ما حكم تعيين النية في الصيام عند اختلاف جنس الصيام؟
هل يشترط تعيين النية في الصيام عند اختلاف جنس الصيام كالنذر والقضاء، أو القضاء والستة البيض؟
تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:
النية: من نَوى نِيَّةً: تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ، وَنَوَى: بَعُدَ، وتأتي بمعنى القصد، وبمعنى الحفظ. [تراجع مادة: ن و ى، في المصباح المنير للفيومي ص631، ط. المكتبة العلمية، والمعجم الوسيط ص965، ط. دار الدعوة].
والنية اصطلاحًا: قَصْدُ الإنسان بقلبه ما يريده بفعله. [الذخيرة للقرافي 1/ 240، ط. دار الغرب الإسلامي].
وشرعت النية لتمييز العبادات عن العادات، ولتمييز رتب العبادات، روى البخاري عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه». فالحديث دل على أن ثواب الأعمال وجزاءها يتوقف على النية.
قال ابن نجيم: «المقصود من النية تمييز العبادات من العادات، وتمييز بعض العبادات عن بعض، كالإمساك عن المفطرات قد يكون حمية أو تداويًا، أو لعدم الحاجة إليه، والجلوس في المسجد قد يكون للاستراحة وقد يكون قربة، ثم التقرب إلى الله تعالى يكون بالفرض والنفل والواجب، فشرعت لتمييز بعضها عن بعض» اهـ بتصرف. [الأشباه والنظائر ص25، ط. دار الكتب العلمية].
والنية شرط صحة في الصيام كما في سائر العبادات، فمن لم يُبيت النية ليلا قبل الفجر فإن صيامه غيرُ صحيح؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه البيهقي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا عملَ لمن لا نيةَ له)).
قال النووي: «لا يصح الصوم إلا بالنية». [روضة الطالبين للنووي 2/ 350، ط. المكتب الإسلامي].
وقال الشيخ الدردير: «وشرط صحة الصوم مطلقًا -فرضًا أو نفلًا- بنية صوم مبيتة في جزء من الليل». [الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/ 250، ط. دار الفكر]، ويعقب الدسوقي عليه فيقول: لعموم حديث أصحاب السنن الأربعة من حديث حفصة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)).
ويجب تعيين النية في صيام الفرض، رمضان أو القضاء أو النذر أو غيرهما؛ لأن النية شرعت لتمييز مراتب العبادات بعضها عن بعض، فالواجب غير النافلة، ولأنها عبادة مضافة إلى وقت كالصلاة، فوجب التعيين حتى يتميز الفرض من النافلة.
قال الخطيب الشربيني: «وتعيين النية في الفرض؛ بأن ينوي أنه صائم عن رمضان أو نذر أو عن كفارة؛ لأنه عبادة مضافة إلى وقت، فوجب التعيين في نيتها كالصلوات الخمس». [الإقناع 2/ 327، ط. مصطفى الحلبي بتصرف يسير].
وقال النووي: «ويجب تعيين النية في صوم الفرض، سواء فيه صوم رمضان والنذر والكفارة وغيرها». [روضة الطالبين 2/ 350].
وقال ابن قدامة: «ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل، وجملته أنه لا يصح صوم إلا بنية إجماعًا، فرضًا كان أو تطوعًا؛ لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية كالصلاة، ثم إن كان فرضًا -كصيامِ رمضان في أدائه أو قضائه، والنذرِ والكفارةِ- اشتُرط أن ينويَه من الليل عند إمامنا ومالك والشافعي». [المغني لابن قدامة 3/ 22، ط.
الكتاب العربي].
وأما إن كان الصوم غيرَ فرضٍ فإنه يجوز فيه مطلق النية من غير تعيين؛ لأن جنس التطوع واحد، فاكتَفى فيه بمطلق النية، قال النووي في المجموع: وأما صوم التطوع فيصح بنية مطلق الصوم كما في الصلاة، هكذا أطلقه الأصحاب. [المجموع 6/ 295 ، ط. دار الفكر].
قال جلال الدين المحلي: «أَما النفل فيصح بنية مطلق الصوم». [شرح المنهاج للمحلي 2/ 53، ط. عيسى الحلبي].
وبناءً عليه: فإن شرط صحة الصوم النية، ولا بد أن تُعَيَّن في صيام الفرض، ويجوز مطلق النية في صيام التطوع.
والله تعالى أعلم.
فيديو قد يعجبك: