إعلان

كيف تتعاملين مع طفلك المتعثر؟

03:43 م الخميس 16 أكتوبر 2014

كيف تتعاملين مع طفلك المتعثر؟

تأتي الدراسة كل عام بمسئولياتها ولا تكاد تلك المسئوليات تخلو من المشكلات ولعل مشكلة التعثر الدراسي عند بعض الأبناء تأتي على رأس هرم المشكلات؛ وغالبا ما تعاني الأم بالذات لأنها تشعر بتأنيب الضمير من جهة وتعاني في السعي لإيجاد حل من جهة أخرى، خاصة وأن الزمن لا يعمل لصالحها فالمواد الدراسية متعددة وكل يوم هناك المزيد من الدروس الإضافية تتراكم على الطفل في مختلف المواد.

 أعرف أمًا شابةً أصبحت تخاف من الذهاب إلى مدرسة طفلها واللقاء بمعلمته لأنها في كل مرة تلتقيها تسمع منها مر الشكوى من الطفل الذي يعاني من قلة التركيز وتخلف المستوى الدراسي، وتوصيها في كل مرة بأن تستذكر له بجد.

الفروق الفردية

بداية الحل أن تدركي عزيزتي الأم أن هناك فروق فردية شاسعة ما بين طفل وآخر .. ليست هذه دعوة للإحباط أو مجرد رسالة عزاء بل هي حقيقة علمية مؤكدة، وكما أن هناك فروق في الطول والوزن ولون البشرة، وكانت هناك فروق قديمة في سن المشي وسن الكلام، فهناك أيضا فروق فردية في أنواع الذكاء التي يتمتع بها كل طفل.

أحدث النظريات العلمية تتحدث عن أنواع الذكاء المتعددة وغالبا في المدرسة لا يقاس إلا الذكاء اللغوي والذكاء الرياضي وحتى في هذين  النوعين من الذكاء لا يتم تفعيل كافة وسائل القياس.

بداية الحل ألا تقارني طفلك بطفل آخر ولا تسمحي لمن حولك بعقد هذه المقارنة.

أعلم يقينا أن الأمر فيه صعوبة لا سيما في بعض البيئات أو في حالة المعيشة في بيت العائلة مثلا، لكن لا توجد خيارات، وعليك أن تكوني حازمة ولا تسمحي للمقارنة الظالمة القاسية أن تحفر بصماتها في قلب الصغير.

استغلي موهبته

فكري جيدا في طفلك ما هي نقاط ضعفه وماهي نقاط قوته.. ماهي موهبته أو ما تظنين أنه بارع فيه.. عززي نقاط قوته بذكرها أمامه وأمام الآخرين والبحث عن أنشطة تثقلها.

ـ على سبيل المثال طفلك بارع في الرسم.. شجعيه، واعرضي عليه برامج تعليم الرسم.. امنحيه الألوان كهدية، إياك أن تسخري من موهبته وتقولي له ليتك كنت متفوقا هكذا في الرياضيات أو تعاقبيه على تعثره الدراسي بمنعه من الهواية مثلا، العكس تماما هو الصحيح.. سوف تدعميه وتجعلين هوايته مكافأة كلما تقدم خطوة صغيرة على الطريق التقدم الدراسي.

الأمر بالغ الأهمية أنك سوف تستغلين موهبته في تحفيزه على التعلم فإذا كان يهوى الرسم فسوف نلخص له الدرس عن طريق الرسم، ولو كان صغيرا لازال في مرحلة تعلم القراءة والكتابة مثلا تريدين تعليمه كلمة "زهرة" اجعليه يرسمها أولا واجعليه يكتب كل حرف بلون ويزخرفها هكذا سيتعرف على الكلمة بسهولة وسيستمتع بذلك في حين لو ملأ صفحة كاملة بالكلمة دون تفاعل منه فإنه لن يتعرف عليها .

ـ طفلك يحب الرياضة والحركة ولن أقول لك موهوب في لعبة رياضية.. حسنا لا تجبريه على الجلوس أكثر من عشر دقائق، دعيه يحفظ جدول الضرب وهو يتحرك ويقفز أو حتى يلعب الكرة.

الهدف هنا ليس أن نحقق الكمال ولكن الهدف أن نحرك المياه الراكدة وأن نسلك خطوة تقربنا من هدفنا الصحيح.

طرق جديدة

عندما تحدثنا في النقطة السابقة عن استغلال الموهبة في التعلم قلنا إنها مجرد خطوة على الطريق الصحيح، ولكنها بالطبع غير كافية لتجاوز التعثر الدراسي، إن عليك أيتها الأم البحث عن طرق جديدة لتعليم طفلك.. إنها مهمة صعبة وبحاجة للتجريب حتى تصلي بإذن الله تعالى، ولكنها أمانة عظيمة تحتسبين فيها الأجر إنها لون من ألوان الجهاد أن يكون لك ابن على قدر من العلم الذي يؤهله لخوض غمار المستقبل.

بداية أيسر الطرق أن تذهبي لمعلم نابه لديه القدرة الجيدة على توصيل المعلومة حتى يعلم طفلك، والأفضل بالطبع أن يكون وحده أو مع مجموعة صغيرة العدد.

إذا كانت ظروفك لا تسمح أو لم تجدي هذا المعلم النابه أو طرق التعلم التقليدية لا تتناسب مع طفلك فعليك إذن أن تفكري بشكل إبداعي في طرق جديدة للتعلم فمهمتك ليست الطهي والتنظيف بشكل وسواسي وترك طفلك يعاني ويتعثر دون أن تفكري جديا في الحل.

وإليك عدد من المقترحات حاولي تجربتها وأضيفي إليها:

ـ اجعلي وحدة التعلم صغيرة لا تتجاوز عشرين دقيقة بعدها فاصل صغير حتى تضمني أن طفلك منتبه ومتيقظ.

ـ ابدئي دائما بتمهيد للموضوع.. اطرحي سؤالا اسمعيه ناقشيه.

ـ ابحثي عبر النت عن فيلم قصير أو حتى صور عن الموضوع الذي تدرسونه وامنحيه الفرصة ليبحث بنفسه ويكتشف لذة التعلم.

ـ في تجارب العلوم اشتركي معه ونفذي أكبر قدر أمام عينيه وصدقيني لن ينسى هذه التجارب أبدا.

ـ ضعي في جدولك رحلة شهرية مرتبطه بجدوله الدراسي تمتزج فيها المتعة بالتعلم.

ـ استخدمي تقنية التحفيز.. امدحيه إذا تقدم خطوة بالنسبة لمستواه وليس بالمقارنة مع آخر.. امنحية مكافأة محببة حتى يرتبط في ذهنه التعلم بالخبرات السارة.

ـ تحدثي مع معلمته ولا تهربي من مواجهتها.. اشرحي لها وضعه ..اطلبي منها الدعم وأن تشجعه فللمعلم دور لا يستهان به.

ـ وأخيرا صابري وصابري وصابري وإياك والإحباط ولا تنتظري نتيجة سريعة حتى يؤتي غرسك ثماره.

نماذج حياتية

نعم إياك والإحباط فحتى لو لم تثمر كل هذه الجهود غير انتقال طفلك من خانة المتعثر لخانة الحد الأدنى المقبول فصدقيني هذا إنجاز لأنك ستعملين على المواهب الغير مقاسة دراسيا، وإليك هذه النماذج الحياتية الحقيقية لأطفال كانوا متعثرين دراسيا وفقا للمناهج التعليمية السائدة ولكنهم في ساحة الحياة حققوا نجاحا باهرا وأصبحوا أناس مرموقين :

ـ طفل ضعيف دراسيا حصل على مؤهل متوسط بالكاد اكتشف جده أن لديه قدرة كبيرة على الحفظ وأن صوته عند قراءة القرآن جميل جدا فأخذ على عاتقه تحفيظه كتاب الله حتى أتمه ثم درس القراءات في معهد متخصص وهو الآن يعمل في معهد تحفيظ قرآن ويؤم الناس في الصلاة وقد أورثه تعلم كتاب الله خلقا دمثا فأصبح شخصية محبوبة جدا يلجأ إليه الناس لاستشارته.

ـ طفل آخر كان متعثر دراسيا وحصل على تعليم متوسط أيضا ولكن والده كان دائم التقدير له ولا يتردد في إظهار حبه واحترامه له لأنه ابنه مهما كانت قدراته وكان يشجعه لخوض غمار الحياة حيث اتجه لمجال التجارة و حقق نجاحا ساحقا وأصبح الآن واحدا من أهم الأثرياء الذين يشار لهم بالبنان.

القائمة طويلة جدا لتجار ورياضيين وفنانين بل وعلماء لم يحققوا نجاحا دراسيا ولكنهم بفضل الله وتشجيع أسرهم حققوا النجاح في الحياة فكوني شجاعة ومتفائلة ولا تربطي حبك وتقديرك لولدك بدرجاته المدرسية.. امنحيه الوقت والجهد وصابري وادعي الله أن يفتح عليه وثقي أنه سيكون بخير.

المصدر: موقع شبكة رسالة الإسلام

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان