عدم تحمل الطعام أسبابه وعلاجه
تتمتع الفاكهة والحبوب الكاملة والحليب بفوائد جمّة للصحة، ولكنها قد تكون أيضاً سبباً لبعض المتاعب الصحية، وذلك إذا لم يستطع الإنسان تحمل بعض محتوياتها، وهو ما يعرف طبياً بعدم تحمل الطعام. ولا يعد هذا المرض خطيراً، وإنما يمكن التعايش معه؛ حيث يمكن للمريض الاستمرار في تناول الأطعمة المسببة للمتاعب ولكن بكميات محددة، بخلاف ما يحدث عند الإصابة بحساسية الطعام.
حساسية أم عدم تحمل؟
وعن الفرق بين حساسية الطعام وعدم تحمل الطعام قالت هيشت، عضو الجمعية الألمانية للتغذية: «عند الإصابة بالحساسية يصدر جهاز المناعة استجابات تحسسية تجاه بعض المواد الموجودة في الطعام، الذي يعاني المريض من حساسية تجاهه، ويقوم بتكوين أجسام مضادة لها، علماً بأن الكميات القليلة من مسببات التحسس تكفي لظهور استجابات تحسسية شديدة وفورية».
أما عند الإصابة بعدم تحمل الطعام، فترتبط شدة الاستجابة الناتجة عن تناول الطعام، الذي لا يقدر الجسم على تحمله، بكمية الطعام نفسها وتختلف أيضاً من حالة مرضية لأخرى.
وتلتقط عالمة التغذية الألمانية بيتينا هالباخ طرف الحديث موضحةً أن أعراض الإصابة بعدم تحمل الطعام تظهر متأخرةً بعض الشيء وتكون أقل حدة من أعراض الحساسية، مع العلم بأنها تظهر غالباً في صورة متاعب بالجهاز الهضمي.
وشددت هالباخ على ضرورة أخذ الإصابة بعدم تحمل الطعام على محمل الجد، محذرةً بقولها: «إذا لم يتجنب المريض تناول الأطعمة التي لا يتحملها، لن يمكنه حينئذٍ التخلص من المتاعب الناتجة عنها بسهولة، وسيزداد الوضع سوءًا».
كما أن الاستهانة بهذا المرض يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بمشاكل صحية عديدة؛ حيث يمكن أن تلحق تلفيات مثلاً بالغشاء المخاطي المبطن للمعدة والأمعاء، ما يؤدي مثلاً إلى الإصابة باضطرابات في امتصاص الجسم للطعام وزيادة القابلية للإصابة بالعدوى وكذلك الإصابة بالتهابات. لذا أكدت هالباخ على ضرورة الانتباه للمؤشرات التحذيرية الدالة على هذا المرض والاستجابة لها على الفور.
وكي يتسنى للمريض اكتشاف نوعية الطعام التي تتسبب له في الإصابة بتلك المتاعب، أوصت الخبيرة الألمانية بتسجيل الأطعمة التي يتناولها يومياً في مفكرة، كما ينبغي أيضاً استشارة الطبيب والخضوع للفحوصات اللازمة لاستيضاح سبب الإصابة بهذه المتاعب على نحو دقيق.
وإذا تم التحقق من الإصابة بعدم تحمل نوعية معينة من الأطعمة استناداً لنتائج الفحص، فيجب حينئذٍ تعديل السلوك الغذائي للمريض بما يتناسب مع قدرته على التحمل. وتضم قائمة المواد التي لا يمكن للجسم تحملها كلاً من اللاكتوز، الفركتوز، الغلوتين والهيستامين.
اللاكتوز
وأوضحت خبيرة التغذية الألمانية مارغريت مورلو أن الأشخاص المصابين بعدم تحمل اللاكتوز (سكر الحليب) يعانون من نقص في إنزيم اللاكتاز الذي يعمل على تفكيك سكر الحليب في المعدة؛ حيث لا يتسنى للمعدة هضم سكر الحليب دون هذا الإنزيم، وإنما يتم تفكيكه من قبل البكتيريا المعوية، موضحةً: «يتسبب ذلك في نشأة غازات بالمعدة والإصابة بنوبات انتفاخ وشعور بالامتلاء وكذلك الإصابة بآلام، مع العلم بأنه من الممكن أن تحدث أيضاً الإصابة بإسهال».
وأضافت مورلو، عضو الجمعية الألمانية للتغذية وعلم الأنظمة الغذائية، أنه يمكن التحقق من الإصابة بعدم تحمل اللاكتوز من خلال الخضوع لاختبار تنفس. وفي حال التأكد من الإصابة بهذه النوعية من عدم تحمل الأطعمة، سيتعين على المريض حينئذٍ عدم تناول الحليب أو منتجات الألبان إلا بكميات محددة.
الغلوتين
قال عالم التغذية الألماني زايتس إن الغلوتين هو نوعية البروتين الموجودة في أغلب الحبوب كالقمح والشوفان والشعير، موضحاً أنه عند الإصابة بعدم تحمل الغلوتين يكوّن جسم المريض أجساماً مضادة يمكن أن تتسبب في الإصابة بالتهاب مزمن في الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء، ما يؤدي إلى عدم إتمام عملية التمثيل الغذائي للأطعمة على نحو سليم.
وأردف زايتس أن هذا الأمر يتسبب في الإصابة بنوبات إسهال وفقدان الوزن وظواهر نقص غذائي، لافتاً إلى أنه يمكن التحقق من الإصابة بعدم تحمل الغلوتين عن طريق إجراء اختبار الدم وعينات الأنسجة.
الهيستامين
أوضحت خبيرة التغذية الألمانية مورلو أن الهيستامين هو أحد المرسلات الموجودة في الجسم، كما أنه يوجد أيضاً في الكثير من الأطعمة كالجبن الناضج مثلاً وكذلك الأسماك. وتحدث الإصابة بعدم تحمل الهيستامين نتيجة نقص الإنزيم المسؤول عن تفكيكه بالجسم والمعروف باسم (ديامين أوكسيديز).
وللتحقق من الإصابة بعدم تحمل الهيستامين، يخضع المريض لحمية غذائية خاصة لتشخيص الحالة. وعند التأكد من الإصابة به، ينبغي على المريض حينئذٍ الالتزام بتناول الأطعمة الطازجة قليلة النضج والتي تحتوي على كميات أقل من الهيستامين.
فيديو قد يعجبك: