إعلان

ما حكم تبرع غير المسلمين في أبواب الخير؟

03:49 م الثلاثاء 12 مايو 2015

ما حكم تبرع غير المسلمين في أبواب الخير؟

هل يجوز أن يتبرع غير المسلمين لكفالة أطفال المسلمين وبناء المساجد وإقامة المشاريع الخيرية كإنشاء المستشفيات ومعاهد التعليم وغير ذلك من أبواب التكافل الاجتماعي؟

تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:

الأصل في التعايش بين المسلمين وغيرهم هو قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.. [الممتحنة: 8]، وهذا يشمل كافة أنواع العلاقات الإنسانية من التكافل والتعاون أخذًا وعطاءً على مستوى الفرد والجماعة، وقد جاءت السنة النبوية المطهرة بقبول هدايا غير المسلمين؛ فعن علي رضي الله عنه قال: «أَهْدَى كِسْرَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَ مِنْهُ وَأَهْدَى لَهُ قَيْصَرُ فَقَبِلَ مِنْهُ وَأَهْدَتْ لَهُ الْمُلُوكُ فَقَبِلَ مِنْهُمْ» رواه أحمد والترمذي وحسَّنه.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جُبَّةَ سُنْدُسٍ» متفق عليه، وعنه أيضًا رضي الله عنه: «أَنَّ مَلِكَ ذِي يَزَنَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً أَخَذَهَا بِثَلاثَةٍ وَثَلاثِينَ بَعِيرًا أَوْ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ نَاقَةً فَقَبِلَهَا» رواه أبو داود، وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: «قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ أَسْعَدَ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حَسَلٍ عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ بِهَدَايَا؛ ضِبَابٍ وَأَقِطٍ وَسَمْنٍ وهي مُشْرِكَةٌ فَأَبَتْ أَسْمَاءُ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَتُدْخِلَهَا بَيْتَهَا، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَأَنْ تُدْخِلَهَا بَيْتَهَا» رواه أحمد.

واستدل العلماء أيضًا على ذلك بقبول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الهدية من سلمان الفارسي رضي الله عنه قبل إسلامه؛ يقول الحافظ العراقي في "طرح التثريب": "وفيه قبول هدية الكافر؛ فإن سلمان رضي الله عنه لم يكن أسلم إذ ذاك، وإنما أسلم بعد استيعاب العلامات الثلاث التي كان عَلِمَها من علامات النبوة".

ولا فرق في قبول تبرع غير المسلمين بين أن يكون تبرعهم في مصالح الدنيا أو الدين، وبذلك أخذ الشافعية حين أجازوا الوقف من غير المسلم على منافع المسلمين الدينية والدنيوية؛ نظرًا إلى اشتراط كون الوقف قربة في ذاته، بقطع النظر عن اعتقاد الواقف، خلافًا للمالكية في تصحيحهم وقف غير المسلم على المنافع الدنيوية فقط، وللحنفية في اشتراطهم في وقف أهل الذمة أن يكون قربة عندنا وعندهم.

وأما قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}.. [التوبة: 17] فالمقصود بالعمارة المنهي عنها هنا ما كان لغير المسلمين فيه ولاية على المساجد واستقلال بالقيام بمصالحها، أو خيف من إقامتهم للشرك فيها كما قال الله تعالى في الآية الأخرى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}.. [الجن: 18].

وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا مانع شرعًا من قبول تبرعات غير المسلمين في مصالح المسلمين العامة دينية كانت أم دنيوية، أخذًا بمذهب الشافعية في ذلك ما دام لا يترتب على ذلك مفسدة شرعية.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان