لماذا لا يلتزم الكثيرون بإجراءات كورونا رغم التحذيرات وارتفاع الإصابات؟
كتبت- هند خليفة
على الرغم من المناشدات المتكررة لوزارة الصحة والمسؤولين بضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية للحماية من عدوى فيروس كورونا، إلا أن هناك الكثير من المواطنين يتهاونون في الالتزام بتلك الإجراءات من تباعد اجتماعي وارتداء للكمامات، فلماذا هذا التهاون رغم التأكيد على أنها عامل أساسي للوقاية من العدوى؟ وما هي عواقب ذلك؟
في التقرير استعرضنا آراء بعض المواطنين لمعرفة سبب عدم الالتزام، وتُرجع بسمة أكرم ربة منزل، ذلك إلى أن لديهم حالة اطمئنان غير مفهومة بأن الفيروس غير مميت فالبعض يصاب ويتم شفائه، مشيرة إلى أنهم يتعاملون معه على أنه دور برد عادي يأخذ فترة وينتهي.
وأضافت ربة المنزل أن الموجة الأولى كان التعامل معها أكثر التزامًا لأنه كان هناك حالة من الخوف لدى الجميع، إضافة إلى أنه كانوا في كل مكان يجدون تنبيهات بالالتزام سواء في التلفزيون أو بالشوارع والمواصلات، لكن قلة التوعية أثرت على التزامهم.
على طريقة نيران صديقة أصيب محمد محمود مهندس، بعد نقل العدوى له عن طريق صديقه الذي سلّم عليه وقبّله أثناء لقائهما صدفة، ولم يكن يعلم حينها أن صديقه حاملًا للفيروس، معبرًا عن ندمه الشديد لعدم التزامه بالتباعد، إضافة إلى عدم التزامه بارتداء الكمامة.
وأضاف محمود أن الجميع أصبحوا غير ملتزمين خلال الموجة الثانية من الفيروس، بسبب الإهمال، ففي كل مكان نادرًا ما يجد أحد يرتدي كمامة، إضافة إلى المقاهي واستمرار إقامة الأفراح، فجميع مظاهر الزحام ما زالت موجودة.
ويسجل معدل انتشار فيروس كورونا حالة من التذبذب بين ارتفاع أو نقصان عدد قليل من الحالات، فيتخطى عدد الإصابات اليومية أربعمائة، فبالأمس الثلاثاء تم تسجيل 434 حالة جديدة.
مخاوف من شبح السيناريو الأوروبي
يقول الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إن موجة كورونا الثانية في أوربا يرجع إلى حالة الاستهتار بالتدابير الوقائية، وهو ما وصفه بخطأ جسيم، نقع فيه الآن مع الاستهتار بالكمامة والتباعد الاجتماعي، منوهًا إلى أن ذلك سيتسبب في أن تكون هناك زيادة متوقعة في أعداد الإصابة وتعود الدولة للإغلاق مرة أخرى.
وأوضح بدران لـ"مصراوي" أن هناك حالة من التذبذب في حالات الإصابة اليومية بكورونا في مصر، وما زال الوضع تحت السيطرة، لكن من الممكن عودة تسارع وتيرة العدوى في حالة الاستهانة بالفيروس وبالتدابير الوقائية، وذلك في صورة التزاحم بالأسواق والمحلات وغياب التباعد في المقاهي، وعدم ارتداء الكمامات خلال التجمعات، فضلًا عن عودة الشيشة حيث بدأت روائح تبغ الشيش في الانتشار، ما يزيد من معدلات انتشار كورونا والفيروسات التنفسية، ويقلل مناعة المواطنين.
تدني الوعي يهدد الوضع
وأضاف أن تسارع وتيرة العدوى بسبب تدني الوعي الجماهيري بمخاطر "كوفيد 19"، في ظل انخفاض درجات الحرارة وانخفاض الرطوبة، اللذان يزيدان من فترات بقاء الفيروسات في البيئة على الأسطح أكثر من الصيف، ما يزيد من فرص انتقال الفيروس بين المواطنين.
وأرجع بدران السبب وراء شراسة الموجة الثانية في أوروبا إلى الاستهانة بالفيروس، مشددا على أنه لا داع لتكرار أخطاء الأوربيين، خاصة مع تزامن العدوى بالفيروس التنفسي في الموجة الثانية مع موجة أخرى لفيروس تنفسي آخر كفيروس الإنفلونزا، ولذلك فهناك ضرورة أن يتم اتباع التعليمات الصحية أولاً بأول، وتطبيق التدابير الوقائية على مدار اليوم في كل مكان نتواجد فيه.
ونوه إلى أن الفيروس حاليًا ضرب أوروبا بالموجة الثانية، وبمعدلات تتراوح من 100إلى 120 إصابة جديدة في الدقيقة، كاشفًا أن القارة على وشك السقوط في براثن الموجة الثالثة في بداية العام الجديد، خاصة وأن الموجة الثالثة ضربت أمريكا بمعدلات من 140إلى 165 إصابة جديدة في الدقيقة.
ووجه بدران دعوة عاجلة بعدم تجاهل تدابير الوقاية لمنع استفحال كورونا في مصر، مشيرًا إلى أن هناك بعض الأخطاء الشائعة وراء انتشار الموجة الثانية، من بينها:
- الالتزام بارتداء الكمامة أثناء التواجد مع الغرباء فقط.
الالتزام بارتداء الكمامات أمام الغرباء فقط، في ظل أن هناك ملايين من الناس في العالم حالياً مصابون بدون أعراض، ينشرون الفيروس في التجمعات البشرية وهم لا يدرون، و40% من المصابين لا يعانون من أي أعراض.
ويظن البعض أن الفيروس لا يتواجد بين الأصدقاء أو الأقارب أو زملاء العمل أو الجيران أو المشاركين في الأفراح أو العزاء أو الحفلات، لهذا لا يرتدون الكمامات حال تواجدهم معًا.
- التباعد الاجتماعي ليس خارج البيوت فقط
ونوه إلى أنه مع بقاء الناس في البيوت والأماكن المغلقة أكثر في الشتاء بسبب البرد، ينتابهم الشعور بالثقة بأن الفيروس لن يتسلل إليهم من أحد أفراد الأسرة، أو الزائرين، وهذا غير صحيح، موضحًا أن فرص العدوى في البيوت أعلى من الأماكن المفتوحة حالياً، مشيرًا إلى أن 65% من إصابات كورونا بمصر حاليًا حدثت لأفراد لا يخرجون من بيوتهم، و90% من العدوى في أمريكا كانت في أماكن مغلقة.
- الاستخدام الخاطئ للكمامات
ولفت إلى أن البعض يستخدمون الكمامات الطبية أكثر من مرة، مؤكدًا أن كل كمامة تم استخدامها هي ملوثة، وربما يكون قاتلًا، ومشددًا على عدم استخدام الكمامة القماشية إلا بعد غسلها بالماء الساخن والصابون مع الكلور، كما يجب خلع الكمامة حال الدخول للمنزل، لأن عدم التخلص منها بطريقة آمنة، يعرض كافة أفراد الأسرة للعدوى بفيروس كورونا. ونصح باستخدام الكحول الطبي كبديل لغسل الأيدي لانخفاض درجات الحرارة وبرودة الجو.
موجة أشد شراسة عن الأولى
وأكد الدكتور أمجد الحداد، استشاري الحساسية والمناعة، أن عدم التزام المواطنين بتطبيق الإجراءات الاحترازية سيتسبب في ارتفاع منحنى أعداد الإصابات اليومي، ويؤدي إلى أن يزداد الوضع سوءً.
وأضاف الحداد لـ"مصراوي" أن الموجه الثانية من وباء كورونا تختلف كثيرًا عن الأولى وأنها أشد شراسة منها، إذا لن يأخذ الجميع احتياطاتهم، حيث إنها تأتي في فصل الشتاء الذي يشهد نشاطًا للفيروسات التنفسية، متنبئًا أن يكون هناك زيادة في أعداد الإصابة بسبب برودة الجو وعدم التهوية الجيدة للأماكن، ومعبرًا عن تخوفه الشديد من أن ينفلت منحنى أعداد الإصابة ويتسارع في الزيادة.
فيديو قد يعجبك: