لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل حلوى المولد النبوي أصنام ولا يجوز التهادي بها؟.. الإفتاء ترد بالأدلة الشرعية

04:47 م الجمعة 23 أكتوبر 2020

عرائس المولد

كـتب- عـلي شـبل:

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والفرح بها من أفضل الأعمال وأعظم القربات، مشيرا إلى أن إحياء هذه الذكرى يندب بكافة مظاهر الفرح والسرور، وبكل طاعة يُتقرب بها إلى الله عز وجل، ويَدخُل في ذلك ما اعتاده الناسُ من شراء الحَلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فرحًا منهم بمولده صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبةً منهم لما كان يحبه.

واستشهد علام، في بيان فتواه، بما ورد عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُحِبُّ الحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ العَسَلَ" رواه البخاري وأصحاب السنن وأحمد، فكان هذا الصنيعُ منهم سُنةً حسنة، كما أن التهادي أمر مطلوب في ذاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهَادوْا تَحَابوْا» رواه الإمام مالك في "الموطأ"، ولم يَقُمْ دليلٌ على المنع من القيام بهذا العمل أو إباحَتِه في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخُرى؛ كَإدْخَالِ السُّرورِ على أهلِ البيت وصِلة الأرحامِ فإنه يُصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولدِ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشَدَّ مشروعيةً وندبًا واستحبابًا؛ لأنَّ "للوسائل أحكام المقاصد".

وفي رده على سؤال تلقته دار الإفتاء يقول صاحبه: ما حكم شراء الحلوى والتهادي بها في المولد النبوي الشريف؟ حيث ظهرت بعض الأقوال التي تدَّعي أنها أصنام، وأن ذلك بدعة وحرام ولا يجوز للمسلم أن يأكل منها، ولا أن يشارك في شرائها ولا في إهدائها ولا في الأكل منها؟ أكد فضيلة المفتي أن العلماء نصّوا على استحباب إظهار السرور والفرح بشتى مظاهره وأساليبه المشروعة في الذكرى العطرة لمولده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم.

واستند علام في بيان رده عبر بوابة الدار الرسمية، إلى قول الحافظ السيوطي في "حسن المقصد في عمل المولد": [فيستحب لنا أيضًا إظهارُ الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات. ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى "عرف التعريف بالمولد الشريف" ما نصه: "قد رُؤِيَ أبو لهب بعد موته في النوم، فقيل له: ما حالك، فقال: في النار، إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين وأمص من بين أصبعي ماءً بقدر هذا -وأشار لرأس أصبعه- وأن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبإرضاعها له. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم به، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وآله وسلم! لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم". وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي في كتابه المسمى "مورد الصادي في مولد الهادي": "قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورًا بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وأما الزعم بأن شراء الحلوى في المولد أنها أصنام، وأنها بدعة وحرام، وأنه لا يجوز الأكل منها، ولا إهداؤها، فأكد علام أنه كلام باطل يدل على جهل قائليه بالشرع الشريف، وضحالة فهمهم لمقاصده وأحكامه؛ فإنها أقوال مبتدعة مرذولة لم يَقُلْها أحدٌ من علماء المسلمين في قديم الدهر ولا حديثه، ولم يُسبَق أصحابُها إليها، ولا يجوز العملُ بها ولا التعويل عليها؛ إذ فيها تشبيه للمسلمين المحبين لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالمشركين العاكفين على الأصنام، وهذا مسلك الخوارج الذين يعمدون إلى النصوص التي جاءت في المشركين فيحملونها على المسلمين، والله سبحانه وتعالى يقول منكرًا على أصحاب هذا المنهج: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ۝ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [القلم: 35-36]، ويلزم من هذه الأقوال الفاسدة تحريم مظاهر الفرح بمولد النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا مع مخالفته للفطرة السوية هو مخالف لعمل الأمة المحمدية، فالمسلمون عبر القرون يُهدون ويفرحون بالتوسعة على الفقراء والعيال في ذكرى المولد الشريف، من غير نكير، فرحًا بمولد الهادي البشير صلى الله عليه وآله وسلم، والنفوس مجبولة على الفرح بمن تحب، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أعظم من يُحَبُّ، وأَوْلَى من يُفرَح به، وهذه الدعوى الفاسدة تستلزم تضليل الأمة وتجهيل علمائها عبر الأمصار والأعصار.

وبناءً على ذلك: فشراءُ الحلوى، والتهادي بها، والتوسعةُ على الأهل والعيال، وما إلى ذلك من مظاهرِ الفرح الدنيوية المباحة بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلها جائزةٌ شرعًا، ويثاب المسلم على قصده فيها من محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه، وفيها فضلٌ عظيم؛ فإن الوسائل لها أحكام المقاصد، ومن باب أَوْلَى مشروعية المظاهر الدينية للاحتفال؛ كقراءة القرآن الكريم، وتلاوة السيرة العطرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإحياء مجالس الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإنشاد والتغني بمدائحه الكريمة وشمائله العظيمة صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي خلاصة فتواه، أكد فضيلة المفتي أن الأقوال التي تحرم على المسلمين الاحتفال بنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم والتعبير عن سرورهم بمولده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم بشتى وسائل الفرح المباحة فإنما هي أقوال فاسدة وآراء كاسدة، لم يُسْبَقْ مبتدعوها إليها، ولا يجوز الأخذُ بها ولا التعويلُ عليها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان