ما علاقة الحر بالإصابة بالنوبات القلبية؟
د ب أ-
تتابعت الأرقام القياسية لدرجات الحر في ألمانيا أواخر يوليو الماضي، قبل أن تصل إلى 6ر42 درجة مئوية بمدينة لينغن بولاية سكسونيا السفلى، لتحقق بذلك أعلى رقم تم تسجيله في ألمانيا.
تعتبر مثل هذه الأيام الحارة مجهدة للجسم وستتكرر كثيرا في ألمانيا مستقبلا في ظل التغير المناخي.
أوضح أندرياس تسايهر، رئيس الجمعية الألمانية للقلب، أن التغيرات المناخية ستكون "بكل تأكيد" أحد أكبر التحديات للنظام الصحي خلال الـ 20 إلى 50 عاما القادمة.
والنتيجة: "تزايد في نوبات القلب"، حسبما أظهرت عدة دراسات.
يعتقد تسايهر أن التغيرات المناخية خطر أكبر على الصحة من التدخين، "لأن هذه التغيرات تطال كل السكان"، ولأن الإنسان لا يستطيع فعل شيء إزاء التذبذبات في درجات الحرارة وإزاء الحر، وذلك خلافا لغير المدخنين، على سبيل المثال.
وأشار الخبير الألماني في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إلى أن درجات الحرارة المرتفعة والقفزات الكبيرة في درجات الحرارة ترهق نظام القلب والدورة الدموية لدى الإنسان في وقت قصير، وتؤدي للإصابة بالنوبات القلبية بشكل متزايد.
يوضح تسايهر بمناسبة اليوم العالمي للقلب في 29 سبتمبر الجاري، أن "الحر، وبخاصة التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة، تمثل إجهادا للجسم ونظام القلب والدورة الدموية"، مشيرا إلى أن الجسم يفرز هورمونات خاصة للتعامل مع الإجهاد العصبي، مما يؤدي إلى ضيق الأوعية الدموية وأن يصبح الدم أكثر لزوجة ويصعب تدفقه، ويؤدي معه لارتفاع خطر الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية.
يقول تسايهر: "نرصد حدوثا متزايدا للنوبات القلبية والسكتات الدماغية، وحالات طوارئ في المستشفى في الأيام شديدة الحر".
وأشار تسايهر إلى أن كبار السن ومصابي السكر، بشكل خاص، هم الأكثر تضررا من ارتفاع درجات الحر.
أشارت الكه هيرتيج، أستاذة التغير المناخي والصحة بجامعة أوجسبورج الألمانية إلى أن عددا من الدراسات أوضحت أن ارتفاع درجة حرارة الهواء يؤدي لارتفاع معدلات الوفاة بأمراض القلب والدورة الدموية، وأضافت: "يمكن أن ترتفع معدلات الوفاة بواقع 2 إلى 35 أثناء موجات الحر".
فكيف يمكن للمجموعات المعرضة لهذا الخطر أن تتسلح ضد الحر والقفزات في درجات الحرارة؟
شرب الكثير من السوائل، وعدم إرهاق الجسم كثيرا أثناء درجات الحرارة المرتفعة، مع محاولة البقاء في غرف لطيفة الجو، حسبما ينصح الباحثون المعنيون، بالإجماع.
وفقا للباحثين فإن نوبات القلب لم تعد موجودة رغم ذلك في مناطق العالم التي تسودها درجات حرارة مرتفعة بشكل دائم، مثل منطقة البحر المتوسط، "حيث أصبح الناس هناك أكثر تكيفا مع الحر وتحسن التعامل مع الحر لأنها تعلمت عبر القرون كيفية التعامل مع حر الظهيرة"، حسب كريستيان فيت، استشاري أمراض الرئة، بمستشفى شاريتيه الجامعي في برلين.
يقول هيرتيج إن سكان المناطق التي يسودها الحر في كثير من شهور السنة تكيف سلوكها مع هذا الحر، في كثير من الأحوال، مشيرا في ذلك إلى أن طبيعة بناء المنازل في هذه المناطق تختلف، إضافة إلى أن سكان هذه المناطق يحرصون على القيلولة أثناء الظهيرة.
كما أن درجات الحرارة المرتفعة ثابتة في هذه البلدان، حيث لا توجد قفزات مفاجئة في درجات الحرارة.
وتعتبر الآثار الأخرى للتغير المناخي إرهاقا للصحة، بسبب تذبذب درجات الحر، مثلا، أو الأحداث ذات الصلة بانهمار الأمطار، حسب فيت، خبير التغير المناخي والصحية، والذي أشار إلى أن خطر حدوث العفن، على سبيل المثال، في الشقق والأقبية يزداد مع كثرة هطول الأمطار، مضيفا: "ولكن القضية الأساسية هي الحر، خاصة في المدن"، لأن الجو يكون حارا بشكل خاص في هذه المساحات كثيفة السكان، بسبب أسلوب البناء والمواصلات.
يوضح فيت أن هناك على سبيل المثال اختلافا في درجة الحرارة بين منطقة وسط برلين والمناطق الواقعة في أطراف العاصمة الألمانية، وقال إن هذا الاختلاف قد يصل إلى ثمان درجات مئوية.
ومع ذلك فإن تسايهر يرى أن النقاش في ألمانيا بشأن الحق في العمل من المنزل في أيام الحر أو إعفاء العمال الذين يعملون في أماكن مكشوفة من العمل في الأيام شديدة الحر، أمر مبالغ فيه، "على الأقل في الوقت الحالي".
فيديو قد يعجبك: