- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
بقلم: د ـ محمود الهواري
عضو المكتب الفني لوكيل الازهر
لكلِّ كلمة من هذه الكلمات الثَّلاث نصيب من حديثي، ولعلَّ من الواجب أن نتناول هذه الكلمات متأمِّلين متفكِّرين في معانيها؛ فلكلِّ واحدة منها في حياتنا آثار تٌرى، وأخبار تُروى!
وسبب اجتماع هذه الكلمات الثَّلاث في مقالي هذا هو تلك الزَّوبعة الصَّغيرة الَّتي لا تنال من العلماء الأكابر، أمثال الشَّيخ الشَّعراويّ رحمه الله تعالى، وهو عَلَم من أعلام الأمَّة في تفسير وتقريب كتاب الله عزَّ وجلَّ لعموم النَّاس.
ولقد تردَّدت كثيرا في الكتابة في هذا الأمر؛ لإيماني ويقيني بأنَّ الشَّيخ الشَّعراويّ رحمه الله تعالى أجلُّ من أن تنال منه كلمات عقيمة، أو عبارات غير مستقيمة!
وإنَّما دفعني للكتابة في هذه المسألة أمر آخر أبعدُ من هذه الكلمات الَّتي قيلت في حقِّ الرَّجل، وهو أنِّي أخشى أن يكون ما قيل في حقِّه نتيجة خلل في التَّصور والإدراك، أو نتيجة فساد وقصور في الفهم.
لا، بل أجزم أنَّ الأمر كذلك.
إنَّ أحد ملامح أزمة الأمَّة والمجتمع، لا سيما بعد أحداثه الأخيرة .. أنَّ كلَّ شيء اختلط بكلِّ شيء، فلم يعد يتميَّز شيء عن شيء، فدخل التَّجريح في النَّقد، والنَّقد في التَّجريح، وليس هذا من ذاك بسبيل!
وفي هذا الجو الغائم استباح بعض النَّاس ممَّن ملكوا لسانًا أو قلمًا تجريحَ الآخرين فلم ينجُ من تجريحهم حاكم ولا محكوم، ولا عالم ولا طالب علم، وذلك كلُّه تحت ستار له سلطانه في النُّفوس، يزعمون أنَّه الحريَّة حينا، وأنَّه النَّقد العلميّ حينا آخر!
والَّذي لا بدَّ أن يعرفه القارئ بداية أنَّ الحريَّة والنَّقد العلميّ شيء بعيد جدا عن هذا الَّذي تمجُّه الأذواق والأسماع ممَّا يُثار من أحكام جائرة وتهم باطلة تنال من العلماء وغيرهم تحت اسم الحريَّة والنَّقد العلميّ.
إنَّ الحريَّة مطلوبة؛ فهي أنفاس المجتمع الحيّ النَّابض، وإنَّ النَّقد مقبول، بل هو ظاهرة تتأكَّد ضرورتها؛ فوجود النَّقد بما يحمله من آداب وضوابط في مجتمع ما.. دليل على صحَّة المجتمع العلميَّة وسلامة بنائه الفكريّ.
وهذه الحريَّة وهذا النَّقد دأبُ المدارس العلميَّة صاحبة المناهج المحاطة بسور من ضوابط العلم والأخلاق، وإلا فماذا تكون المذاهب الفقهيَّة المتنوِّعة من حنفيَّة ومالكيَّة وشافعيَّة وحنبليَّة... وغيرها؟ أليس هذا حريَّة أكاديميَّة ونقدًا وأخذا وردًّا بين فقهاء هذه المذاهب؟ بل إنَّ النَّقد والأخذ والرَّدَّ مباح ليس بين المذاهب الَّتي تختلف في أصولها، ولكنَّ النَّقد مباح داخل المذهب الواحد، وكم نقلت الكتب الفقهيَّة اختلاف التَّلاميذ عن شيوخهم في النَّظر، وهذه آراء أبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشَّيبانيّ وزفر بن الهذيل تخالف آراء شيخهم وشيخ المذهب الحنفيّ الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه، وقل مثل ذلك عن الأئمَّة مالك، والشَّافعي، وأحمد بن حنبل، وتلاميذ كلٍّ، رضي الله تعالى عن الجميع.
وتأمَّل تاريخ الأمَّة الطَّويل فسترى النَّقد والأخذ والرَّدَّ بين رجالها: علماء وأدباء وفقهاء ومفكرين وفلاسفة بما يرتقي بالعقول وما تنتجه من أفكار ترجع بالنَّفع على الجميع.
ثمَّ إنَّ المجتمع يحتاج إلى النَّقد لا لثراء الفكر وحده، وإنَّما لتقويم ما اعوجَّ من نظر، ولتوجيه ما ندَّ من سلوك، وكم ابتليت المجتمعات بأفكار منحرفة لو تُركت خشية النَّقد لدرست ملامح المجتمع ولم تقم له قائمة.
ونحن نقرُّ بحاجتنا إلى النَّقد لردَّ الفكر العقيم وقبول الفكر المستقيم، لكنَّنا نقرُّ كذلك أنَّنا نحتاج مع النَّقد إلى الآداب والأخلاق الَّتي تصونه ليؤتي ثماره؛ وذلك بعد أن يكون المتكلم أهلا للنَّقد، فاهما لما ينقده.
وإذا كان من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فإنَّ ممَّا لا يعنيه ما لا يعيه، غير أنَّ الحماسة المندفعة، والجرأة المنفلتة تُزرى بصاحبها فتدفع مَن لا باع له لتصدُّر المقام، وأوْلَى لمن لا باع له ثم أولى أن يترك الفرس لفارسها، والمجال لأهله، ويرحم الله ابن حجر العسقلانيّ حين قال: «من تكلَّم في غير فنِّه أتى بهذه العجائب»
وبعد أن يتوفَّر هذا كلُّه ينبغي أن يختار المتكلم خير الألفاظ وأحسنها، وكم يكون اللفظ مانعا من قبول الحقِّ إذا لم يكن طيّبًا، جاء في كتاب فتح المغيث للسَّخاوي «يقول المزني: سَمِعني الشَّافعيّ يومًا وأنا أقول: فلان كذَّاب، فقال لي: يا إبراهيم، اكسُ ألفاظك أحسنَها، ولا تقل: كذَّاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيءٍ»، فهل ترى أيُّها القارئ فرقا في المعنى بين اللَّفظين، كلاهما بمعنى واحد لكنَّه الذَّوق والأدب حتَّى في النَّقد!
وإذا غابت هذه الضَّوابط والآداب اختلط النَّقد بالتَّجريح، واختلطت النَّصيحة بالفضيحة، واختلط الصَّدع بالحقِّ بالتَّحامل والظُّلم!
وتخيل أيها القارئ الكريم، لو أنَّنا أبحنا النَّقد بلا ضوابط فاجتمع متحامل مع مدافع في حوار أو نقاش، كيف يكون حالهما حينئذ؟ لا ريب أنه سيكون «حوار الطُّرشان» إن لم يكن مجزرة من السَّبّ والشَّتم واللّعان، فلا يسمع أحدهما صاحبه، وإنَّما يسمع نفسه لا غير!
إنَّ علماء الأمَّة ومفكريها قد أنفقوا أعمارهم على مُدارسة العلم وتحصيله وبذله للنَّاس وتعليمه، أفيكون الأدب معهم وردُّ جميلهم أن نهزأ بهم، ونَصِفَهم بما لا يرضاه إنسان لنفسه؟!
إنَّ المجتمع الَّذي لا يقدِّر علماءه ومفكريه، ولا ينزلهم منزلتهم اللائقة بهم مجتمع لم يفهم الحريَّة حقَّ فهمها، ولم يعرف النَّقد ولا آدابه!
وإذا كان الله عزَّ وجلَّ قد أكرم العلماء بالأجور العالية فأعطى من أصاب منهم في فهم مراده أجرين، ومن أخطأ منهم أعطاه أجرًا واحدًا، فكيف لا نقبل ونحن أهل الضَّعف والزَّلل اجتهاداتهم، فنكفَّ عنهم أذانا، بله أن نعطيهم حقَّهم، لا سيما أن تاريخ العلم يخبر أنَّ العالم يحاوره علماء، وأنَّ الفقيه يناقشه فقهاء، وأنَّ المفكر يردُّ عليه مفكرون؟!
فكيف بعد هذا نبخس هؤلاء حقَّهم بدعوى الحريَّة والنَّقد؟
لكن يبدو أنَّ هذا النَّقد الأعرج قد ابتليت به أزمان قبل زماننا، فهذا الحافظ ابن عساكر المتوفي عام 571هـ يقول: «اعْلَم يَا أخي وفقنا الله وَإِيَّاك لمرضاته وَجَعَلنَا مِمَّن يخشاه ويتقيه حق تُقَاته أَنَّ لُحُوم الْعلمَاء مَسْمُومَة، وَأنَّ عَادَة الله فِي هتك أَسْتَار منتقصهم مَعْلُومَة، وَأَنَّ من أطلق لِسَانه فِي الْعلمَاء بالثَّلب بلاه الله قبل مَوته بِمَوْت الْقلب». وأخشى أن يتحقَّق فينا كلام ابن عساكر!
ولا تظنَّنَّ أيها القارئ الكريم أنَّنا بدفاعنا عن العلماء نرفعهم إلى رتبة القداسة الَّتي تعمي عن تمييز الحق من الباطل، والصَّواب من الخطأ، فنحن نؤمن أن لكل جواد كبوة، ولكن قد تكون السيئة مغمورة في بحور الحسنات.
ثمَّ إنَّ احترام العلماء واجب شرعيٌّ تفرضه الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة، فالله تعالى قد رفعهم درجات بقوله سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.. [المجادلة : 11]، وقول النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ليس من أمَّتي من لم يجلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقَّه» رواه أحمد والطبراني، وقد كان السابقون يجتهدون فى بيان هذا المعنى بطريقة عمليَّة، ومن ذلك ما كان يفعله عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما مع زيد بن ثابت رضي الله عنه، وزيد من أكابر الصَّحابة وعلمائهم، فكان عبد الله بن عبَّاس، وهو ابن عمّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، يمسك بركاب دابة زيد بن ثابت، ويقوده، ويضع يده له ليركب، ويقول: هكذا أُمِرنا أن نفعل بعلمائنا، فأين نحن من هذا؟!
رحم الله علماءنا ورحم الله الشَّعراويّ، ورحم الله من أساء إليه، وهدانا جميعا إلى سواء السبيل.
إعلان