لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد دعوات الرئيس المتكررة.. هل قامت المؤسسات الدينية بدورها في تجديد الخطاب الديني؟

03:53 م الأحد 29 يوليه 2018

بعد دعوات الرئيس المتكررة.. هل قامت المؤسسات الدين

كتب - مصراوي:


كانت قضية تجديد الخطاب الديني مثار الحديث على مدار الأعوام الماضية على مستوى المؤسسات الدينية المصرية والتي أولت هذه المسألة جل اهتمامها وتصريحاتها، خاصة بعد أن تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي عن هذا الأمر في أكثر من مناسبة وكان آخرها يوم أمس في اليوم الأول من مؤتمر الشباب السادس في جامعة القاهرة.

بداية الدعوات الرئاسية وتكرارها


كانت بداية الدعوة في الأول من يناير عام 2015، خلال احتفال وزارة الأوقاف والأزهر الشريف بالمولد النبوي الشريف، قال الرئيس إنه يحمّل الأزهر الشريف، إمامًا ودعاة، مسؤولية تجديد الخطاب الديني والدعوة بالحسنى وتصحيح الأفكار والمفاهيم التي ليست من ثوابت الدين، مطالبًا بثورة دينية لتغيير المفاهيم الخاطئة.

وتكررت نفس الدعوة مرة أخرى بشكل غير مباشر عندما قال في كلمته بمنتدى دافوس الاقتصادي في 22 يناير 2015: إنه يريد تنقية الخطاب الديني من الأفكار المغلوطة التي أدت إلى التطرف والإرهاب، موضحًا أنه لا يقصد الثوابت الدينية، ولكن الخطاب الديني الذي يتعامل مع الواقع والتطور الإنساني.

وكانت المرة الثالثة التي أشار فيها الرئيس السيسي إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني في 17 أبريل 2015، وذلك أثناء كلمته لطلبة الكلية الحربية وحديثه عن أهمية مواجهة الفكر المتطرف بكل قوة، وجدد حديثه عن الخطاب الديني وأهمية تطويره، قائلًا لضباط الجيش والصف والجنود إن الفكر الخاطئ ليس له مكان على أرض مصر.

وفي احتفال ليلة القدر في نفس العام، وتحديدًا في 14 يوليو 2018، أكد الرئيس مرة رابعة على ضرورة تصحيح الخطاب الديني إظهار روح الإسلام السمحة.

وتجددت الدعوة مرة أخرى في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في 8 ديسمبر 2015، عندما قال الرئيس السيسي إننا نعاني من انفصال الخطاب الديني عن جوهر الإسلام ذاته، وأكد على العلماء والمفكرين الاحتياج الماس لتحديث الخطاب الديني لتصويب ما تراكم بداخله عبر السنوات، مشيرًا إلى نسبة الشباب الذي بدأ يكفر بالأديان.

وفي العام التالي وفي الاحتفال بليلة القدر يوم 29 يونيو 2016، ألقى الرئيس خطابًا أكد فيه على أهمية التجدد والبعد عن الجمود، وجدد مطالبته بتصويب الخطاب الديني ونشر صحيح الدين، الذي يتنافى مع دعاوى القتل والتدمير والتخريب.

وتكرر نفس الأمر في لقائه مع المجموعة الثالثة من الدارسين بالبرنامج الرئاسي، في 14 يوليو 2016، حيث أكد على أن مسئولية تجديد الخطاب الديني مشتركة بين الدولة والمجتمع، وأن مصر ستقود تغيير الخطاب الديني في العالم.

وخلال توصيات مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، وجه الرئيس السيسي الحكومــة بالتعاون مـع الأزهـر الشريـف والكنيســة المصريـة وجميــع الجهات المعنيــة بالدولة بوضع ورقـة عمـل وطنيـة تمثل استراتيجية لوضع أسس سليمة لتصويب الخطاب الدينى في إطار الحفاظ على الهوية المصرية بكافة أبعادها الحضارية والتاريخية.

وكانت آخر هذه الدعوات بالأمس خلال في اليوم الأول من مؤتمر الشباب السادس في جامعة القاهرة وقال الرئيس السيسى: "عاوز أقولكم لما أمة تكون فكرها مبنى على أن الحرب استثناء، أمة مبنية فهمها على الأقل فى فترة 100 سنة الأخيرة، أن السلام استثناء، معقول هو فى فهم دينى كده".

وأضاف: "انتو خايفين من إصلاح الخطاب اللى هيضيع الدين، هو انتو اللى فيه ده فى أكتر من كده، الإلحاد ده هو الناس اللى اتهزت واتلخبطت نتيجة الحالة اللى احنا فيها، انتو عاوزين أكتر من كده".

وتساءل: "الخالق العظيم منزل أديان تهد الدنيا؟، معقول، انتو عاوزين تعملوا إصلاح لخطاب دينى ولا خايفين لنضيع الدين، أنا قولت الكلام ده كتير، ولا انتو عاوزين تتكلموا عن قيم أخلاقية، وانتو مستعدين تقبلوا سلوكيات لا تليق فى السينما والتلفزيون والمسرح وبعدين تقولوا ده إبداع وحرية إبداع، فيه خيط رفيع بينهم".


عتاب الرئيس لشيخ الأزهر

ورغم كل هذه الجهود التي تبدو إيجابية إلا أن البعض يرى أن تلك المجهودات غير كافية ومشتتة، حيث غاب التنسيق والتعاون بين المؤسسات الدينية بل شهدت في بعض الأوقات صراعًا مستترًا وضاربًا في الآراء.

وكان أول المنتقدين الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه الذي عاتب شيخ الأزهر ورجال الدين لتأخرهم في تجديد الخطاب الديني الرائج والمتداول بين الناس، والذي ينتج كثيراً من مظاهر التطرف والجمود، فقال الرئيس لشيخ الأزهر "تعَّـبْـتِني... يا مولانا" – وذلك خلال الاحتفال بعيد الشرطة، يوم 24/01/2017.

وبعد كل هذه الدعوات خلال السنتين الماضيتين ماذا تم في هذه القضية، وكيف استجابت المؤسسات الدينية لتجديد الخطاب الديني؟

الإفتاء أول المستجيبين

فور انطلاق دعوة الرئيس السيسي لتجديد الخطاب الديني كانت أولى المؤسسات الدينية التي استجابت بشكل عملي هي دار الإفتاء المصرية التي أعلنت عن خطة شاملة ومكثفة وإجراءات عملية لنشر الثقافة الإفتائية الصحيحة التي تنتهج منهج الأزهر الشريف، أصدر فضيلة الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية- تعليماته كذلك بالتوسع في أعمال مرصد «التكفير» بالدار، والذي أنشئ عام 2014 ويرصد فتاوى التكفير ومقولاته على مدى الساعة في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ومواقع الإنترنت، ومواجهة هذه الأفكار المتطرفة والرد عليها بمنهجية علمية رصينة ومنضبطة، تلبية منها لنداء الواجب في الحفاظ على الوطن في هذه الظروف الصعبة.

كما توسعت دار الإفتاء في مواكبة التطور التكنولوجي الهائل واستخدمت كافة الوسائل للتواصل مع طالبي الفتوى والرأي الشرعي دون قيود، ولذلك فإن دار الإفتاء توسعت في استخدام الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، للاستفادة من التقنيات الحديثة في إطلاق أول قناة لدار الإفتاء على موقع يوتيوب على الهواء مباشرة.

كما بدأت الدار مشروعًا قومياً يهدف إلى تصحيح صورة الإسلام بالخارج عبر عدة وسائل من أهمها إرسال قوافل من علماء دار الإفتاء المصرية للقيام بجولات خارجية تجوب الـ 5 قارات لنشر الفكر الصحيح، وتوضيح العديد من المفاهيم التي يستغلها المتطرفون وأعداء الإسلام في تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدى الغرب.

هذا فضلًا عن إصدار الدار لمجموعة كبيرة من الأبحاث الشرعية في المسائل المتعلقة بفروع الفقه والقضايا المعاصرة الدقيقة، منها ما تم ولكنه قيد الدراسة الآن، ومنها ما هو تحت العمل والإنشاء، وهو ما يقوم عليه قسما الإشراف العلمي والأبحاث الشرعية.

كما أطلقت الإفتاء مجموعة من المشروعات الإفتائية عبر استراتيجيتها لتجديد الخطاب الديني وشملت العديد من الأهداف المهمة التي ستسعى إلى تحقيقها على أكمل وجه على كل المستويات فى الداخل والخارج.

مشيخة الأزهر واستراتيجية "الإصلاح والتجديد"

أما الأزهر الشريف فكان هو الآخر على أهبة الاستعداد حيث تنوعت مجهودات مشيخة الأزهر بين الحوارات المجتمعية والحوار الداخلي مع أبنائه في الجامعات، وإحياء الرواق الأزهري، إلى جانب جولات خارجية لتصحيح مفهوم الإسلاموفوبيا، بالإضافة إلى إنشاء مرصد الأزهر لتتبع تحركات التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وبوكو حرام وغيرهم من الجماعات المتطرفة، وتدشين مجلس حكماء المسلمين برئاسة الشيخ أحمد الطيب، للعمل على تأسيس مركز عالمي للفتوى، مع إعادة تنشيط بيت العائلة المصري مرة أخرى.

وأعلنت مشيخة الأزهر عن بعض التحركات الداخلية، حيث أقام سلسلة من الحوارات المجتمعية بين الشباب والعلماء والخبراء والمتخصصين في المجالات المختلفة التي تهم الشباب؛ لأجل تفعيل القيم الأخلاقية والاقتصادية وإحياء قيمة العمل التطوعي، وإحياء دور الشباب في المجالات المختلفة لدفع مسيرة التنمية في المجتمع وذلك من خلال التعاون المشترك بين الأزهر الشريف والكنيسة المصرية والأوقاف والثقافة والشباب وبيت العائلة المصرية وفروعه في المحافظات واللجان الأساسية، والتي ضمت لفيفًا من الشباب في الجامعات والمرحلة الثانوية وفئات من مختلف شرائح الشباب العاملين، لأجل وضع رؤية مشتركة لتفعيل القيم الإيجابية للحفاظ على الهوية المصرية وتعميق الانتماء للوطن.

كما أعلنت المشيخة عن استراتيجية جديدة لتطوير الخطاب الديني، سواء أكان ذلك داخل مصر أو خارجها، وتحمل عنوان "الإصلاح والتجديد"، وتقوم على 15 محورًا، وتسعى للوصول إلى الجماهير في مصر ومختلف أنحاء العالم مباشرة، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والمحطات الفضائية والصحف الورقية، والقوافل الدعوية.

ومن محاور المبادرة أو الخطة:

- انطلاقة قوية على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي تستهدف الملايين حول العالم؛ لمكافحة الفكر المتطرف.

- إطلاق عدة برامج تلفزيونية دينية واجتماعية للمرة الاولى خلال شهر رمضان المقبل لشباب دعاة الأزهر الشريف، يُقدِّمون فيها محتوى اجتماعيًّا ودينيًّا، وبأسلوب جديد يأنس إليه الشباب، ولغة بعيدة عن التقعر والتعقيد، كما سيُشارك أساتذة وعلماء الأزهر في أكثر من برنامج في محطات تلفزيونية وإذاعية مختلفة حول العالم.

- بث عشرات المقاطع الدعويَّة عبر شبكة الإنترنت لمجموعةٍ من شباب علماء الأزهر الشريف، تتناول قضايا دينية وفكرية وشبابية وحياتية، مع توضيح حكم الشرع فيها، وفْق المنهج الأزهري الوسطي، بما يُسهم في تحصين الشباب ضد دعاوى التطرف والإرهاب.

- تطوير آليَّة العمل بالمركز الإعلامي بالأزهر ليُواكب المتغيِّرات والعمل على مدار الساعة، وتحقيق التواصل مع المؤسسات الإعلامية داخليًّا وخارجيًّا.

- إطلاق مركز الأزهر للرصد والفتوى الإلكترونية (أون لاين) بلغات عدة، يتولاها علماء متخصصون بالأزهر الشريف؛ للإسهام في القضاء على فوضى الفتاوى، وتصدُّر المجترئين على فتاوى القتل والتكفير والتفجير واستباحة الدماء المعصومة.

- انطلاقة جديدة لبوابة الأزهر الإلكترونية لتُواكب أحدث التطوُّرات التكنولوجية وبتصميمات جاذبة من شأنها تسهيل عملية تصفُّح مواقع الأزهر المختلفة.

- تطوير صحيفة صوت الأزهر من حيث الشكل والمضمون؛ لتكون صحيفةً لكل المصريين تهتمُّ بالشأن الإسلامي المحلي والعالمي، وتُواجه الفكر المتطرِّف، على أن يتمَّ توزيعها عبر السفارات ومكاتب الرابطة العالميَّة لخرِّيجي الأزهر في كافَّة دول العالم.

- إطلاق قناة الأزهر الشريف خلال العام الجاري لتكون صوت الأزهر الوسطي إلى العالم، ودعمها بمجموعةٍ من شباب علماء الأزهر لنشر الوسطية والسلام ومواجهة الفكر المتطرِّف.

- استمرار تطوير وتنقيح المناهج الأزهرية لتُواكب تطورات العصر، وتعكس القيم الحقيقية السمحة للإسلام.

- تطوير مدارس الأزهر الإسلاميَّة، ودمجها جميعًا في معهد واحد مركزي في القاهرة، يدرس فيه الطالب دراسة داخلية، بحيث يتلقَّى الطالب فيه العلوم الشرعية الرصينة، وفق المنهج الأزهري المطوَّر.


قوائم الإفتاء

بادرت مشيخة الأزهر إلى ترتيب لقاء موسع بين الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومكرم محمد أحمد، رئيس المجلس للإعلام، فى مقر المشيخة بالدراسة، من أجل التنسيق بين الأزهر والإعلام للحد من ظهور غير المختصين على الفضائيات. وبالفعل أسفر اللقاء الثنائي بين الطيب ومكرم، عن إعلان المجلس عن قائمة للأزهر والإفتاء، ضمت 50 شخصية مخولاً لهم حق الإفتاء على الفضائيات.

الأوقاف توحيد الخطبة ودورات علمية

أما وزارة الأوقاف فاقتصر دورها على بعض الإجراءات مثل توحيد خطبة الجمعة والتشديد في إعطاء تصريحات الخطابة في المساجد، وضم الزوايا لتكون تحت إشراف وزارة الأوقاف.

وأعدت الوزارة خطة دعوية في 2018 على عدة محاور، تتمثل في تطوير منظومة التدريب والتأهيل، من خلال مراكز التدريب والمعسكرات، واستضافة الأئمة المتميزين في الدورات العلمية بمسجد النور بالعباسية، وتكثيف القوافل الدعوية.

كما فتحت الوزارة الباب للأزهريات من السيدات للعمل واعظات متطوعات، لنشر الوسطية بين النساء، والتركيز على قضايا الأسرة والمرأة المسلمة، ولمواجهة تسلل عناصر الجماعات المتشددة.

وسعت الاوقاف إلى تفعيل "المسجد الجامع"، الذى تهدف الوزارة أن يكون مركزا للتنوير ونشر الثقافة الإسلامية، وعقد ندوات علمية كبرى بمشاركة نخبة من كبار العلماء والدعاة. كما تسعى الوزارة فى إطار جهود تجديد الخطاب الديني، لتطوير مناهج المراكز الثقافية، ووضع منظومة للدراسة يشرف عليها كبار علماء الأزهر فى مختلف التخصصات.

انتقادات وتبريرات


وقال الدكتور محمد الحسيني، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، في تصريحات صحفية إن الخطاب الديني لم يتغيّر حتى الآن، فالمؤتمرات الصحفية والدعوة لمبادرات جديدة غير كفيلة بالتغيير، فالإمام على المنبر لم يصل إليه أحد، كما أنه يعاني العديد من المشكلات، من شأنها التأثير على لغة خطابه الديني، ونفس الشيء بالنسبة لفكر المواطنين، فلم يحدث تغيير في لغة خطابهم الديني في ظل تواجد سلفي قوي داخل الشارع أدى إلى نشر بعض الأفكار المتطرفة عن الدين الإسلامي، وخاصة ما يتعلق بحقوق أصحاب الديانات الأخرى.

ولفت إلى أن العامين الماضيين شهدا صراعًا بين المؤسسات الدينية الثلاث متمثلة في الأزهر، والأوقاف، ودار الإفتاء؛ لنيل رضا الرئيس عبد الفتاح السيسي حول تجديد الخطاب الديني، فسعى كل طرف في إهدار ملايين الجنيهات على إقامة مؤتمرات وندوات دون وجود نتائج فعلية نحو تجديد الخطاب الديني.

وتوقع فشل استراتيجية الأزهر الجديدة في تحقيق تقدم ملموس في ملف تجديد الخطاب الديني بالداخل والخارج، في ظل بحث قيادات الأزهر على الشو الإعلامي فقط دون النزول للناس في الشوارع –على حد قوله-.

بينما أرجع الدكتور الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، عدم ظهور نتائج مجهودات المؤسسات الدينية في تجديد الخطاب الديني بشكل واضح إلى كثرة العقبات التي تواجه عملية التجديد مثل تردي التعليم والمدارس وانتشار الزوايا التي لا تزال تقدم الفكر السلفي المتشدد فتجد ان الخطاب السلفي حتى الآن لازال يرفض تهنئة الأقباط في أعيادهم.

وأضاف، في صريحات صحفية سابقة، أن الخطاب الديني يجري تجديده وهناك جهود فعلية يبذلها رجال الأزهر والأوقاف والإفتاء في هذا الصدد إلا أنها غير ملموسة، مؤكدًا أننا في حاجة ماسة للالتحام مع الشباب بشكل أقوى من أي وقت مضى ولا نتسرع النتيجة بل علينا التريث والصبر بعض الوقت.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان