على جمعة يوضح الفرق بين الفوضى الخلّاقة والتقشف البناء
كتب ـ محمد قادوس:
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إن هناك دعوات تتردد عن الفوضى البنَّاءة، وهي في حقيقتها فوضى هدامة، وطريق مظلم قد أثبتت الأيام ظلامه وظلمه، ولم يحقق أي نتيجة حتى الآن، وإذا كانت الفوضى الخلاقة هذه تحلو لبعض النماذج المعرفية، أو تكون قد نجحت عند بعضهم في حياتهم الشخصية خاصة في زيادة رفاهة تصل إلى حد الفساد في الأرض، وإلى إهلاك البيئة، وإلى عدم مراعاة الأجيال المستقبلية، فإنها لا تصلح مع أصحاب القيم والقضايا ولا مع أصحاب الإيمان.
وأضاف فضيلته، عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك" أنه في مقابل هذه الفوضى تبنت حضارة الإسلام نظاماً آخر نجح أمامنا في تجارب الأمم فعمَّر الأرض، وتقوَّى به الإنسان وتعلم، وهو: «التقشف البناء»، وأمامنا تجربة بلد كبير في عدد سكانه كالهند الذي وصل إلى أكثر من مليار نسمة، والصين الذي وصل إلى أكثر من مليار ونصف المليار نسمة، وهما قد وصلا إلى مصاف الدول النووية. وأمامنا كذلك تجربة ماليزيا، ومن قبل تجربة اليابان، وتجربة ألمانيا وهذه الدول قد حققت الاكتفاء الذاتي، وأحدثت أيضاً في نفس الوقت عن طريق التقشف البنَّاء نوعاً من أنواع الرفاهة والحياة الكريمة لشعوبها.
وأوضح جمعة أن مفهوم التقشف البناء ليس مبنياً أساساً على ترك الدنيا، بل على عدة عوامل نذكر منها: حسن استغلال الموارد، وترتيب الأولويات، والعدالة في التوزيع، ورسم الاستراتيجية المستقبلية، وهذه الأسس الأربعة لها طريق واضح مبني على عدة آليات أساسية منها: التخطيط وحسن الإدارة، والثورة التعليمية، والحرية السياسية، والاستفادة من التجارب الإنسانية، والاستمرار في الهوية الوطنية. وهذه الأسس والآليات جوهر بناء إنسان الحضارة وترتيب عقله وتأصيل منهج تفكيره وسلوكه.
وكتب المفتي السابق: أما معنى التقشف البناء فلا يعني أبداً عدم وجود مشكلات في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يعني أيضا أنه كالعصا السحرية ينقل المجتمع بين عشية وضحاها إلى المدينة الفاضلة، لكنه يعني أنه نمط حياة، وأسلوب إنساني قد نجح في تحصيل القوة والعزة لأفراد مجتمعه، وساعدهم على بناء حضارة قوية تسهم في عمارة الكون.
فيديو قد يعجبك: