حكم نقل الميت إلى مقبرة أخرى.. "البحوث الإسلامية" يحدد 5 مبادئ مهمة
كتب - إيهاب زكريا:
ورد سؤال إلى مجمع البحوث الإسلامية يقول: "ما حكم نقل الميت من المقبرة التي دفن بها إلى مقبرة أخرى؟"، أجابت عنه لجنة الفتوى بالمجمع قائلة:
هناك مبادئ مهمة هي:
1- السُّنة أن يُدفن كل ميت في قبر مستقل، لا يشاركه فيه غيره إلا لضرورة.
2- لا يجوز دفن الرجال مع النساء إلا لضرورة.
3- حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً.
4- لا يجوز نبش قبر الميت إلا لضرورة شرعية.
5- لا يجوز نقل الميت من قبره إلا لضرورة.
وأوضحت لجنة الفتوى تفاصيل هذه المبادئ الخمسة قائلة:
إن من سنة النبي صلى الله عليه و سلم أن يدفن كل ميت في قبر مستقل، لا يدفن معه غيره فيه، فقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله أصحابه من بعده.
فإن ضاقت المقبرة عن استيعاب الموتى، أو لا توجد الأراضي الكافية للدفن فيها، كما هو الحال في غالب بلدنا (مصر)، أو لم يوجد من يحفر القبور جاز دفن أكثر من ميت في قبر واحد مراعاة لحالة الضرورة؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم فعل هذا عند دفن شهداء المسلمين يوم غزوة أحد، فقد قال لأصحابه لما شكوا إليه: «احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَاجْعَلُوا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ فِى الْقَبْرِ»رواه أبو داود.
وأضافت لجنة الفتوى بالمجمع، عبر الصفحة الرسمية على "فيسبوك": أما دفن الرجل والمرأة في قبر واحد فلا يجوز إلا لضرورة على القول الراجح. قال الإمام الشافعي رحمه الله : " وَلاَ أُحِبُّ أَنْ تُدْفَنَ الْمَرْأَةُ مَعَ الرَّجُلِ عَلَى حَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى غَيْرِهَا كَانَ الرَّجُلُ أَمَامَهَا، وَهِيَ خَلْفَهُ، وَيُجْعَلُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْقَبْرِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ".
فإذا دفنت المرأة مع الرجال في قبر واحد فيجعل بينهما حاجز من تراب.
وفيما يتعلق بالتعامل مع الجثمان أوضحت لجنة الفتوى بالمجمع أن الشريعة حرمت أي امتهان لكرامة الميت أو التعامل معه بطريقة غير لائقة، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا». فلا يجوز التعامل مع الميت بأي طريقة غير ملائمة، أو الاعتداء عليه.
وقالت: إذا كان الأمر كذلك، فإذا دفن الميت فلا يجوز نبش قبره أو فتحه عليه، وإخراجه منه، فهو بيته وسكنه ومستقره، إلا لضرورة شرعية توجب ذلك.
وأما نقل الميت من قبره الذي دفن فيه فقد اختلف فيه الفقهاء:
- فقد ذهب الحنفية والشافعية إلى عدم جواز ذلك إلا لضرورة كدفنه في أرض مغصوبة، أو أن تؤخذ الأرض بالشفعة، واستدلوا على منع النقل بان فيه انتهاكاً لحرمة الميت.
قالوا: وَلِذَا لَمْ يُحَوَّلْ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ دُفِنُوا بِأَرْضِ الْحَرْبِ إذْ لا عُذْرَ.[ فتح القدير ج2 ص140].
- وذهب المالكية إلى جواز نقل الميت بعد دفنه بشروط ثلاثة: ألا ينفجر حال نقله، وألا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة، كأن يخاف عليه أن يغرق البحر قبره أو يأكله السبع، أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله.
- وذهب الحنابلة إلى جواز نقل الميت إلى بقعة أحسن من البقعة التي دفن بها، كأن يكون مدفوناً مع غيره فينقل ليدفن منفرداً.
وقد استدل المالكية والحنابلة بما رواه البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ».
وفي رواية: فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ» رواهما البخاري.
وأكدت لجنة الفتوى أنه يظهر مما تقدم أن الفقهاء لا يبيحون نقل الميت إذا ترتب على نقله إهانة له أو اعتداء على حرمته، أو لم يكن النقل لغرض معقول ومبرر قوي، سواء كان هذا الغرض من النقل لمصلحة الميت أو لمصلحة الحي .
فمصلحة الميت تقتضي أن ينقل لو تهدم القبر أو كاد ، أو وصل إليه الماء أو كان مدفوناً مع غيره فينقل ليدفن وحده في قبر مستقل كما فعل سيدنا جابر مع أبيه.
ومصلحة الحي في نقل الميت أن يكون الميت بين أهله أو أن يكون قريباً منهم لزيارته.
لكن لا يجوز النقل لو لم يكن الغرض منه مستساغاً كأن ينقل من مقبرة جماعية في البلد إلى مقبرة جماعية أخرى في نفس البلد ، إذ لا مبرر معقول من وراء هذا النقل.
وأنهت لجنة الفتوى أنها ترى الأخذ بمـــذهب المالكية وفــق الضــوابط و الشــروط التي وضــعـــوها؛ وذلك تيسيراً على الناس ورفقاً بهم.
فيديو قد يعجبك: