إعلان

من أجل هذا.. تقبلوا الاختلاف

03:49 م الأربعاء 05 نوفمبر 2014

من أجل هذا.. تقبلوا الاختلاف

جرت عادة الناس بالإلحاح على التوافق والانسجام؛ لأنهم يعرفون أن الخلاف موحش, وقد يؤدي إلى صراعات مريرة؛ وهذا حق, لكن من عادة الناس أيضاً أن يطلب كل واحد منهم من غيره أن يوافقه, وينسجم معه, وينسى أن عليه أن يطلب من نفسه مثل ذلك!

أنتم أيها الشباب تعيشون في زمان كل شيء فيه إلى اتساع وتنوع, وأنتم تلاحظون أن الخيارات على كل صعيد باتت كثيرة جداً, وإن من شأن هذا أن يجعل دوائر الخلاف أوسع بكثير مما كان عليه الأمر في الماضي, وهذا يتطلب منا أن نفهم مسائل الاتفاق والاختلاف على وجه حسن.

ولعل مما يفيد في ذلك أن علم أن: ـ الاختلاف سنة من سنن الله - تعالى - في الخلق، وهذا ما نفهمه من قول الله - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ}. وقال - عز وجل -:{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}.

روي عن بعض أهل العلم أنهم قالوا في تفسير هذه الآية: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} أي للرحمة والاختلاف فمن شأن الله - تعالى - الرحمة بعباده, ومن شأن عباده الاختلاف فيما بينهم.

وما أجمل قوله صلى الله عليه وسلم: [تجدون الناس كإبل مائة لا يجد الرجل فيها راحلة) .. فقد يكون لدى المرء مائة ناقة, ثم لا يجد بينها واحدة, تتوفر فيها كل الصفات التي تجعل منها المركب الهنيء والمفضل للأسفار, وهكذا فقد يبحث الواحد منا بين المائة والمائتين من المعارف والزملاء فلا يجد شخصاً واحداً يوافقه تمام الموافقة في أفكاره وعواطفه وأمزجته.

- اختلاف عقولنا ونفوسنا وأهوائنا أشبه باختلاف وجوهنا, حيث إن من النادر أن تجد وجهين متفقين في كل التفاصيل والملامح, ولكن على مستوى التقسيمات العامة فإن في كل وجه خدين وعينين وحاجبين وجبيناً وأنفاً وفماً وذقناً, وهكذا الناس تجمعهم أمور عامة, وتفرقهم التفاصيل الصغيرة, وينبغي أن نتقبل هذه الوضعية على ما هي عليه.

ـ فطر الله - تعالى - الناس على طبائع مختلفة, فمنهم من يميل إلى التفاؤل, ومنهم من يميل إلى التشاؤم وسوء الظن, ومنهم من هو صابر وهادئ وحليم, ومنهم من هو غضوب ملول ضيق الصدر.. وهذا يؤدي إلى كثير من الاحتكاك اليومي وكثير من النزاع.

ـ من الناس يا أبنائي وبناتي من نشأ في أسرة تُعامل أبناءها بالرفق واللين والتدليل, ولهذا فإنهم يظنون أن الحياة رخية, وأن الناس كلهم طيبون. ومنهم من نشأ في أسرة يسودها الظلم: ظلم الأب أو زوج الأم أو زوجة الأب... ولهذا فإنه ينظر إلى العالم بمنظار أسود, ويسيء الظن بكل من يقابله.

ما الذي يعنيه كل هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي؟ إنه يعني الآتي: 1

ـ لا ينظر أحدكم إلى نفسه على أنه الأصل في كل شيء, ولذا فليس على الآخرين سوى أن يكونوا صورة عنه. لدى كل الناس ما يُمدح و وما يُذم، ولديهم ما هو صواب, وما هو خطأ.

2 ـ حاولوا فهم وجهات نظر الآخرين وخلفياتهم وظروفهم, واتخذوا من الأعذار والتسامح منهجاً تمضون عليه مع كل ذلك.

3 ـ انظروا إلى الاختلاف على أنه مصدر ثراء وغنى وتنوع, وليس شيئاً يضعف الأمة, أو يكدر صفاءها, فنحن إذا اتفقنا في الكليات لم يضرنا الخلاف في الجزئيات والفرعيات.

4 ـ حين يكون الأمر ظنياً اجتهادياً, فإن الصواب غالباً مع الأكثرية الكاثرة، لكن حين يكون الافتراق بين الناس في أمور قطعية وظاهرة, فالصواب مع أهل الحق ومع من معه الدليل والبرهان, وهذا ما عناه ابن مسعود - رضي الله عنه - حين قال: (الجماعة أن تكون على الحق ولو كنت وحدك).. فإذا كانت هناك قرية لا يصلي فيها إلا رجل واحد, فذلك الرجل هو الجماعة وعلى أهل القرية جمعياً أن يرجعوا إليه.

5 ـ لنتهم أنفسنا عوضاً عن اتهام الآخرين.

6 ـ اعتمدوا الحوار والتفاوض من أجل الوصول إلى أفضل بلورة ممكنة في المسائل المختلف فيها.

المصدر: موقع اسلام ويب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان