حكاية "عاشقة المُغامرة" التي أثرت في حياة أوباما
كتبت- هدى الشيمي:
أثناء استعداده لترك البيت الأبيض في يناير الماضي، بعد قضائه ثمانية أعوام في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، تحدث باراك أوباما عن الدور الذي لعبته والدته ستانلي آن دونهام في حياته، وكيف كان لها تأثيرا كبيرا عليه، وعلى حياته كرئيس لأحد أهم الدول في العالم.
وقال الرئيس الأمريكي السابق عن طفولته في مقابلة مع كبير المستشارين الاستراتيجيين السابق "ديفيد أكسيلرود": "رغم كل الصعود والهبوط في حياتنا، إلا أنه لم يكن هناك لحظة واحدة لم أشعر فيها أني لست مميزا، أو أني كنت هدية ثمينة من الله".
وفي مذكراته "أحلام من أبي"، التي نُشرت عام 2004، قال "أوباما" إن أهم شيء تعلمه من والدته هو قوة وتأثير الحب، فكان ذلك المُحرك الأساسي لحياته، وساعده على بلوغ ما وصل إليه، وتحقيق تلك الانجازات.
وكثيرا ما تحدث أوباما عن نشأته غير التقليدية، إذ ولد في هاواي لأب كيني وأم قوقازية من كنساس.
ووُلدت دونهام في كنساس عام 1942، وأطلق عليها والدها اسم ستانلي آن، لأنه رغب في أن تكون صبي، وانتقلت عائلتها إلى هاواي حيث التقت بزوجها الأول باراك أوباما الأب في الجامعة، إلا أن زواجهما انتهى بعد فترة وجيزة.
وبعد رحيل والده عنهما، عاش أوباما وكان في عامه الثاني آنذاك، برفقة جديّه في هاواي، بينما كانت والدته تدرس في إندونيسيا وتزوجت مرة أخرى، حسب ما جاء في صحيفة الإندبندنت البريطانية. ووصف أوباما والدته بالسيدة غريبة الأطوار، الجائعة دائما للمغامرة، إلا أنه أكد حبها الشديد لأطفالها.
كانت "دونهام" في الثامنة عشر من عمرها عندما أنجبته. ويقول الرئيس الأمريكي السابق عن فارق السن الصغير الذي كان بينهما، إنه حول علاقتهما إلى علاقة فريدة من نوعها، فكانا أصدقاء، يحب كل منهما الآخر، ويدعمه.
وأكد في مذكراته أنه يدين بأفضل ما فيه لها، وقال إنها سافرت الكثير من الدول حول العالم، وعملت في قرى بعيدة، تساعد النساء على شراء ماكينات الخياطة، أو حلب الأبقار، أو تعلم القراءة والكتابة حتى يعثرون على فرص جديدة تساعدهم على تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
إلا أن أكثر ما أثار إعجابه بوالدته، هو تواضعها وبساطتها، وقدرتها على التعامل مع المواطنين من كافة البيئات والمستويات الاجتماعية، فيقول في كتابه: "كان لها أصدقاء أغنياء وفقراء. وكانت تعشق السير لمسافات طويلة، كانت تضحك حتى تدمع عيناها على أبسط الأشياء".
درست دونهام علم الأنثروبولوجيا (أي الدراسة العلمية للإنسان)، وكرست نفسها لإجراء الأبحاث والدراسات، خاصة في إندونيسيا. وكانت مسؤولة عن مشروعا للتنمية مع مؤسسة "فورد"، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومصرف التنمية الآسيوية، وهي مشاريع رائدة في مجالات تقديم القروض الصغير للفقراء في المناطق الريفية.
أشار الأصدقاء المقربون من دونهام إلى أنها كانت تقتدي بـ"غاندي، ومارتن لوثر كينج". وبررت أليس ديوي، إحدى الصديقات المُقربات من أسرة أوباما والمشرفة على مواد عملية كانت تعدها "دونهام"، دراستها للأنثروبولوجيا، إلى رغبتها في معرفة الإنسان، وتفسير الأسباب وراء تصرفاتهم وأفكارهم.
ونقلت صحيفة الإندبندنت، قول ديوي بأن دونهام كانت من أكثر الشخصيات المُتفانيات في أعمالهن.
وبعد فترة سافرت دونهام إلى إندونيسيا لاستئناف دراستها، وهناك التقت بـ لولو ستورو، الطالب الإندونيسي الذي تزوجها فيما بعد، وانفصلت عنه عام 1980.
انتقلت دونهام، 24 عاما، وباراك، 6 أعوام، إلى إندونيسيا لكي يعيشا مع ستورو. إلا أن تلك الخطوة نُفذت في وقت صعب. إذ أن إندونيسيا شهدت في تلك الفترة حالة من الفوضى، بعد حدوث الانقلاب الدموي عام 1965.
وتوفت دونهام عام 1995، أي قبل عام واحد من فوز نجلها في انتخابات مجلس الشيوخ في ولاية إلينوي.
فيديو قد يعجبك: