ما حكم صلاة التطوع في المنزل؟
تجيب لجنة الفتوى بدار الافتاء المصرية :
صلاة التطوع هي الصلاة الزائدة على الفرائض والواجبات، قال الجرجاني في "التعريفات" (ص84): [التطوع اسم لما شرع زيادة على الفرض والواجبات].
وعَنْ طلحة بن عبيد الله –رضي الله عنه- يقول: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ وَلا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ))، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: ((لا، إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ)) فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ: ((لا، إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ))، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: ((لا، إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ))، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ)) أخرجه مسلم في صحيحه.
ويستحب صلاة النافلة في المنزل، فقد وردت عدة أحاديث توضح ذلك، فعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ- رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اتَّخَذَ حُجْرَةً -قَالَ:
حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ حَصِيرٍ- فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ» أخرجه البخاري في صحيحه.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا)) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَعَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ نَصِيبًا، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" : [قَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مِمَّا يُتَنَفَّلُ بَعْدَهَا فَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى بيته لفعل النافلة؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ].
وصلاة التطوع في البيت أقرب إلى الإخلاص، وأبعد من الرياء؛ لما فيها من الإسرار بالعمل الصالح، وهو أفضل من الإعلان به، والبيت الذي لا يذكر الله فيه، ولا تقام فيه الصلاة، يكون كالقبر الخرب، فمن الخير أن يجعل المرء نصيبا من صلاته في بيته، حتى يعمره بالذكر والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، والله أعلم.
فيديو قد يعجبك: