إعلان

سيناء في القرآن.. مسرح الأنبياء في "الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ"

01:37 م الأربعاء 25 أبريل 2018

كتب- أحمد الجندي:

هي أرض ذكرت فى القرآن الكريم، ترابها يحمل آثار أقدام أنبياء الله ورسله وبين كثبانها أماكن مقدسة تحمل لنا حكايات مباركة، إنها أرض سيناء ذات المنزلة الخاصة فى دين الله عز وجل، فقد ذكرت في القرآن في سورة التين حين قال تعالى:(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).

تحتفل مصر غدًا الأربعاء 25 أبريل بالذكرى الـ36 لتحرير سيناء، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر أرض سيناء الغالية بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها، وفقا لمعاهدة كامب ديفيد.

تنفرد سيناء بشواهد إلهية متعددة أهمها جبل الطور، وقد تكررت كلمة الطور في القرآن 10 مرات، وكلها في الحديث عن جبل الطور في سيناء، الذي ينفرد من بين جبال الأرض بالقدسية حيث شهد الوحي الإلهي بالتوراة للنبي موسى عليه السلام، هذا الجبل الذى أقسم به تعالى وغيره من الشواهد أعطوا لسيناء أهميتها في القرآن الكريم.

استقبال يوسف لأبيه يعقوب- عليهما السلام

سيناء ذلك الجزء الآسيوي من مصر شهد انتقال بعض الأنبياء من فلسطين إلى مصر، حيث تذكر التوراة مسيرة إبراهيم خليل الله من الشام إلى مصر عبر سيناء، ويذكر القرآن الكريم رحلة يوسف وهو طفل اشترته قافلة وسارت به إلى مصر، كما يذكر استقبال يوسف لأبيه يعقوب عند الحدود الشرقية- أي سيناء- وقوله لأبويه وأهله: (وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ.)

ويتكرر في القرآن الربط بين جبل الطور والكعبة: (وَالطُّورِ. وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ. في رَقٍّ مَّنشُورٍ. وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) الطور 4-1، والطور جاء قبل الكعبة وهي البيت المعمور، وهو نفس الترتيب في سورة التين، ويشير إلى أن الطور شهد نزول التوراة للنبي موسى عليه السلام، وبعد ذلك شهدت مكة نزول القرآن للنبي محمد عليه الصلاة والسلام.

والله جل وعلا يصف منطقة الوحي في جبل الطور بأنها «بقعة مباركة» وذلك لقوله تعالى {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ }..[القصص:30].

سيناء مسرحًا لقصة موسى

وكما كانت سيناء مسرحًا لقصة موسى- عليه السلام، فكان أيضًا بها أهم الآثار الدينية مثل جبل الطور، حيث توجد في أعلى قمته كنيسة صغيرة، ومسجد، ويحرص السائحون على تسلق الجبل عقب منتصف الليل؛ ليصلوا إلى قمته قبيل شروق الشمس، وبها عيون موسى، ودير سانت كاترين.. وغيرها.

ولقد تفرد سيدنا موسى عليه السلام بخصوصية الحوار مع رب العزة- جل وعلا. يقول تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) (النساء) 164، وكل هذا التكليم أو الحوار بين موسى والمولى جل وعلا جرى في أرض مصر فقط، بداية من الوحى إليه في سيناء وجبل الطور، مروراً بلقائه بقومه وصراعه مع فرعون إلى خروجه بقومه إلى سيناء ومشاكله مع قومه فيها، حيث ظل بها الى أن مات، فلم يدخل موسى فلسطين أبدا بعد أن صار نبياً يوحى إليه، بل إن اسم مصر ورد في بعض هذا الوحى يؤكد وقوعه في أرض مصر، يقول جل وعلا: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (يونس 87)

والله جل وعلا حين يتكلم عن جبل الطور فإنه يجعله معرفًا بالأف واللام، وقد ورد هذا في سورة الأعراف: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ).

( وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

ثم يأتي التحديد بموضع معين في الجبل، وذلك في اللقاء الذي حدث عنده فيقول تعالى لبني إسرائيل: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ) - طه

وجانب الطور الأيمن من جبل الطور كان فيه أول وحي وحوار جرى بين موسى مع ربه، كما كان ذلك اللقاء الذي رفع فيه الله الجبل فوق بني إسرائيل وأخذ عليهم فيه العهد والميثاق (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ) - مريم

ويأتى التحديد بدقة أكثر في المكان الذي جرى فيه أول حوار بين الله تعالى وموسى عليه السلام:
(فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)- القصص.

قصة "حوت مجمع البحرين" برأس محمد

التوصيف اللغوي لكلمة "مجمع البحرين" المذكور بسورة "الكهف" في القرآن الكريم لا ينطبق جغرافياً على أي مكان في العالم إلا في رأس محمد، وهي مجمع خليجي العقبة والسويس في بحر واحد هو البحر الأحمر.

ولفظ "مجمع" يختلف عن لفظ التقاء، حيث حدد القرآن الكريم الطريق والطريقة التي اتخذها الحوت مرتين، مرة في قوله تعالى (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبا) ومرة (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً)، وفي الآيتين جاء الذكر والتأكيد على اتخاذ الحوت سبيلاً للخروج من المياه الضحلة إلى المياه العميقة باتخاذ السبيل، وتعني الطريق، وقد وصف القرآن معجزة شق الطريق إلى البحر وعودة الحياة للحوت والمعروف بمنطقة الخليج الخفي بجنوب رأس محمد، وهذا يفسّر وجود مجرى مائي دائم في منطقة الخليج الخفي برأس محمد.

"المحمل" مرور الحجيج من سيناء

رحلة الحجيج إلى مكة المكرمة عبر سيناء تشمل طريق الحج والمحمل الشريف والقافلة، وجاء استخدام طريق الحج بدءاً منذ بداية العصر الإسلامي وتميز بوجود ثلاث مراحل زمنية: الأولى من الفتح الإسلامي حتى أواخر حكم الفاطميين، والثانية من أواخر حكم الفاطميين حتى أوائل حكم المماليك، والثالثة من أوائل حكم المماليك حتى عام 1303هـ / 1885م،

ومن أجمل المشاهد التي عاشتها أرض سيناء، خروج "المحمل" إلى الحج، حيث كان "المحمل" يمر بسيناء متجهًا إلى الأراضي المقدسة في الحجاز منذ سافرت شجرة الدر عام 1248 مع قافلة إلى مكة عن طريق سيناء، ولكن مراسم "المحمل" الشهيرة أصبحت معروفة عام 1266 عندما بدأ الملك الظاهر بيبرس إرسال "محمل" يصاحب الحجاج عبر ذلك الطريق التاريخي.

فطريق الحج عبر سيناء تميز عبر التاريخ بمميزات عديدة فهو أقصر الطرق بين القاهرة وأيلة (العقبة) ويرتبط بمجموعة من الطرق الأخرى التجارية والحربية تزيد من أهميته ويأتى حجاج المغرب العربى والأندلس وغرب أفريقيا بالسفن للإسكندرية أو براً بالطريق الساحلى للبحر المتوسط حتى الإسكندرية وعبر غرب الدلتا حتى الجيزة عن طريق واحة سيوة وادى النطرون.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان