العودة من الحج والثبات على عهد الله
بقلم – هاني ضوَّه :
ها هم حجاج بيت الله الحرام قد أنهوا مناسكم وبدأوا في العودة كل إلى بلده، وقد وعد الله سبحانه وتعالى من يحج بيته الحرام مخلصًا لله، ولم يرفث ولم يفسق، عاد من حجه كيوم ولدته أمه، مبرئًا من الذنوب، ومطهرًا من الآثام، فتصبح روحه وقلبه كروح وقلب طفل لم يجري عليه القلم بعد.
وحجاج بيت الله الحرام عندما لهجت ألسنتهم وأرواحهم بـ "لبيك اللهم لبيك" قد قطعوا عهدًا مع الله أن يتركوا متاع الدنيا ويجتنبوا طريق الشيطان إلى طريق الله سبحانه وتعالى والسير على الصراط المستقيم، ويقول الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}، وقال كذلك: {وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
فرحلة الحج فيها تربية للنفس البشرية حتى لا يتملكها شئ من متاع الدنيا، كما أنها تورث الإنسان التقوى، فحين نتأمل في مناسك الحج من حين الإحرام إلى الفراغ من جميع المناسك نجد أنها تربية عملية للإنسان، عندما يحرم الحاج فإنه يلتزم بترك الكثير من الأمور التي اعتاد عليها من لبس مفاخر الثياب والزينة ومن جماع ومقدماته، وكذلك ترك كل فسق من غيبة ونميمة وكذب وشحناء وبغضاء وجدال، وغيرها من الأمور التي يتركها الحاج، وهنا تسمو روح الحاج المؤمن، فالحج يعمق في الإنسان المؤمن التقوى وينميها، يقول تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
لذا فمناسك وشعائر وعبادات الحج تعمل على تربية النفس المسلمة على خصال الخير، حتى يكون باطنها كظاهرها على الخير، وتغرس فيها محاسن الأخلاق وتحثها على البر والتقوى ومراقبة الله عز وجل في كل وقت وحين.
ومن يعود من رحلة الحج المباركة عليه أن يثبت على عهد "لبيك" الذي أقر به في أيام الحج، وأن يبدأ حياة جديدة كطفل قد ولد من جديد فيربي نفسه على الطاعة ويروضها على ما فيه مرضاة الله، ويجنبها المحرمات والموبقات ومواضع الشبهات من الفعل أو القول أو حتى الخواطر، ليبدأ حياته الجديد بعد الحج على الطاعة ونفع إخوانه المسلمين وكف أذاه عنهم وهي من أجل العبادات.
فيديو قد يعجبك: