إعلان

الإمام الحاكم مؤلف "المستدرك" .. درس على ألفي شيخ واتُّهم بالتشيّع

05:11 م الجمعة 12 أكتوبر 2018

الإمام الحاكم مؤلف "المستدرك" .. درس على ألفي شيخ

كتب – هاني ضوه :

"رواه الحاكم في المستدرك" .. عبارة ألفنا قراءتها كثيرًا في استدلالات العلماء، فلا ريب أن كتاب "المستدرك على الصحيحين" للإمام الحاكم النيسابوري يعد من كتب الحديث المهمة نظرًا لمكانة الإمام الحاكم الذي صنفه وما يتميز به من علم وفضل واجتهاد، كما أنه جمع فيه الأحاديث التي لم يضمها الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما وكانت على شرطهما أو شرط أحدهما.
فمن هو الإمام الحاكم وما هي إنجازاته العلمية؟ هذا ما يرصده مصراوي في التقرير التالي :

اسمه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، وقد ولد سنة 321 من الهجرة في نيسابور، ولذلك ينسب إليها.
بدأ في تلقي العلم منذ نعومة أظافره على يد والده وكبار علماء نيسابور في ذلك الوقت، فأول ما سمع من العالم كان سنة 330 هجريًا، وبعدها أراد الاستزادة من العلم فرحل إلى العراق سنة 341 هـ وأدى فريضة الحج بعدها، ثم بدأ جولته في بلاد خراسان وما وراء النهر ينهل من العلم حتى ذاع صيته وانتشر علمه.
وفي سنة 359 هـ ولي قضاء نيسابور، ولُقّبَ بالحاكم لأنه تولى القضاء مرات متتالية، ثم اعتزل منصبه ليتفرغ للعلم والتصنيف، وكان ضمن المهام التي تولاها أنه كان سفيرًا بين ملوك بني بويه وبين السامانيين فأحسن السفارة.

شيوخ الإمام الحاكم


ذكر الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء" عند عرضه لسيرة الإمام الحاكم أنه أخذ العلم عن نحو ألفي شيخ، حتى أن الشيخ نايف أبو الطيب ألف مصنفًا بعنوان "الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم"، ذكر فيه الكثير من شيوخ الإمام الحاكم ومن مشايخه الإمام الدَّارقُطْنِيُّ، وابن أبي الفوارس، وقد أخذ القراءة عرضاً عن أحمد بن إسماعيل الصرام، وأبي بكر محمد بن العباس بن الإمام بخراسان. وأبي عيسى بكار بن محمد ببغداد، وأبي علي النقار بالكوفة، ومحمد بن الحسين بن أيوب النوقاني، وأبي الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكازري، وتفقه على أبي سهل الصعلوكي، وبرع في فنون الحديث وأتقن الفقه للشافعي.

تلاميذه:


له تلاميذ كثيرون منهم : الدارقطني وهو من شيوخه، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن أحمد بن يعقوب، وأبو ذر الهروي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن، والزكي عبدالحميد البحيري، ومؤمل بن محمد بن عبدالواحد، وأبو الفضل محمد بن عبيدالله الصرام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، وخلق سواهم.

قال عنه الحافظ ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية": وكان من أهل العلم والحفظ والحديث، وقد كان من أهل الدين والأمانة والصيانة والضبط والتجرد والورع".
وقال الحافظ الذهبي عنه في كتابه "سير أعلام النبلاء": "قرأت على أبي علي بن الخلال: أخبركم جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار، سمعت الخليل بن عبد الله الحافظ ذكر الحاكم وعظمه، وقال: له رحلتان إلى العراق والحجاز، الثانية في سنة ثمان وستين، وناظر الدارقطني، فرضيه، وهو ثقة واسع العلم، بلغت تصانيفه قريبا من خمس مئة جزء، يستقصي في ذلك، يؤلف الغث والسمين".

اتهامه بالتشيّع ودفاع العلماء عنه


اتهم البعض الإمام الحاكم بالتشيع لمحبته لآل بيت النبي الأطهار صلى الله عليه وآله وسلم ودفاعه عنهم وتصحيح العديد من الأحاديث التي تتعلق بهم، وهو اتهام باطل رد عليه الكثير من العلماء ومنهم الإمام السبكي الذي قال عن ذلك:
"وقد رُمي هذا الإمام الجليل بالتشيع وقيل : إنَّه يذهب إلى تقديم عَلِيٍّ من غير أن يطعن في واحد من الصحابة رضي الله عنهم ؛ فنظرنا فإذا الرجل : محدثٌ لا يُختلفُ في ذلك . وهذه العقيدة تَبْعُدُ على محدِّث ؛ فإن التشيع فيهم نادر ، وإن وجد في أفراد قليلين .
ثم نظرنا مشايخه الذين أخذ عنهم العلم ؛ وكانت له بهم خصوصية فوجدناهم من كبار أهل السنة ومن المتصلبة في عقيدة أبي الحسن الأشعري كالشيخ أبي بكر بن إسحاق الصبغي ، والأستاذ أبي بكر بن فورك ، والأستاذ أبي سهل الصعلوكي ، وأمثالهم . وهؤلاء هم الذين كان يجالسهم في البحث ، ويتكلم معهم في أصول الديانات ، وما يجري مجراها.
ثم نظرنا تراجم أهل السنة في “تاريخه” ؛ فوجدناه يعطيهم حقهم من الإعظام والثناء مع ما ينتحلون ؛ وإذا شئت فانظر ترجمة أبي سهل الصعلوكي ، وأبي بكر بن إسحاق ، وغيرهما من “كتابه” ولا يظهر عليه شيء من الغمز على عقائدهم . وقد استقريتُ فلم أجد مؤرخاً ينتحل عقيدة ، ويخلو كتابه عن الغمز ممن يحيد عنها : سُنّةُ الله في المؤرخين ، وعادته في النقلة ، ولا حول ولا قوة إلا بحبله المتين.
ثم رأينا الحافظ الثبت : أبا القاسم بن عساكر أثبته في عداد الأشعريين الذين يُبَدّعون أهل التشيع ، ويبرءون إلى الله منهم ؛ فحصل لنا الريب فيما رُمِيَ به هذا الرجل على الجملة.
ثم نظرنا تفاصيله: فوجدنا الطاعنين يذكرون أن محمد بن طاهر المقدسي ذكر أنَّه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري عن الحاكم أبي عبد الله ؛ فقال : “ثقة في الحديث رافضي خبيث” (!) , وأن ابن طاهر هذا قال : ” إنَّه كان شديد التعصب للشيعة في الباطن ، وكان يظهر التسنُّنَ في التقديم والخلافة ، وكان منحرفاً غالياً عن معاوية , وأهل بيته يتظاهر به , ولا يعتذر منه”.

مصنفاته


وللإمام الحاكم الكثير من المصنفات غير المستدرك، ذكر الإمام الذهبي عند ترجمته له فقال: "وقد شرع الحاكم في التصنيف سنة سبع وثلاثين، فاتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء.
منها على سبيل المثال:
الأربعون في الحديث, الإكليل في الحديث, تراجم الشيوخ, السياق في ذيل تاريخ نيسابور, فضائل العشرة المبشرة, فضائل فاطمة الزهراء رضي الله عنها, فوائد الشيوخ, كتاب المبتدأ من اللآلي الكبرى, المدخل إلى الصحيح, المستدرك على الصحيحين في الحديث, مناقب الإمام الشافعي, مناقب الصديق رضي الله عنه".

وفاته:


توفي الإمام الحاكم في بلده بمدينة نيسابور في 3 من صفر 405 هـ: 2 من أغسطس 1014م، عن أربعة وثمانين سنة.
وذكر قصة وفاته فقال: "روى أبو موسى المديني: أن الحاكم دخل الحمام، فاغتسل، وخرج.
وقال: آه. وقبضت روحه وهو متزر لم يلبس قميصه بعد، ودفن بعد العصر يوم الأربعاء، وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري.
وقال الحسن بن أشعث القرشي: رأيت الحاكم في المنام على فرس في هيئة حسنة وهو يقول: النجاة، فقلت له: أيها الحاكم ! في ماذا ؟ قال: في كتبة الحديث.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان