إعلان

لماذا يسيء الأطفال التصرف ويعصون الأوامر؟

12:00 م الثلاثاء 23 أبريل 2019

لماذا يسيء الأطفال التصرف ويعصون الأوامر

مصراوي:

نوبات الغضب، البكاء والأنين، التجاهل، مشاكل النوم وصراع القوة من بين الأمور التي قد تدفع بالوالدين إلى الجنون.

ولكن لماذا يسيء الأطفال التصرف؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب علينا، أولا، أن نفهم السبب الجذري لتلك السلوكيات المزعجة والمحبطة والمجنونة أحيانا.

وبحسب شبكة "يورو نيوز"، يحتاج الأطفال وحتى الكبار إلى الانتماء والأهمية، وهي مجرد طريقة للانتماء الذي يكمن في العلاقة العاطفية والاهتمام الإيجابي الذي نحتاجه مع بعضنا البعض.

وتشير الأهمية إلى شعور الفرد بالاستقلالية والقدرة والحاجة إلى تقديم مساهمات بشكل فعال.

والأهمية هنا هي شكل من أشكال امتلاك القوة الشخصية، ودون تلبية كل من هذه الاحتياجات الفطرية، فالأطفال سيسيئون التصرف.

"أحتاج إلى المزيد من الوقت والاهتمام"

عندما لا يشعر الطفل بشعور قوي بالانتماء، فإنه سيتصرف بطريقة خاطئة يعتقد من خلالها أنه سيحصل على الاهتمام الإيجابي الذي يتوق إليه. على سبيل المثال، الطفل الصغير الذي لا يحصل على ما يكفي من الاهتمام الإيجابي من والدته ووالده سيسعى إلى إثارة الاهتمام مثل الشكوى والأنين والتشبث أو التظاهر بأنه لا يملك القوة. الطفل يفكر بمنطق أنه إذا بكى أو تألم، فهذه هي الطريقة الفعالة لجلب انتباه والديه. فالطفلة مثلا ترغب في الحصول على الاهتمام الإيجابي من أمها وأبيها، ولمنها تستخدم سلوكيات سلبية لتحقيق هدفها في الاهتمام بها.

"أنا بحاجة لإثبات قوتي"

قد يشعر الطفل الصغير بتجريده من أهميته لأن والدته ووالده يقدمان له خدمات هو قادر على تلبيتها بنفسه. كيف يمكن للطفل أن يشعر بالقدرة إذا قامت الأم أو الأب بالقيام بكل الأشياء التي تخصه؟ أو ربما يتخذان جميع القرارات الخاصة به ويسيطران بالتالي على حياته. هذا النوع من السلوكيات طبيعي وشائع لدى الأولياء وهي تصرفات تجرد الطفل من إحساسه بأهميته أو قوته الشخصية.

وفي بعض الأحيان وللتعبير عن موقفه بخصوص حياته الخاصة، يقاوم الطفل تصرفات والديه من خلال الدخول في نوبات الغضب وعدم الاستماع لوالديه وعدم الانصياع لأوامرهما وغيرها من صراعات القوة التي تؤدي أحيانا إلى نوع من التحدي خاصة لدى المراهقين. فالطفل أو المراهق يحتاج إلى قوته الخاصة ولا يقبل أن يكون مجرد منفذ للأوامر.

سوء سلوك الطفل هو رسالة تخبرنا بأنه بحاجة إلى شعور أكبر بالانتماء من جهة وبالأهمية من جهة أخرى، وهذا ما يتيح لنا فرصة استباق وتنفيذ استراتيجيات من شأنها أن تلبي هذه الحاجة بشكل إيجابي واستباقي. ومع ذلك، وبدون معرفة لماذا يتصرف الأطفال بشكل سيئ وما هي الاستراتيجيات التي يجب استخدامها لمعالجة وتصحيح سوء السلوك، يعتمد الآباء بشكل طبيعي على غرائزهم وبعض أساليب الأبوة "الشائعة" التي قرأوها أو سمعوا عنها. هذا يمكن أن يؤدي إلى تنامي سوء السلوكيات لدى الطفل.

كيف يسهم الأولياء في تنامي سوء السلوك لدى الأطفال؟

دون دراية منهم، يشجع الأولياء سوء سلوك الأطفال من خلال شخصيتهم واختيارهم لاستراتيجيات الانضباط حيث يمكن لأسلوب شخصية أحد الوالدين تصعيد السلوكيات السيئة مثلا يتواصل الوالد ذي الشخصية "المسيطرة" عادة مع الأطفال عن طريق القيام بالكثير من الأوامر والتصحيح والتوجيه مثل البس حذائك، نظف أسنانك، أطفئ جهاز التلفزيون الآن، حان الوقت لتناول الطعام. لا أحد يحب تلقي الأوامر تنفيذ ما يجب القيام به ومتى أو كيف يتم القيام بذلك، بما في ذلك الأطفال، وكلما زادت الأوامر والدعوة إلى النظام والتوجيه، زاد احتمال تمرد الأطفال والدخول في صراعات على السلطة، وكأن الطفل يقول لأحد أوليائه: "أنت لست رئيسي".

ويمكن أن يقود والد يتمتع بأسلوب شخصي "متسامح" ابنه إلى العجز، لأن بعض الآباء لا يرغبون في الدخول في صراع مع الطفل بمجرد رفضه تنفيذ أمر ما، ويتركان الطفل يتصرف بحرية. الأمر الجيد هو أنه بمجرد أن يفهم الآباء أسلوب شخصيتهم وكيف يؤثر ذلك على سلوك الطفل، يمكنهم اختيار الطريقة الأكثر فعالية للتواصل معه وتصحيح السلوك لاحقا.

لماذا تعتبر "المهلة" مضيعة للوقت؟

"المهلة" من بين الاستراتيجيات الأكثر استخدامًا لتأديب الأطفال ويوصي بها الآباء وأطباء الأطفال والعديد من خبراء الأبوة والأمومة باعتبارها استراتيجية تسمح بتصحيح سلوك الطفل. و"المهلة" هي إرسال الطفل إلى غرفته أو إلى مكان محدد لفترة من الوقت حتى لا يكرر الطفل خطأه ويتعلم الدرس في المرة المقبلة، ولكن للأسف أثبتت التجارب أن الطفل لن يتعلم من خلال استراتيجية "المهلة".

تستخدم المربية استراتيجية "المهلة" بشكل متكرر على أمل تصحيح سلوك الطفل، ولكن يبدو أننا سنشاهد نفس السيناريو يتكرر في الأسابيع المقبلة كأن يرافق الوالد أو المربية الطفل إلى مكان العقاب، لكن الطفل لا ينصاع إلى الأوامر، فيغادر المكان وقد تتكرر العملية دون أن ينفذ الطفل أوامر الكبار، فينتهي الأمر بأن يحصل الطفل على ما يريد ويتواصل الصراع على السلطة بين الطرفين، فالوالد مصمم على إبقاء الطفل في "مهلة" والطفل مصمم على عدم تنفيذ العقوبة، فتصبح "مهمة الوالدين" مراقبة الطفل والتأكد من تنفيذ "المهلة".

"المهلة"

بعد سن الثالثة أو ربما أقل يدرك الأطفال أنهم "كائنات مستقلة" وأن استخدام "المهلة" يزيد من حدة الصراع على السلطة. عندما نحاول "السيطرة على طفل" من خلال إجباره على البقاء في مكان ما، سوف يقاتل بشكل طبيعي برفضه البقاء أو الدخول في نوبة غضب للتأكيد للطرف الآخر أنه ليس رئيسا له.

بعض الأطفال لا يحبذون المقاومة، فينصاعون للأوامر وينفذون "المهلة" للوقت المحدد. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا يتعلمون من هذه العقوبة؟ هل يقضون "المهلة" وهم يفكرون في سوء سلوكهم وكيف سيتصرفون بشكل أفضل في المرة المقبلة؟ الجواب على الأغلب لا، وربما يفكرون على الأرجح في مدى تسلط الوالد أو الوالدة أو من أرسلهم إلى "المهلة"، وربما يخططون للانتقام من الأشقاء الذين تسببوا في محتهم.

غالبا ما تصبح "المهلة" معركة إرادة بين الوالد والطفل. الأهم من ذلك، أنّ هذا العقاب لا يُعلّم الطفل اتخاذ خيار أفضل في المستقبل، وهذا ما نسعى إليه في المقام الأول، لأن الخيار الأفضل ما يهمنا.

ماذا يمكننا أن نفعل بدلا من ذلك؟

هناك عدة استراتيجيات وحلول إيجابية يمكن اعتمادها من أجل سلوك أكثر فعالية بدل طريقة "المهلة".

إحدى الاستراتيجيات التي نوصي بها هي استخدام جزاء أكثر فعالية، والنتيجة هي أن يتعلم فيها الطفل اتخاذ خيار أفضل في المستقبل دون أن يبدو الأب شريرا.

القواعد الخمس

لكي نهذب سلوك الطفل دون أن نظهر كأشخاص سيئين يجب اعتماد القواعد الخمس:

أولا- الاحترام:

هدفنا ليس جعل الطفل يعاني، وإنما عليه تعلم اتخاذ خيار أفضل في المستقبل. عندما ينتقد الوالد أو يعاقب الطفل، فهذا الأخير يركز على "الحماية الذاتية"، وليس على التعلم مستقبلا. النتيجة الفعالة هي تعليم الطفل نوعا من الاحترام.

ثانيا- إدراك السلوك السيء:

لكي يتعلم الأطفال مستقبلا يجب أن تكون النتيجة "منطقية" للطفل ويجب أن تكون مرتبطة بسوء السلوك. على سبيل المثال عند رمي اللعاب وتضييعها في البيت، فهذا يفقد الطفل امتياز اللعب بلعبة ما أو عدم إيقاف تشغيل لعبة الفيديو عند الطلب سينجر عنها امتيازات اللعب بالفيديو خلال الأسبوع المقبل.

ثالثا- مراعاة عمر الطفل:

يجب الكشف عن النتيجة للطفل في وقت مبكر حتى يتمكن من الاختيار بين السلوك المناسب والنتيجة. إذا لم يكن يعرف قبل ذلك ماهية النتيجة سيتحول إلى طفل "شرير".

رابعا- التكرار والإعادة:

للتأكد من أن الطفل فهم الدرس، على الوالد أو الوالدة تحضيره جيدا من خلال تكرار النتيجة التي سيترتب عليها فعل شيء ما، لترسخ الأمور في ذهن الطفل.

خامسا- اجعل الطفل مسؤولا:

الآن حاول أن تجعل من الطفل مسؤولا، فهو يعرف القاعدة ويعلم ماذا سيترتب عن عدم اتباع تلك القاعدة والأمر متروك له. يمكنه اختيار السلوك المناسب أو يمكنه اختيار النتيجة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان