائلات مؤمنة من أحد الأسباب.. ويقول مؤيدو التعدد من المورمون إن تعدد الزوجات ساهم في نمو مجتمعهم، إذ أصبح الزواج متاحا لكل الراغبين فيه وتقلص الفرق في الثروة بين المواطنين إذ أتيح للنساء الفقيرات الانضمام إلى أسر في وضع اقتصادي ومادي أفضل، وفق ما يعتقدون.
وفي كتابه "تعدد الزوجات في الأديان" يقول حلمي فرحات إن التعدد كان معروفًا حتى عند قدماء المصريين والفرس والآشورين والبابليين والهندوس، وعرفه الروس والجرمان، وأقدم عليه بعض ملوك اليونان، ولم تحرمه التوراة، وكان اليهود يعددون الزوجات حتى القرون الوسطى، بل إن المسيحية ذاتها لم يرد بها نص صريح يحرمه..
تعدد الزوجات في غير الأديان السماوية.. أجازه الإغريق وشجعوه!
كان الصينيون في القديم يؤمنون بنظام تعدد الزوجات، وحتى بعدما أصبحوا يرون أن الزوجة الواحدة هو النظام السليم للمجتمع، كان يباح للزوج أن يشتري فتيات يستمتع بهن بشرط أن يخضعن للزوجة الأصلية الشرعية، فكن يعتبرن زوجات من الدرجة الثانية، بينما يعتبر أبنائهن أولاد للزوجة الأولى، وحسب ما ذكره راسم شحدة في دراسته "تعدد الزوجات بين الإسلام وخصومه"، فذلك مقصور على الطبقة العليا في المجتمع فقط، ففيما عداها كان سلوكًا مستهجنًا إلا إذا كانت الزوجة عقيمة وامتد عقمها لعشر سنوات على الأقل، وكان التعدد في شرعهم وسيلة لتحسين النسل، وكان تعدد الزوجات عند الصينيين يختلف باختلاف مقام صاحبه، بشرط الا يتزوج إلا واحدة، فله امرأتين إذا لم يكن صاحب مركز مرموق وثلاث إذا كان قائدًا، وتسع نساء إذا كان أميرًا، أما الملك فكان له الحق في 12 زوجة.
أما بابل فأجاز قانون حمورابي أن يتزوج الرجل من امرأة ثانية إذا كانت زوجته عاقرًا، بحيث تحتفظ الزوجة الأولى بمكانتها كسيدة بينما الثانية تعتبر خادمة لها، ويمكن كذلك للزوج أن يمنح من قبل زوجته خليلة تعتبر عبدة لديه، تتحر بعد ان تنجب أطفالًا منه ويتزوجها، وهو ما يتشابه مع الإسلام في فكرة تحرير أم الولد من العبودية.
أما في آشور، فهناك العديد من التقاطعات مع الإسلام، يخبرنا راسم شحدة في كتابه، حيث كان للزوج أن يتخذ عدة خليلات ويرفعهن لمرتبة الزوجات، ولم يكن يسمح للمتزوجات الحرائر أن يخرجن إلى الطرقات إلا بحجاب، أما الإغريق، الذين هم اصل الحضارة الغربية الآن، فكان قانونهم يبيح للرجل أن يعدد الزوجات وأن يتسرى بما يشاء من السراري، حتى أباح القانون بشكل واضح وصريح للرجل أن يتزوج أثنين بعدما قضت الحروب على عدد كبير من رجال الإغريق سنة 415 ق.م.
تعدد الزوجات في اليهودية والمسيحية
لم ترد حرمة التزوج بأكثر من واحدة في سفر من أسفار العهد القديم على الإطلاق، يؤكد لنا راسم شحدة وحلمي فرحات في كتابيهما، فلو كان محرمًا لنبه الله موسى بذلك بل أن من التوراة نصوصًا تجيز التعدد، ومنها: "إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة، فولدتا له بنين، المحبوبة والمكروهة، فإذا كان الابن البكر للمكروهة، فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل أن يقدم إلى ابن المحبوبة بكرًا على ابن المكروهة البكر".
وقد كان شرط التعدد في التوراة هو عدم الجمع بين الأختين في عصمة رجل واحد، حيث تقول:" وامرأة مع اختها لا تتخذ لتكون ضرتها لكشف سوأتها في حياتها"، بل في التوراة تعددت زوجات الأنبياء، كموسى وداوود وسليمان عليهم السلام، فيقول حلمي فرحات في كتابه "تعدد الزوجات في الأديان" أن التورا ذكرت أن لعيسى ابن اسحاق اكثر من زوجة، حيث ذكرت: "فذهب عيسو إلى إسماعيل وأخذة محلة بنت إسماعيل بن إبراهيم أخت "نبايوت" زوجة له على نسائه"، كما ذكرت التوراة أن سليمان عليه السلام كان له عدد كبير من الزوجات: "وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري".
تاريخ منع تعدد الزوجات في اليهودية ومطالبة يهود إسرائيل بإجازته!
كانت بداية منع التعدد في اليهودية في عام 1000 ميلاديًا على يد الحاخام "جرشم بن يهوذا" حيث أصدر قرارًا بتحريمه، فبدأ التعدد بالإنحسار باستثناء يهود اسبانيا والمنطقة العربية، لكن على الرغم من ذلك ظل يهود العصور الوسطى يجمعون بين الزوجات حتى أصدر المجمع الكنسي في مدينة "وارمس" بألمانيا قرارا بتحريم التعدد في القرن الحادي عشر، وكان ذلك بسبب ضيق المعيشة التي كان اليهود يعانون منها في تلك الفترة، وكان في بدايته قاصرًا على يهود ألمانيا وشمال فرنسا حتى عم جميع يهود أوروبا، ويقول راسم شحدة أن يهود اسبانيا كانوا استثناءًا من ذلك القرار حيث كانت اسبانيا تحت الحكم الإسلامي، مضيفًا أن أغنياء اليهود في البلاد الإسلامية كانوا يعددون لكن ذلك كان نادرًا بشكل عام في البلاد المسيحية، ومنذ ذلك الحين وأخذت قوانين الأحوال الشخصية اليهودية تمنع التعدد إلا إذا أراد الرجل هذا وقبلت زوجته وكان في إمكانه أن يعيل زوجتين ويعدل بينهما وكان هناك مبررا شرعيًا لهذا التعدد كعقم الزوجة.
وفي عام 2011 نشرت البي بي سي تقريرًا يرصد دعوة مجموعة من نساء إسرائيل للسماح بتعدد زوجات قانونيا في إسرائيل للحد من ارتفاع نسبة العنوسة معتبرات أن التعدد الحل الأمثل للعديد من المشاكل الاجتماعية بما فيها مشكلة النزاع الديموجرافي مع العرب، وذكرت بي بي سي أن عدد قليل من رجال الدين في إسرائيل ساندوا تلك الدعوة "فالتعدد حسب القانون الإسرائيلي جريمة يحاسب عليها القانون رغم ان التوراة لا تحرمها"، وصرح الحاخام دوف شتاين لل بي بي سي أن "السبب الحقيقي وراء منع تعدد الزوجات هو تهديد الكنيسة الاوروبية لليهود قبل ألف عام لمنع انتشار هذه العادة في اوروبا."
ويقول راسم شحدة إنه حتى المسيحية لا تحرم تعدد الزوجات، فالإنجيل لم يأت بنص يحرم التعدد بل جاء ليكمل التوراة، وفي ذلك قال عيسى: "لا تظنوا أني جئت لأنقض ناموس الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل"، وقال شحدة أنه لم يرد نصًا صريحًا لمنع التعدد وإنما ورد فقط ما يفيد بالترغيب بأن يقتصر الرجل في الأحوال العادية بزوجة واحدة، وهو ما يتفق مع ما جاء به الإسلام.
فيديو قد يعجبك: